وسط قرع طبول الحرب من جديد قرب العاصمة الليبية طرابلس، هددت ميليشيات فجر ليبيا بالهجوم على أماكن تابعة لجيش القبائل، الذي اتهمته بالمسؤولية عن إسقاط طائرة هليكوبتر، كان على متنها عشرات من قادتها العسكريين أول من أمس. وقد شيعت أمس جثامين ضحايا الطائرة بحضور عدد كبير من المسؤولين والعسكريين التابعين للسلطات غير المعترف بها دوليا في العاصمة، حيث أقيمت صلاة الجنازة في ميدان الشهداء بالمدينة. وأظهر تسجيل فيديو لحطام الطائرة تحت مياه البحر، تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، أنها تعرضت ربما إلى عمل تخريبي من الداخل، أو قصفت بصاروخ، حيث انتشرت بقايا الطائرة على عمق 40 مترا بالقرب من سواحل مدينة الزاوية. واضطر محمد حجازي، الناطق باسم عملية الكرامة التي يشنها الجيش الوطني الليبي على المتطرفين، للتراجع عن تصريحاته بشأن مسؤولية الجيش عن الحادث، حيث أعلن أنه خضع لتحقيق من قبل الفريق خليفة حفتر القائد العام للجيش بشأن تصريحات مثيرة للجدل، كان أدلى بها مساء أول من أمس، كما قال المبروك بو عميد، رئيس المجلس الأعلى لقبائل ورشفانة، بأنه «لا صلة لنا بحادثة إسقاط الطائرة»، ودعا في المقابل إلى «تشكيل لجنة مختصة دولية أو محلية للتحقيق في الحادثة، والكشف على مسببات سقوط الطائرة»، وتعهد بأنه في حال «ثبوت ضلوع أشخاص من المدينة بالحادث فإننا سنسلم المطلوبين للعدالة». من جهته، عد فايز السراج، المرشح لتولي رئاسة حكومة الوفاق الوطني: «إن هذه المآسي التي يعيشها شعبنا في الداخل والخارج توجب علينا أن نتكاتف ونتحد لوقف حمام الدم، ونعيد ترتيب أولوياتنا للخروج بالبلاد من أزمتها التي طالت البشر والحجر». وأعرب في بيان وزعه أمس عن أمله في أن «تثني جهود العقلاء وأهل الخير في احتواء الموقف، وضبط النفس انتظارا لتحقيقات تنجز بشفافية ونزاهة». وأعلن الجيش الموالي لسلطات طرابلس أن المنطقة الممتدة من جسر الـ17 غرب العاصمة، وحتى شرق مدينة الزاوية، تعتبر «منطقة اشتباكات» اعتبارا من أمس، مشيرا إلى أن هذه المنطقة ستمتد جنوبا حتى قدم الجبل، داعيا المواطنين إلى أخذ الحيطة والحذر، والابتعاد عن المنطقة حرصا على سلامتهم. كما دعا جميع الوحدات العسكرية بمنطقة طرابلس والمنطقة الغربية وكتائب الثوار إلى الالتحاق بوحداتها للتصدي، وتأمين الطريق الساحلي من جسر الـ17 وحتى بوابة الصمود بالزاوية، مشيرا إلى أن هذا الإجراء يأتي تنفيذا لأوامر رئيس برلمان طرابلس غير المعترف به دوليا، القائد الأعلى لجيشها نوري أبو سهمين، ورئيس ما يسمى بحكومة الإنقاذ خليفة الغويل بشأن إسقاط الطائرة، التي زعم أنها إحدى طائرات الإسعاف الطائر، وأنها كانت في مهمة لنقل أموال إلى المصارف العاملة في المنطقة الغربية. من جهتها، قالت رئاسة الأركان العامة لجيش طرابلس في بيان لها، إن الطائرة العمودية مخصصة للإسعاف وتستعمل في نقل المواد والأشخاص من المنطقة الغربية إلى العاصمة طرابلس، مشيرا إلى أن الطائرة نقلت أموالا من طرابلس إلى المصارف بالمنطقة الغربية، وأقلت في طريق عودتها بعض القادة العسكريين وموظفي المصارف. وتابعت موضحة أنه «أثناء مرورها فوق منطقة الماية تمت الرماية عليها من قبل مسلحي ما يسمى بجيش القبائل المتحالفين مع بقايا النظام السابق». وقرر رئيس حكومة الإنقاذ الوطني خليفة الغويل تشكيل غرفة أمنية تحت اسم «غرفة تأمين الساحل الغربي» بهدف تأمين الطريق الساحلي من المدخل الغربي للعاصمة طرابلس إلى معبر رأس جدير الحدودي مع تونس. وطبقا لنص القرار، فإن الغرفة ستخضع لإشراف الغويل ومندوبين من الجيش الليبي، وإدارة الأمن المركزي وأمن المعلومات وجهازي المخابرات العامة والمباحث العامة. في المقابل، طالبت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، جميع الأطراف بممارسة أقصى قدر من ضبط النفس، والامتناع عن أي أعمال من شأنها أن تصعد التوتر. وقالت البعثة في بيان لها إن المنطقة الواقعة غرب طرابلس شهدت فترة من الهدوء النسبي في الأشهر الأخيرة نتيجة لجهود وقف إطلاق النار والمصالحات المحلية. ودعت القادة المحليين وأصحاب النفوذ على الأرض إلى العمل فورًا على منع تصعيد التوتر، كما دعت السلطات المعنية إلى فتح تحقيق شفاف ومفتوح لتحديد سبب تحطم المروحية، وحثت كافة الأطراف على إعلاء المصالح الوطنية العليا لليبيا فوق كافة الاعتبارات الأخرى.