عقد مجلس الأمن القومي الروسي جلسة له مساء أمس ناقش فيها الوضع في سوريا. وأعلن ديمتري بيسكوف السكرتير الصحافي للرئيس الروسي أن الجلسة شهدت «نقاشا مفصلا للوضع في سوريا، وكذلك سير عملية القوات الجوية الروسية هناك في دعمها للعمليات الهجومية التي يشنها الجيش (النظامي) السوري، فضلا عن (بحث) الاتصالات الدولية في سياق التسوية السورية». ويجتمع مجلس الأمن القومي الروسي عادة لبحث ملفات حساسة جدا واتخاذ قرارات مصيرية على صلة بالسياستين الداخلية والخارجية لروسيا، حيث سبق أن اتخذ المجلس خلال جلسة له في شهر سبتمبر (أيلول) القرار ببدء العملية العسكرية الروسية في سوريا. ويفرض عقد مجلس الأمن القومي الروسي اجتماعا له يوم أمس الجمعة تساؤلات عدة حول القرارات الحاسمة على جدول أعمال السياسة الروسية التي دفعت إلى انعقاده في هذا التوقيت. في غضون ذلك يتكشف المزيد مما قاله بوتين خلال مشاركته في «منتدى فالداي» الحواري يوم أول من أمس 22 أكتوبر (تشرين الأول)، إذ قال خلال نقاشه مع أحد المشاركين في المنتدى: «سأكشف الستار بعض الشيء عما دار خلال محادثاتي مع الرئيس (السوري بشار) الأسد، سألته: كيف تنظرون في حال وجدنا في سوريا الآن معارضة مسلحة لكن مستعدة للتصدي والقتال عمليًا ضد الإرهابيين وضد (داعش)، وفي حال قدمنا الدعم لجهودها (جهود المعارضة المسلحة) في التصدّي للإرهاب، تمامًا مثلما ندعم الجيش السوري. أجابني الأسد قائلاً: أنظر إلى هذا الأمر بإيجابية» حسب قول بوتين الذي أضاف: «نفكر حاليًا في هذا الأمر ونحاول، إذا تمكنا، من نقل هذا الاتفاق إلى حيز التطبيق العملي». وبالعودة إلى تصريحات أكد فيها لافروف «استعداد روسيا للتعاون مع المعارضة السورية»، وبعد اللقاء الذي جرى يوم أمس الجمعة في فيينا بين وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيره الأردني ناصر جودة، الذي أعلن لافروف عقبه التوصل إلى اتفاق للتعاون العسكري بين عمّان وموسكو في سوريا، يتولد انطباع بأن موسكو تعد للخطوة التالية في سوريا، حيث ستحاول الانفتاح على مجموعات من المعارضة المسلحة، قد تكون فاتحتها من تعاون مع ما يُعرف باسم «الجبهة الجنوبية»، لا سيما في ظل معلومات حول علاقة قوية بين السلطات الأردنية وتنسيق مع مجموعات «الجيش السوري الحر» في جنوب سوريا. في السياق ذاته، وعلى الجانب الروسي يُذكر أن الناطق الرسمي باسم وزارة الدفاع الروسية كان قد صرح منذ أيام أن الطائرات الروسية لا تقصف مواقع «الجيش السوري الحر» ومثالاً على ذلك أشار إلى «القوات في الجبهة الجنوبية». عليه من غير المستبعد أن يكون الاتفاق الذي أشار إليه لافروف حول التعاون العسكري مع الأردن ليس سوى خطوة أولى في إطار التطبيق العملي لما أعلن عنه بوتين في «منتدى فالداي»، وربما يكون هو الأمر ذاته الذي بحثه أعضاء مجلس الأمن القومي الروسي خلال تناولهم للأزمة السورية، والخطوات الإضافية أو البديلة التي قد تلجأ إليها موسكو لخلق واقع يتناسب مع رؤيتها للحل السياسي في سوريا، بالعمل بداية على توحيد جهود جميع القوى على الأراضي السورية في الحرب ضد الإرهاب. في هذا الشأن، أشار مراقبون إلى أن موسكو تطمح إلى توحيد السلاح السوري ضد عدو مشترك من دون إدخال هذا السلاح تحديدًا في تفاصيل المشهد الداخلي، وستعمل في غضون ذلك على تشكيل أطر أو مجالس عسكرية على الأرض تُعتمد مستقبلا كلبنة أساسية في إعادة بناء مؤسسة الجيش السوري، وتوجيه نشاط هذا المجلس في جهود تحريك التسوية السياسية في سوريا. إلا أن المتتبعين لتفاصيل الأزمة في سوريا يستبعدون احتمال نجاح هذه الفكرة ضمن الظروف الحالية. ويقولون: إنه طالما استمرت قوات النظام في قصفها للمدن والقرى السورية، وفي ظل غياب أي وضوح حول التسوية السياسية لن توافق قوى المعارضة المسلحة على الاندماج في مجالس عسكرية مع ممثلين عن قوات النظام، أما مسألة التنسيق مع روسيا ضد «داعش» فهذا أمر آخر، سيتأثر دون شك بتحولات الموقف الروسي من الأزمة السورية، وفق ما يرى المتتبعون للشأن السوري.