×
محافظة المنطقة الشرقية

تنفيذ المرحلة الأولى لترقيم 4000 منزل في النعيرية

صورة الخبر

من صفات اليمني أنه مثقف، محب للقراءة، يعتز بلغته العربية، ويكتب الشعر بالسليقة، وتنمو في لغته بلاغة عفوية أصيلة، ويأخذ من بلاده ما في صفات الجبل، وصفات الماء، ومن صفاته أيضاً أصالة الكلمة وحكمتها، ونبوغ الأبجدية المتماهية بأرض تعتمر رؤوس جبالها بالغيم، فهو يشتق صوره الأدبية من الطبيعة، ومن الطبيعة يصوغ نصه الإبداعي مجبولاً بروح الإنسان، وقدرته على اجتراح اللغة حتى من الحجر. هذا هو اليمني، أو هكذا يفترض أن يكون.. ولكن ما الذي جرى لهذا الإنسان العربي الجميل في بلد الحكمة والشعر؟.. ما جرى هو كارثة السياسة والسياسيين المتعصبين المتهورين.. أصحاب المغامرات والانقلابات والحكم الفردي.. نعم.. جاء علي عبد الله صالح، ونحن هنا مرغمون على محاذاة السياسي بالثقافي.. جاء هذا الرجل من الكواليس الحزبية، ومحا كل تلك الصفات الجميلة عن اليمني. أكثر من ثلاثة عقود وهو يجلس على كرسي ولا يرى بلاداً ولا شعباً.. والنتيجة وضع ثقافي متراجع ومتدهور، لا مؤسسات عمل ثقافي، لا مسرح، لا فنون تشكيلية، لا معارض كتب، لا مهرجانات ثقافية. لا عمل ثقافياً قائماً على رؤية ومنهج وتخطيط، وكي لا نكون سوداويين = والسوداوية منطقية أحياناً عندما تكون في سياقها الطبيعي= .. هناك شعر في اليمن، ولكن أين الشعراء؟.. ما هي أحوالهم المعيشية والوظيفية والاجتماعية؟.. لا شيء. صفر. ونعم هناك تشكيليون ومسرحيون ولكن تراهم من ثقب الإبرة. وقد يكونون بعدد أصابع اليد الواحدة كما يقولون. تنتعش الحياة الثقافية وتخضرّ وتبدع وتنتج في ظل حياة سياسية عادلة نظيفة مستقرة، وعلى مدى عقود أو سنوات كانت اليمن بفعل سياسة علي عبد الله صالح خاوية من الروح الثقافية، وإن كانت هذه الروح موجودة فهي موجودة بفعل الروح اليمنية الحميمية. أي الوضع الثقافي في اليمن هو وضع أفراد وليس وضع مؤسسات.. ومن أين لهذه المؤسسات أن تظهر وتؤدي عملها بآليات إدارية فعلية طالما أن المال اليمني، وعلى أيدي حفنة من السياسيين المغامرين يذهب لتسليح الجيش، ويذهب للحروب والاغتيالات والمؤامرات. نضطر اضطراراً لربط السياسة بالثقافة في حالة اليمن. نضطر إلى الإشارة إلى تعليم مترد ونسبة أمية عالية وجهل وقبلية مسلّحة.. كل ذلك في عهد علي عبد الله صالح الذي في عهده بدلاً من أن تكثر المدارس كثرت الأسلحة، وبدلاً من أن تزدهر المؤسسات الثقافية بأنشطة إبداعية حضارية ازدهرت المؤسسة العسكرية لمصلحة كرسي الرجل الذي لم يعرف عنه أنه كرم أديباً يمنياً، أو تقدم بمبادرة إنسانية تحمي كتّاب ومثقفي بلاده من العوز والفقر والمرض. ما من كلام على الثقافة في اليمن إلا ويتبعه أو يحاذيه كلام على السياسة. هذا هو قدر اليمن.. قدره أن يختطفه رهينة جماعة الحوثي وجماعة صالح تحت مظلة مصالح طائفية مذهبية مرتبطة بما هو خارج اليمن من دون النظر إلى الإنسان اليمني الذي هو الضحية، ومن هذه الضحايا المثقفون، والكتّاب، والفنانون، والأكاديميون. الإنسان اليمني في داخله كائن جميل محب للحياة والثقافة والفن. فمن منّا يمكن أن ينسى شعر المحضار، ومن يمكنه أن ينسى عبد الله البردوني والعشرات من أعلام الأدب اليمني القديم ورجالات الفكر القدامى في بلد الحكمة. كل هذا التراث دمره علي عبد الله صالح وأعوانه وأشباهه وحلفاؤه، من دون رحمة ببلد معروف عنه أصالته وعروبيته وجمالياته الجاذبة للكتابة والفن والإبداع. يوسف أبولوز