تساءل سياسيون جزائريون في الآونة الأخيرة عن سر تأجيل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة مشروع تعديل الدستور سنتين كاملتين، مع أن حلفاءه درجوا على إعلان مواعيد كثيرة لصدوره، كان آخرها نهاية العام الجاري، فيما يبدو أن الرئاسة لم تعد تعتقد أن ملف تعديل الدستور يُعد مشروعاً جوهرياً في غياب عوامل عدة كانت تدفع الرئيس إليه. وعاد الأمين العام لجبهة التحرير الوطني عمار سعداني (الحزب الحاكم)، للحديث مجدداً عن الدستور المقبل للبلاد، على رغم أنه كان أعلن 3 تواريخ سابقة لتعديل الدستور لم يتحقق أي منها. وتحدث سعداني عن بعض ما يتضمنه الدستور الجديد، مؤكداً أنه سيقلص صلاحيات رئيس الجمهورية لصالح البرلمان كما سيتضمن مواد تجبر الحكومة على المحاسبة والمسائلة أمام البرلمان، ضارباً موعداً لإصداره قبل نهاية السنة. وعاد حزب الغالبية إلى رفع مطلبه بالحصول على رئاسة الوزراء في دستور الجزائر المقبل، فيما يستعد بوتفليقة للمصادقة على المسودة في مجلس الوزراء بعد تسلم رؤساء الهيئة الدستورية لنسخة منها كـ «إجراء بروتوكولي» قبل مصادقة الحكومة ومن بعدها البرلمان بغرفتيه وصولاً إلى المجلس الدستوري. وتبيّن شيئاً فشيئاً أن التعديلات الجديدة لن تمس «عصب النظام»، ما دفع خبراء دستوريين إلى انتقاد التعديلات المسربة، على اعتبار أنها لن تغيّر شيئاً في ممارسات ما يوصف بـ «الدولة العميقة»، بمعنى أنها لا تضفي شفافية على مراكز القرار في البلاد، إذ يظل الرئيس ممسكاً بأغلب الصلاحيات في التشريع والقضاء والدفاع، فيما يستعيد رئيس الحكومة صلاحيات الدعوة إلى انعقاد مجلس الوزراء والمبادرة بتعيينات في أعلى مناصب الدولة. وتحدث رئيس البرلمان الجزائري محمد العربي ولد خليفة عن التعديل المقبل، قائلاً إن «قرار تمرير مسودة تعديل الدستور الجزائري إلى البرلمان بغرفتيه أو الاستفتاء العام من الناخبين من صلاحيات الرئيس عبد العزيز بوتفليقة». وأضاف أن «الرئيس صادق وعازم على أن يحمل هذا الدستور تعديلات حقيقية تتوجه إلى كل المجتمع الجزائري لبناء مستقبل البلد عن طريق ممارسة الديموقراطية الحقيقية». بيد أن البارز في التعديلات المقبلة هو تحديد الولايات الرئاسية بـ2 فقط، أي إلغاء تعديل العام 2008 الذي سمح حينها لبوتفليقة بالترشح لولاية ثالثة ثم رابعة العام الماضي. وتعتبر مؤسسة الرئاسة بموجب الدستور الحالي مركز نظام الحكم، وتركزت منذ عام 2008، تاريخ التعديل السابق للدستور، جميع الصلاحيات في يد الرئيس، وتفيد معطيات بأن مشروع الرئاسة لا يتضمن تعيين وزير دفاع مدني، بينما يجمع في الهيكلية الحالية، رئيس الجمهورية صفة وزير الدفاع بحكم الدستور الذي يعتبره كذلك القاضي الأول في البلاد.