توالت ردود الفعل تجاه المجزرة التي ارتكبتها ميليشيات الحوثي وقوات الرئيس السابق علي عبد الله صالح في محافظة تعز التي راح ضحيتها العشرات من القتلى والجرحى من المدنيين، بينهم أطفال ونساء. وطالبت الحكومة اليمنية مجلس الأمن بالوقوف بقوة وبشكل عاجل أمام الجرائم التي وصفتها بأنها «إبادة جماعية»، في حين أعلنت هولندا دعمها لتفعيل دور اللجنة الوطنية المستقلة للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن لتقوم بدورها اللازم. والتقى عز الدين الأصبحي وزير حقوق الإنسان، روبرت بيتري سفير المملكة الهولندية لدى اليمن، أول من أمس، وناقش الجانبان الخطوات المطلوبة لتفعيل دور اللجنة الوطنية المستقلة للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان وأهمية تقديم الدعم الفني والمادي لها لتقوم بدورها المطلوب. واستنكر بيتري العملية الإجرامية التي تعرض لها المدنيون في مدينة تعز، وكذا الحصار المطبق على المدينة، والجرائم الممنهجة التي ترتكبها الميليشيا الحوثية وقوات صالح الانقلابية ضد المدنيين العزل في مختلف المحافظات، مؤكدًا دعم هولندا لأمن واستقرار ووحدة اليمن وشرعيته الدستورية، مشيدًا باستجابة الحكومة للرسالة الموجهة لها من قبل الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون وموافقتها لأي لقاء سياسي لتنفيذ قرارات الشرعية الدولية وعلى رأسها القرار الدولي رقم 2216 لعام 2015. وقال بيتري، إن «استجابة الحكومة للقاء من أجل وضع خريطة طريق تنفيذية واضحة للقرار الدولي هي خطوة إيجابية محل تقدير دولي ودليل على احترام المسؤولية ورفض خيارات الدمار والحرب». وقال إن «مملكة هولندا مستعدة لتقديم دعمها لتفعيل دور اللجنة الوطنية المستقلة للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن لتقوم بدورها اللازم». واتهمت الحكومة الشرعية الحوثيين وصالح بعدم التعاطي الإيجابي مع جهود الحل السياسي، عبر استمرارهم في ارتكاب مجازر بحق اليمنيين. وبحسب مراقبين فإن تصاعد أعمال العنف التي يشنها الحوثيون وصالح قد تعيق الطريق إلى عقد مشاورات سلام، خاصة أن المسؤولين الحكوميين طالبوا باتخاذ الميليشيات خطوات على الأرض لإثبات حسن نيته تجاه المشاورات التي دعت إليها الأمم المتحدة. وقالت الحكومة في رسالة إلى أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون بشأن جرائم الحرب بحق المدنيين في محافظة تعز، إن «الحوثيين وصالح غير جادين في التعاطي مع جهود المبعوث الأممي ومساعيه لعقد مشاورات الحل السياسي والمقرر عقدها نهاية الشهر الحالي». وقال عز الدين الأصبحي في منشور له نشره على صفحة التواصل الاجتماعي «فيسبوك»: «لن نشارك في وفد جنيف، وتعز تقتل بنيران الحقد الميليشياوي المعبأ بجنون الطائفية المقيت التي سنبقى نقاومها ولن ننجر إلى مستنقع صراعها كما يريد هؤلاء القادمون بروح الغزاة المتعطشين للدم وتدمير كل ما هو جميل، لأنني أؤمن بأن الانتماء إلى تعز أكبر من المناطقية والطائفية، منه إلى انتماء إلى وطن أشمل ووعي حضاري ينتمي للإنسان وروحه وتعز تدفع ثمن انتمائها للوطن والمستقبل لهذا يقتلها الحاقدون المحاصرون بروح الجاهلية وتخاذل أسرى الرؤية المناطقية». وأضاف: «لن نتراجع عن مقاومتنا لمشروع الجهل والحقد القادم من أدغال التاريخ الذي يحاصر تعز الآن وسننتصر، ولن نهرب بقرار سهل عبر استقالة ساذجة وعودة إلى الظل وهروب من المسؤولية كما يريد من يقتل تعز الآن، بل سنواجه وعبر كل الجبهات وبكل ما نقدر سياسيًا