واصل رجال الإنقاذ أمس عملياتهم بحثًا عن ناجين محتملين من الزلزال القوي الذي أوقع نحو 350 قتيلا في باكستان وأفغانستان، في مهمة تعقدها تضاريس هذه المناطق الجبلية ووجود حركة طالبان. وحصيلة الكارثة يمكن أن ترتفع مع تقدم رجال الإنقاذ في هذه المناطق التي أصبحت معزولة عن بقية العالم بسبب الزلزال الذي بلغت قوته 7.5 درجات وتسبب بانزلاقات تربة وقطع الاتصالات. في باكستان تمت تعبئة الجيش ووضعت كل المستشفيات العسكرية في حالة تأهب فيما عرضت الهند، المنافسة الإقليمية الكبرى، مساعدتها. والزلزال الذي حدد مركزه في جبال بدخشان النائية في شمال شرقي أفغانستان تسبب بحالة ذعر في بلدة تالوغان الأفغانية حين قتلت 12 تلميذة في تدافع أثناء محاولتهن الخروج من المدرسة. وتم إحصاء غالبية الضحايا في باكستان حيث أوقع الزلزال 228 قتيلا على الأقل بينهم 184 في خيبر باختونخوا وأكثر من 1100 جريح وخصوصًا في شمال غربي البلاد بحسب هيئة إدارة الكوارث الطبيعية. وأعلن مسؤولون أمس أن مروحيات الجيش الباكستاني وصلت للناجين في مناطق جبلية بعد 24 ساعة من وقوع الزلزال في المنطقة، ولكن يخشى أن الآلاف ما زالوا محاصرين في المناطق التي يتعذر الوصول إليها. وجاء في بيان أن الجيش نقل أطعمة وأدوية لمنطقة شيترال، كما نقل المصابين للعاصمة إسلام آباد في أول مهمة إنقاذ منذ كارثة أول من أمس. وقال وزير الإعلام برويز رشيد إن حصيلة القتلى وصلت 275 شخصا في باكستان. وأضاف أنه تم تسجيل حالات وفاة أخرى في منطقة مالاكاند الجبلية في شمال باكستان بالقرب من الحدود الأفغانية. وقد لقي نحو 80 شخصا حتفهم في شرق أفغانستان، جراء الزلزال الذي ضرب منطقة كبيرة من طاجكستان إلى نيودلهي بالهند، وبلغت قوته 5.7 درجة على مقياس ريختر. وحضت حركة طالبان الأفغانية الثلاثاء المنظمات الإنسانية على «عدم ادخار أي جهد» في مساعدة المنكوبين جراء الزلزال الذي ضرب شمال شرقي وشرق أفغانستان، طالبة من المتمردين إغاثتهم أيضًا. وقال مدير الوكالة الأفغانية للأوضاع الطارئة ويس بارماك إن ولاية بدخشان (شمال شرقي) النائية، التي أصبحت في الأشهر الماضية أحد معاقل التمرد هي «الأكثر تضررا». كما أن ولايتي كونار وننغرهار اللتين تضررتا أيضًا جراء الزلزال تعتبران معاقل قديمة لحركة طالبان على الحدود مع باكستان. ويثير وجود حركة طالبان مخاوف لدى بعض المنظمات غير الحكومية بسبب انعدام المعلومات حول الوضع الأمني. وقال مسؤول في منظمة غربية: «ليس لدينا أي شخص في المكان لإعطائنا توضيحات حول الوضع الأمني». لكن في رسالة نشرت على الإنترنت دعت حركة طالبان مواطنيها من ذوي النية الحسنة والمنظمات الخيرية إلى عدم ادخار أي جهد لتقديم المواد الغذائية والمساعدة الطبية للمنكوبين. وأضافت أن «المجاهدين سيقدمون أيضًا مساعدتهم غير المشروطة للضحايا وسيسهلون عمل المنظمات الخيرية». وقال رئيس بلدية بيشاور (شمال غربي) أرباب محمد عاصم أن «الكثير من المنازل والمباني انهارت في المدينة». وقالت امرأة أخرى اضطرت للخروج من منزلها في إسلام آباد حيث تصدعت بعض المباني: «كان الأمر رهيبا، اعتقدنا أننا في عام 2005» وكانت باكستان شهدت قبل عشر سنوات في 8 أكتوبر (تشرين الأول) 2005 زلزالا مدمرا بقوة 7.6 درجة حدد مركزه على بعض مئات الكيلومترات من زلزال الاثنين وأوقع أكثر من 75 ألف قتيل. لكن مركز الزلزال كان حينها أقل عمقا مما جعل الهزات أكثر تدميرا وقد عاد رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف إلى باكستان أمس بعد زيارة إلى الولايات المتحدة وأعلن أن الحكومة ستعلن قريبا خطة تحرك ثم قام بزيارة إقليم خيبر باختونخوا. وقال مسؤولون في نيودلهي إن أربعة أشخاص على الأقل لقوا حتفهم في أودية الهيمالايا الهندية بالقرب من الحدود مع الصين وباكستان. وقال رئيس وزراء باكستان نواز شريف في مالاكاند، حيث يشرف على جهود الإنقاذ إن مزيدا من المروحيات العسكرية والطائرات سوف يصل إلى المناطق التي تعذر الوصول إليها. وقال أحد المسؤولين إن هيئة الطرق الوطنية أرسلت معدات ثقيلة لفتح طريق سريع رئيسي يربط بين باكستان وجارتها الصين. وقال مستشار الحكومة الإقليمية مشتاق غاني إنه يجرى علاج أكثر من ألفي شخص في مستشفيات بالإقليم الواقع شمال غربي البلاد. وأضاف أن أضرارا لحقت بما يقرب من 2500 منزل في الإقليم، مضيفًا أن المناطق القبلية بالقرب من الحدود الأفغانية تضررت أيضًا من الزلزال. وفي أفغانستان، قال مولاي حمد الله مسلم، العضو بالمجلس الإقليمي لباداخشان إن السلطات تحاول الوصول للناجين في المنطقة النائية، التي تسيطر عليها جزئيا حركة طالبان. وقد طالبت حركة طالبان أفغانستان وكالات الإغاثة بتوصيل مواد إغاثة للضحايا في المناطق النائية. وقالت إن الحركة «تدعو القرويين الطيبين والمنظمات الخيرية بتوفير أماكن إيواء وأغذية وأدوية لضحايا الزلزال».