عبدالعزيز محمد الروضان ما من دولة في هذا النسق الدولي المترامي الأطراف إلا ويعاني ندرة في الكوادر الطبية، وهذه الندرة قد يدركها المواطن اليقظ، ولكن إن غض المريض أو المواطن عن هذه الندرة فإنه لن يغض الطرف عن قصور في نواحٍ شتي في مشافينا.. وهذا القصور ملفت للنظر ولا يتناسب بأي حال من الأحوال مع ندرة الكوادر الطبية والعلاجية، وهذا القصور لا يُرضي ولاة أمرنا ولا القائمين على هذا المرفق الحيوي المهم. وإذا كان المريض وذووه يغضون الطرف عن القصور المتأتي من ندرة الكوادر الطبية فإن المريض لا يمكن أن يغض طرفه عن انعدام أمورٍ لابد من توفرها، وإن هذه الأمور وجودها يساعد على شفاء المريض ورضا ذويه.. ومن تلك الأمور التي يطالب المريض بوجودها في مشافينا ما يلي ذكره: أولاً/ بيئة مشافينا تعاني غياب الرفاهية في هذه المشافي فرفاهية المشافي تساعد المريض على الشفاء السريع، والرفاهية التي أنا بصددها هو أن يكون المشفى واسعاً بالنسبة للغرف والممرات وأن تكون الغرف ذات بيئة تتسم بالرفاهية التي هي من عوامل شفاء المريض لأننا نشهد غياباً واضحاً في ذلك فمشافينا تفتقر إلى مثل ذلك الأمور كوجود الحدائق والزهور والأشجار وهناك دراسة غربية انبثق عنها أن المشافي المحاطة بالحدائق والزهور يكون تشافي المريض فيها سريعاً. ثانياً/ إن من تلك الأمور التي يطالب بها من تضطره الظروف للذهاب إلى المشافي هو اهتمام الطبيب والمعالج بالمريض وعدم تجاهل حالته.. إننا نشاهد أن الأطباء يتجاهلون حالة المريض ويكونون في حالة استرخاء بعيدين عن أجواء حالة المريض!! لأن الأطباء من كثرة مزاولتهم لهذه المهنة فهم قد تعودوا على العيش في مثل هذه الظروف.. لذا يجب على الطبيب المعالج أن يتعايش مع ظروف المريض الذي يعيش في حالة لم يشهدها قبل ومن ثم يجب أن ينزل الطبيب حالته على حالة المريض، وكثير من المرضى الذين تغيب آمالهم في الأطباء عندما يشاهد المريض استرخاء الطبيب وكأنه لا يبالي بحالته. ثالثاً/ ضعف الكوادر الطبية لاسيما غير الوطنية لاسيما في الرعاية الصحية الأولى وهذا متأتٍّ من جلب هذه الكوادر عبر جهة لا تتبين فيها مستوى هذه الكوادر، وإذا كنا نغض الطرف عن الكم فإنه لا يمكننا أن نغض الطرف عن الكيف بأي حالٍ من الأحوال. رابعاً/ إن من أسباب تدني الخدمات الطبية المقدمة للمريض هو إهمال الجوانب النفسية عند المريض من قبل الكوادر الطبية المعالجة، إن أكثر الأمراض يكون منشؤها أسباب نفسية عند المريض وما اعتلال جسد هذا المريض إلا سبقه اعتلال في النفس أولا. إن الاهتمام بالجوانب النفسية عند المريض هو العلاج بذاته وما سوى ذلك أشياء ثانوية. إن حبة دواء يقدمها الطبيب للمريض ليست بشيء أمام رفع معنويات هذا المريض أو ذاك. إن الدول المتقدمة في الأمور الصحية أدركوا سريعاً أن الاهتمام بالجانب النفسي للمريض هو الشفاء بعينه وأن إغفاله هو المرض بعينه!! ولكن كوادرنا الطبية مع الأسف الشديد مازالت في سبات عميق عن هذا المفهوم ولم يدركوا بعد أن شفاء النفس هو شفاء للجسد وإن الاهتمام بشفاء الجسد إذا قُدِّم على شفاء النفس هو كالذي يضع العربة أمام الحصان. خامساً/ إن غياب وسائل الترفيه المباح هو أمر ذو أهمية ويتأتى هذا عبر قنوات تليفزيونية تبث لغرف المرضى، كما يقدم في هذه القنوات التليفزيونية أمور تبين قدرة الله على شفاء المريض وأنه ما من شيء يعجزه وأن من يثق بذات الله على الشفاء وما مشرط الطبيب وحبة دوائه ما هما إلا أسباب يقدمها الطبيب لمريضه منطلقاً من قول أبي الطب «بقراط» نحن الأطباء نعالج والله وحده هو الشافي وأن جهود الأطباء ماهي إلا قطرة ماء في بحار الأرض أمام قدرة الله فهي التي يعول عليها في طلب المريض للشفاء. إن وجود مثل هذه القنوات التليفزيونية تساعد المريض على قضاء وقته في المشفى وهو بعيد عن صراع المرض وصراع النفس الذي يقوض أركان الشفاء.. فاذا وجدنا مثل هذه الأمور مجتمعة أو منفردة في مشافينا فإني على يقين تام أن المريض لن يكون في بؤس وهو يعيش قدرة الله وعظيم جلاله. سادساً/ أن تزرع الكوادر الطبية في قلب المريض الأمل وغرس التفاؤل وذلك عبر الدعاء والابتهال إلى الله وأن يد الله حانية رحيمة وما المرض إلا عون للمريض على اكتساب لطف الله، وحتى يبقى المريض في تماس مع الله في الرخاء والشدة والتماس مع الله وقدرته يبقى على نعمة موجودة ويجلب نعمة مفقودة، سلم الله الجميع..