وقانونيًا وفي خندق المواجهة»، مشيرًا إلى ضرورة البدء «بتوحيد كل جبهاتنا وألا نقع فريسة لأصوات الشقاق والتخاذل والهزيمة، ولا يقهرنا خذلان الأحبّة وعدم إدراكهم لهول الفاجعة ووضوح الحقيقة، فقدر تعز ألا تنتظر، بل تقاوم لتغير قهر قرن من الاستلاب وقرن من الدول العنصرية العميقة». في غضون ذلك، اتهم قائد المقاومة الشعبية في محافظة تعز الشيخ حمود المخلافي اللجنة الدولية للصليب الأحمر بتضليل الرأي العام الدولي حول حقيقة المجزرة التي حدثت في تعز الأربعاء الماضي، وقال إن ما جاء في البيان الصادر عنها أمس (الجمعة) الذي اتهمت فيه طيران التحالف بالوقوف وراء المجزرة، غير صحيح، ويمكن لأي لجنة تحقيق دولية أن تتأكد من حقيقة المتسببين في هذه الجريمة المروعة. وقال أنطوان غراند رئيس بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر باليمن في بيان صحافي، إن «القصف والغارات الجوية أوقعت 22 قتيلاً وأكثر من 140 جريحًا يوم الأربعاء الماضي في محافظة تعز». وقال: «منذ أكثر من ستة أشهر من القتال المتصاعد على الأرض والغارات الجوية والقصف، أصبح الناس في تعز أيضًا يعانون من نقص حاد في المياه والغذاء والكهرباء والغاز والوقود». وأوضح المخلافي أن من قتل المدنيين هم ميليشيات الحوثيين وقوات صالح عبر صواريخ كاتيوشا وتم توثيقها عبر وسائل الإعلام التلفزيونية. وأكد أن «غارات طيران التحالف تتم بالتنسيق مع المقاومة الشعبية، التي ترسل إحداثيات مواقع الميليشيات لقيادة التحالف بشكل مباشر وهي على تواصل معها طوال الوقت». وهاجم المخلافي لجنة الصليب الأحمر، وقال إن «هناك أكثر من 15 صاروخًا سقطت على الأحياء السكنية في تعز، وتم توثيق ذلك من قبل منظمات المجتمع المدني ومراسلي القنوات الفضائية، وقد تم جمع مخلفات الصواريخ ومعرفة مصدرها ومتى انطلقت وقتلت، ويمكن لأي لجنة تحقيق أن تتأكد من ذلك إذا سمحت لها الميليشيات بدخول تعز». وذكر قائد المقاومة في تعز أن الميليشيات تستهدف بشكل مباشر وبصورة لا أخلاقية الأحياء المدنية السكنية لاستغلال ذلك أمام المجتمع الدولي، وقال: «هناك قتل ممنهج للمدنيين، من أجل إيهام الرأي العام المحلي والدولي بأن المقاومة هي من تسببت بذلك، بعد أن فشلوا في تحقيق أي نصر ميداني على الأرض، إضافة إلى محاولتهم الفاشلة لشق الصف بين أبناء تعز ومقاومتهم حيث يقفون صفًا واحدًا ضد الميليشيات الإجرامية». ولفت المخلافي إلى أن القصف العشوائي للميليشيات تركز في مناطق «الروضة، والتحرير، والمدينة القديمة، والشرطة العسكرية، والروضة»، موضحًا أن المقاومة تمكنت خلال يومين من التقدم في أكثر من جبهة وقتلت أكثر من 60 مسلحًا وجرح العشرات من الميليشيات. وعن الحصار المفروض على تعز أكد المخلافي، أن المدينة محاصرة من كل الاتجاهات وتمنع الميليشيات دخول أي مواد غذائية أو مياه إلى المدينة بهدف إجبارها على الخضوع، وقال: «يتركز الحصار في البوابة الشمالية لتعز التي تربطها بمحافظة إب، إضافة المدخل الغربي الذي يربطها بمحافظة الحديدة». وكان رئيس بعثة الصليب الأحمر في اليمن قال إنهم «طلبوا من الأطراف المعنية أن تسمح بإيصال الأدوية العاجلة إلى مستشفى الثورة على مدى الأسابيع الخمسة الماضية، ولكن دون جدوى حتى الآن، وهذه الأدوية أمر بالغ الأهمية لإنقاذ الأرواح». وأضاف: «تمكنا من توزيع مواد غذائية ومساعدات أساسية لبعض النازحين في ضواحي مدينة تعز، ولكن ما زال من الصعب جدًا دخول السلع الأساسية إلى المدينة، مما أدى إلى وضع إنساني مقلق للغاية».