شيعت جموع غفيرة بمنطقة نجران ظهر أمس، الشهيدين علي آل مرضمة وسعيد سالم الزقزق، اللذين استشهدا في الحادث الإرهابي بمسجد المشهد بحي دحضة، بمشاركة المئات من وجهاء وأعيان وأهالي وسكان المنطقة، بعد أن أديت الصلاة عليهما، بعد استلام جثمانيهما من ثلاجة الموتى بمستشفى نجران العام. وقدم المشاركون في توديع الشهيدين التعازي لذويهما، ودعوا الله بأن يغفر لهما وأن يسكنهما فسيح جناته، وأن يكتبهما مع الشهداء، وأكدوا بأنهما كانا ضحية لعمل إجرامي، إلا أنهما حظيا بالشهادة في بيت من بيوت الله. وعبر عدد من سكان حي دحضة الذي شهد الحادث الإجرامي وشاركوا في التشييع، عن حزنهم العميق جراء التفجير الغاشم، وقال حسين عبدالله بن ظرفان وصالح بن عبدالله بن دسمة آل سليم ومحمد علي اليامي إن التفجير لم يستهدف أبناء منطقة نجران فقط، وإنما يستهدف أفراد المجتمع السعودي بجميع طبقاته وبجميع مذاهبه، وما هو إلا محاولة دنيئة وبائسة للتأثير على اللحمة الوطنية، مضيفين إن هذا الجرح الأليم هو جرح للوطن عامة، وأبناء منطقة نجران يؤكدون أنهم يفدون الوطن بكل ما يملكون ويجددون الولاء والطاعة للقيادة الحكيمة، وأن أرواحهم ترخص من أجل الوطن، وبينوا أن ليلة التفجير كانت خير دليل على تلاحم أبناء المنطقة، الذين تسابقوا للتبرع بدمائهم، ورسموا أجمل لوحة تؤكد أن مثل هذه الأعمال لن تزعزع ثقتهم في رجال الأمن البواسل. وكانت الجهات الأمنية المختصة قد باشرت أمس الأول إجراءات الضبط الجنائي لجريمة التفجير الاجرامي في حي دحضة بمدينة نجران، حسب ما أفاد به المتحدث الأمني لوزارة الداخلية، موضحا أنه بعد انتهاء المصلين من أداء صلاة المغرب في مسجد المشهد، وعند شروعهم في الخروج من المسجد، أقدم شخص يرتدي حزاما ناسفا بالدخول إلى المسجد وتفجير نفسه بينهم، ما نتج عنه استشهاد أحد المصلين وإصابة عدد منهم ونقلهم إلى المستشفي وتوفى أحدهم في وقت لاحق متأثرا بإصابته. وعلمت عكاظ أن الانتحاري حاول الدخول إلى المسجد الذي يرتاده عدد كبير من المصلين، إلا أن بعضهم منعوه من الدخول وحالوا دون وصوله إلى داخل المسجد، الأمر الذي أجبره على تفجير نفسه. وأوضح رئيس النادي الأدبي بمنطقة نجران سعيد آل مرضمة أن والده علي آل مرضمة استشهد أثناء محاولته منع الإرهابي من الدخول إلى المسجد. وتشير المعلومات إلى أن الانتحاري اختار هذا المسجد لعلمه بأنه يكتظ بأعداد كبيرة من المصلين، ما يعني أنه كان يسعى إلى إيقاع أكبر عدد من الوفيات في صفوف المصلين، إلا أن يقظة بعضهم ساهمت في التخفيف من الخسائر. وضربت الأجهزة الأمنية طوقا حول المسجد المستهدف في حي دحضة. وباشرت عملها لتوثيق الجريمة والوصول إلى أدق التفاصيل عن الإرهابي الذي نفذ العملية، فيما هب المئات من المواطنين والمقيمين إلى جميع مستشفيات المنطقة للتبرع بالدم، مساهمة منهم في إنقاذ حياة المصابين الذين نقلوا إلى أقسام الطوارئ التي شهدت ازدحاما كبيرا في مشهد يؤكد مدى التلاحم والتآخي بين أبناء الشعب السعودي. وتأكيدا على أن هذا العمل الإرهابي لن يؤثر على تماسك ووحدة الشعب، وتحديا للإرهابيين رفع أذان العشاء من مسجد المشهد.