استمع عثمان النمر تملك إسرائيل قدرة على الكذب والتزوير والاختلاق والتلفيق وقلب الحقائق، بشكل لا يضاهيها فيه أحد، لأن الكيان الصهيوني نفسه لا يقوم إلا على هذه الأسس. لم تكن كذبة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول مسؤولية الفلسطينيين عن المحرقة النازية إلا فرية كبرى واختلاقاً للوقائع وتلفيقاً وتزويراً للحقائق التاريخية. وهذه الكذبة البلقاء ليست جديدة على رئيس حكومة الكيان الذي أدمن هذا النوع من الكذب والاختلاق من دون أن يطرف له جفن. بل تدرب جيداً على إطلاق مثل هذه التلفيقات لإقناع العالم بها. المستشارة السياسية الإسرائيلية داليا شايندلين روت عن زميل لها تغدى مع نتنياهو الذي طلب همبرغر وبطاطس مقلية على الطريقة الفرنسية رغم أن الأطباء نصحوه بالامتناع عن مثل هذه الأطعمة بعد إزالة جزء مسرطن من أمعائه الغليظة في 2008، وعندما دخلت زوجته سارة عليه وضيفه احتدت غضباً لمخالفته تعليمات الأطباء، لكن نتنياهو نظر إليها من دون أن يطرف له جفن مقسماً أنه لم يقرب هذا الطعام الضار بصحته. وقال الراوي إنه كاد أن يصدق كذب السياسي الإسرائيلي على زوجته لأنه أدى دور الصادق البريء ببراعة يحسد عليها. نتنياهو مغرم بصورته وبكلماته المنتقاة المضللة ليتصدر عناوين الصحف الإسرائيلية، ولتحقيق أهداف انتخابية محضة. وهو لا يبالي حين يطلق الكلمات والمواقف، إن كانت صادقة أو قابلة للتمسك بها، لكنه عادة ما يسارع إلى إصدار توضيحات وتقديم تفسيرات وتأويلات مخاتلة. وطوال أربع فترات تولى فيها منصب رئيس الوزراء أطلق كماً لا حصر له من التصريحات المتضادة من دون أدنى إحساس بالتناقض أو جرح الصدقية، وعندما ينتقد على تضاربه يسارع إلى انتزاع شرعية أي نقد ضده بعدوانية قصوى. عارض نتنياهو اتفاقيات أوسلو منذ البدء لأنها لم تضمن الحدود الآمنة ل إسرائيل، والحدود الآمنة في مفهومه هي السيطرة العسكرية على كامل الجولان والأراضي الفلسطينية (عارض الانسحاب من غزة) ووادي الأردن. وفي نسخة أخرى أيّد قيام دولة فلسطينية منزوعة السلاح على أن تحتفظ إسرائيل بالمستوطنات في الضفة الغربية وضمان نموها الطبيعي سكانياً وأن تكون القدس عاصمة موحدة للكيان. وأدعى نتنياهو أنه يؤمن بالمفاوضات والحلول السلمية لأن إسرائيل دولة ديمقراطية لا تؤمن بالعنف، لكنه يقول في الوقت نفسه إنه لا يؤيد دولة ثنائية القومية، وإن على إسرائيل أن تسيطر بالكامل على الأراضي (من دون نسبتها حتى إلى فلسطين). ويقول أيضاً إنه لا توجد عصا سحرية لحل النزاع مع الفلسطينيين، وإنه إذا سئل ما إذا كان علينا أن نعيش وبيدنا السيف إلى الأبد، فسأقول نعم. ثم يبتكر طريقة جديدة للتملص من المفاوضات بالقول نحن لا نوجه المسدس إلى رؤوسنا.. هذه هي الطريقة التي تجري بها المفاوضات. ويعتبر التهدئة مع حماس موافقة إسرائيلية على إعادة تسليح الحركة. نتنياهو سريع الركض حتى لا يمسكه أحد وهو يكذب. وعندما أكد المؤرخون والأكاديميون أن السياسي الكذاب اختلق فرية تحريض مفتي فلسطين الحاج أمين الحسيني للزعيم النازي هتلر بإبادة اليهود، لأن لقاء الحسيني وهتلر تم بعد خمسة أشهر من بدء المحرقة سارع نتنياهو للتوضيح أنه لم يقصد أن يحلل هتلر من مسؤوليته عن المحرقة، بل لتوضيح أن زعيم الفلسطينيين آنذاك (الحسيني) حرض على إبادة اليهود حتى قبل أن يكون لفلسطين دولة، وقبل نشوء إسرائيل وقبل احتلال الأراضي الفلسطينية وقبل الاستيطان. أكاذيب نتنياهو وتلفيقاته ليست جديدة بل هي جزء من شخصيته وفي هذه الحال سنرى منه الكثير. Osnim@hotmail.com