أدينُ، وآلافٌ، بل وملايين غيري من بني العرب، لمَن نسمِّيهم ظلمًا، أو جهلاً بعرب إسرائيل بالإعتذار الشديد! إنهم عربُ البسالة الحقَّة، والصمود الحقّ، لا أؤلئك، ولا هؤلاء! والحاصل أننا تربيّنا وأجيال أخرى بعدنا، أو قبلنا على تسمية الصامدين في القدس والخليل، وغيرهما تارة بعرب إسرائيل، وأخرى بعرب 48، رغم أنّهم أكثر عروبة من كثير، بل كثير جدًّا من العرب، ورغم أن ما حدث في 48 يوازي ما حدث ويحدث للعرب، وفي العرب حتى 2015! كنتُ أشيح بوجهي أمام فتاة مقدسيّة جاءت إلى القاهرة للدراسة في جامعة خاصّة، فلمَّا سألتُها وهي تتحدَّث عن معنى الوطن: من أين؟ قالت: جئتُ من القدس! والحقُّ أنّني فررتُ من أمامها بعد أن اكفهرَّ وجهي أمام الفتاة الجسورة! والحقُّ أنَّها لم تكن المرة الأولى التي أهين فيها عرب القدس، فقدْ فررتُ قبلها في لندن من سكني في كليبورن؛ لمجرد أن أحد سكانه -وتحديدًا في الغرفة المجاورة «استديو فلات»- كان قادمًا هو الآخر من القدس! لعلّ الفتاة التي فررتُ منها تقود الآن نيابة عنّي، وعن ملايين آخرين مظاهرة للدفاع عن المسجد الأقصى! وما المانع أن يكون أخي الفلسطيني، الذي فررت منه أبًا لشهيد، أو شهيدة هناك في حي المكبّر؟! الآن تذكرتُ رانيا الفلسطينية، وهي تردد: ليس ثمّة مكان يلتقي فيه الإنسان بوطنه وجهًا لوجه سوى ساحة الفداء! وليس ثمة زمان يلتقي فيه الإنسان بوطنه سوى ساحة الأقصى عند صلاة العشاء! ويقولون: عرب إسرائيل! قل هم أكثر عروبةً، وإسلامًا من عرب آخرين، يسكنون بيوتًا عربيّة في عواصم عربية! ويقولون عرب النكبة! قل هم أكثر عزَّةً وكرامةً من عرب آخرين يستمرئون، ويتهاونون مع كل النكبات العربية! ويقولون عرب 48! قل هم أكثر صمودًا وتمسّكًا من عرب آخرين لا يرون هناك مانعًا في ضياع اليمن، وتسليمها لغير العرب، وفي ضياع سوريا، ورهنها بغير العرب، وفي ضياع العراق، وطمسه لصالح غير العرب، وفي ضياع لبنان، وإلحاقه بسوريا بعد أن يستقرّا في حضن آخر غير حضن العرب! ويقولون إنها «شوية لاجئين»! قل لهم: وما رأيكم، بل وما موقفكم من السوريين اللاجئين، والعراقييين اللاجئين، بل والسودانيين اللاجئين، وآخرين يهاجرون، أو يهجَّرون، وآخرين يُشرَّدون! بيننا عرب يستحقون لقب عرب إسرائيل غير الفلسطينيين الصامدين! بيننا عرب يروِّجون لإسرائيل في شوارعهم، وفي صحفهم، وفي قنواتهم.. فإن سألتهم عن موقفهم من اليمن تلعثموا، وإن سألتهم عن موقفهم من الشعب السوري قالوا لك: نخشى على الدولة! قل لهم على الفور: أيّ دولة تقصدون؟! sherif.kandil@al-madina.com