مأرب.. عاصمة مملكة سبأ، أو كما تسمى حديثا مفتاح النصر والتحرير، المحافظة الصادمة التي تقع في وسط اليمن وتمتد إلى الشمال الشرقي من العاصمة صنعاء. وتشكل هذه المحافظة موقعا استراتيجيا في خريطة اليمن وثرواتها التي تغذي المحافظات والمديريات، ومنها انطلق النصر وتحولت إلى مفتاح دخول العاصمة. من صافر كانت الاستعدادات العسكرية لتحرير مأرب، اتجهت أنظار اليمنيين صوب ذلك الحدث والمعارك الطاحنة، نظرا للأهمية التي تتمتع بها مأرب وموقعها الاستراتيجي وحرص الحوثيين على دخولها والاستيلاء عليها، في الوقت الذي احتشدت فيه القبائل لدحر تلك المليشيات والتقدم نحو صرواح غربا والتي تعتبر الحاضنة للمليشيات الحوثية ولا يفصلها إلا 40 كم عن مأرب. استيقظت مأرب بعد تحريرها على أفراح عارمة عمت المنازل وأنستهم ويلات المعارك الطاحنة التي عاشوها قرابة شهرين وحصدت أرواح العديد من الأبرياء وتسببت في إصابة نحو 7 آلاف من المقاومة الشعبية. عادت الحياة في مأرب إلى طبيعتها بعد تطهيرها من مليشيات الحوثي والمخلوع صالح إذ سارع أهالي المحافظة إلى أعمالهم ومصادر دخلهم اليومية. يوضح محافظ مأرب سلطان العرادة أن خطة ما بعد إحكام السيطرة على المحافظة ومديرياتها تمثلت في نشر نقاط تفتيش على المداخل والمخارج لإحكام السيطرة وبسط الأمن وحماية المدنيين من تسلل عناصر المليشيات وبادر الشباب المتطوعون بأعمال المساندة والدعم بالوجود في تلك المواقع. وأضاف «نسعى خلال الفترة المقبلة على تحديد الخسائر للبدء في إعمار مأرب ضمن الخطة العامة للإعمار في مديريات ومناطق الجمهورية ونركز الجهود حاليا على الموارد والاستفادة منها والحيلولة دون وصولها الى الحوثيين ومليشيات المخلوع علي صالح التي تستحوذ على نصيب بلغ نحو 80 في المائة من الإنتاج النفطي لمأرب قبل وصوله الى المواطنين في مديريات اليمن. نبض الحياة التسوق في مأرب أعاد للحركة اليومية بريقها إذ حرص الجميع على إعادة فتح متاجرهم ومزاولة أعمالهم في المحال والطرقات معتبرين أن النصر هو مفتاح عودة الحياة والأمل لمدينتهم متأملين أن يعود الأمل لسائر مديريات اليمن. يقول علي يحيى: متفائلون بالنصر الذي تحقق على يد المقاومة الشعبية والجيش الوطني بدعم وغطاء جوي من قوات التحالف، وحماية مأرب من الاستيلاء والسطو على محالها وثرواتها بعد أن عانت ويلات الحرب والرعب أثناء وصول المليشيات لها. وأضاف: وجودنا اليومي في السوق لأنه مصدر قوتنا اليومي الذي نقتات منه رغم ما حل بنا من خسائر جراء تلك المعارك التي أتت على كل شيء وخلفت قرابة 700 شهيد ومصابين نقلوا الى مستشفيات المحافظة لتلقي العلاج، مثمنا الجهود التي بذلتها المملكة لنقل المرضى والمصابين إلى المملكة لتلقي العلاج وهذا ليس بمستغرب على حكومة المملكة التي وقفت إلى جانب اليمن في محنته والتي تحرص إلى اعادة الأمل والشرعية إلى اليمن قيادة وشعبا. الحياة الطبيعية أما محمد ناجي فيؤكد أن الأمن الذي تعيشه مأرب بعد النصر والتحرير هو ما دفع الجميع إلى فتح محالهم التجارية ومزاولة حياتهم اليومية، رغم الظروف التي أحاطت بهم طوال الفترة الماضية تحت حصار المليشيات التي أوقدت النيران والحزن والمجاعة في المحافظة لكننا نتجاوزها بالتكاتف والصمود في جبهة القتال وفي ممارسة حياتنا الطبيعية وإرادتنا قوية لبناء وطن آمن لا تهزه العواصف المؤقتة التي سرعان ما تنجلي. بيع النفط عمار طفل لا يتجاوز عمره العاشرة يقبع خلف جوالين مملوءة بمشتقات نفطية يقول: استشهد والدي وهو يدافع عن كرامة الوطن لكنه لم يمت سيظل رمزا للأبطال الذين ضحوا بدمائهم من أجل الوطن، أعمل في هذا المكان للحصول على المال وتأمين متطلبات والدتي وإخوتي إذ يتحسن علينا أهالي المحافظة بجوالين البنزين والديزل لأتولى بيعها كون عوائدها المالية سريعة وتسد حاجتنا من المصاريف اليومية. تنفس الصعداء ومن جهته محسن، الذي قسم وقته إلى فترتين يعمل في سوق صباحا وبعد الظهر ينضم للمقاومة الشعبية في حراسة المحافظة، يقول: فترة الحرب كانت عصيبة جدا تقطعت بنا سبل الحياة الكريمة وتشرد البعض وعانى البعض الآخر من عدم توفر الطعام والشراب بعد أن أغلقت المحال تحت تهديد السلاح وزرعت الألغام في المزارع والطرقات، وواجهنا الدمار في المنازل وانقطاع التيار الكهربائي والآن نتنفس الصعداء بعد عودة مأرب لهيبتها، حيث فتحت محالها بتآزر الجميع في موقف للتصدي للغزاة ودحرهم وسنكمل مسيرة المحافظة والحفاظ على ثروة بلادنا من أطماع العملاء الخونة المندسين.