مشهد لم أصادفه في حياتي، ولا أتمنى حقيقة مشاهدته، طلاب ثانوية في مدرسة حكومية نشروا من جديد مقطع فيديو لأحد زملائهم وهو يشاكس المعلم، وأي مشاكسة! مشاكسة لا تصنف تحت أي باب من أبواب العلم والأخلاق ولا تمت للأدب بصلة، استهزاء بالمعلم، ضحك بصوت عال، رقص أمام اللوح في الصف وبطريقة تتنافى مع الرجولة، في حين يغني زملاؤه في الخلف مصورين المشهد، ويتناقلوه حتى وصل إلينا، وما كان على المعلم وقتها إلا الخروج من صف حاشا أن يكون صفاً دراسياً!! نتساءل في أنفسنا؛ التعليم هو التعليم، والصفوف الدراسية هي نفسها تغيرت مبانيها أو لم تتغير، ووظيفة المعلم هي نفسها من سنين مهما تطورت طرائق التدريس وتغيرت الأجيال، ولكن الذي يلفت النظر في تغييره هو سلوك بعض طلابنا وسلوكياتهم التي كنا نعتبرها قديماً سلوكيات نادرة وشاذة لا يمكن تعميمها، لكنها اليوم ساءت واستفحلت لدرجة أننا نخشى أن تصبح ظاهرة! لماذا أصبحت نسبة كبيرة من أبنائنا بهذا المستوى المتدني من الأخلاق الذي لا يقيم وزناً لمعلم ولا إداري ولا حتى لمجتمع؟ لماذا يتمسك بعض الشباب بسلوكيات لا تمت لعادات وتقاليد مجتمعهم ودينهم بصلة؟ أين دور الأسرة، ودور الآباء والأمهات، وأين دور الحي الذي كان الجيران فيه يربون ويوجهون؟ لا ننكر وجود مشاكل في التعليم، وهي مسألة ليست خاصة بالتعليم في الإمارات، بل إنها معاناة كل مجتمع، لكن معاناتنا الأكبر تكمن في مشكلات أخلاقية تعود أسبابها للتنشئة وللأسرة والمجتمع، ولكن إفرازاتها تخرج في الميدان التعليمي تجاه بعضهم البعض وتجاه معلميهم، وتلك مصيبة! لا نريد الاعتياد على سلوكيات طلابية تنخر في المروءة، القضية كبيرة أكبر من ضرب طالب أو إهانة معلم، لذلك لابد من دراسة الأسباب من خلال مركز بحث علمي يختص بالدراسات الاجتماعية لرصد تلك الظواهر السلبية، ووضع الحلول المناسبة، بطاقم من الباحثين المواطنين، على أن يرتبط هذا المركز بمتخذ القرار لأهميته قبل أن نفقد ما نحن متمسكون به من قيم ومبادئ.