أعادت العملية العسكرية التي نفذها الجيش اللبناني مطلع الأسبوع الحالي مستهدفًا عددًا من المسلحين على الحدود الشرقية مع سوريا تحريك الجبهة هناك، التي تشهد منذ فترة حالة من «الاسترخاء العسكري» والميداني فرضتها هدنة الزبداني، في ظل ورود معلومات عن توحيد المجموعات المسلحة صفوفها تحت مسمى «لواء الإسلام» تجهيزًا لمعركة مرتقبة عاجلا أم آجلا. وبإطار عملياته العسكرية الحدودية، استهدف الجيش الاثنين عربة للمسلحين مما أدى إلى مقتل 8 منهم وإصابة 12 آخرين. وقالت مصادر أمنية لـ«الشرق الأوسط» إن طائرة «سيسنا» تابعة لسلاح الجو اللبناني استهدفت على أطراف بلدة عرسال الحدودية شرق البلاد عربة تحمل سلاحا متوسطا خارج أماكن انتشار الجيش قرب مدينة الملاهي. وأوضحت المصادر أن «الجرحى كما القتلى الذين سقطوا نقلوا إلى المستشفيات الميدانية في الجرود وليس إلى داخل بلدة عرسال، مما يدل على أنّهم قياديون في المجموعات المسلحة». بالمقابل، دان الائتلاف السوري المعارض «قيام طائرات حربية لبنانية بقتل عشرة لاجئين سوريين وإصابة آخرين في غارات جوية على منطقة الملاهي في محيط عرسال»، لافتًا إلى أن «الهجوم استهدف لاجئين أثناء قيامهم بقطف الفاكهة من أشجار قرب خيامهم». وحثّ الائتلاف في بيان الحكومة اللبنانية على «فتح تحقيق جدي وشفاف والعمل على وقف الانتهاكات التي يتعرض لها اللاجئون، بما فيها عمليات اختطاف تنفذها جماعات معروفة موالية لنظام الرئيس السوري بشار الأسد». وفيما تؤكد المصادر الأمنية استمرار عمليات الجيش في المنطقة بإطار «مواجهته المفتوحة على الإرهاب»، ترجح مصادر ميدانية أن لا تستمر الأوضاع هادئة على الجبهة كما كانت عليه طويلا، لافتة إلى أن «حزب الله الذي لا يبعد سوى 7 كيلومترات عن المسلحين في تلة العمامة جنوب شرقي عرسال، أصبح باستطاعته استهداف مراكزهم وبشكل تدريجي وممنهج كلما سنحت له الفرصة». وأوضحت المصادر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن هذه المعطيات «دفعت المسلحين لمراجعة حساباتهم بتوحيد صفوفهم وتجميع قواهم تحت مسمى (لواء الإسلام)، الذي وضعوا له هدفا أساسيا يُختصر بحماية السنة في البقاع الشمالي وعرسال والفاكهة والقرى المختلطة في العين وجديدة الفاكهة وصولاً إلى شعت». وقالت المصادر: «منذ ثلاثة أسابيع بدأت المجموعات المسلحة وقوامها نحو الألف عنصر من (داعش) و(جبهة النصرة) و(أحرار الشام) وما تبقى من عناصر من فصائل إسلامية الانضواء ضمن فريق مسلح واحد بهدف توحيد جهودهم القتالية في المرحلة المقبلة وهم يقومون بتعزيز وتحصين مواقعهم وإقامة مراكز جديدة بحفر خنادق بما تبقى لديهم من جرافات». وأشارت المصادر إلى أن «هذه المصالحات بين التنظيمات المسلحة فرضتها المواجهات والإخفاقات الأخيرة أمام الجيش اللبناني في جرود رأس بعلبك وعرسال، وحزب الله في القلمون»، لافتة إلى أنّه «وبعدما كانت منطقة الكسارات ووادي حميد بيد (النصرة) و(أحرار الشام) وجرود رأس بعلبك وجزء بسيط من أراضي عرسال في الجرود الشمالية تحت سيطرة تنظيم داعش، أصبحت مراكز النفوذ بين الأطراف المسلحة مفتوحة أمام الجميع بعد توحيد الصفوف». وأثارت المستجدات الأخيرة على الحدود الشرقية قلق أهالي العسكريين اللبنانيين المختطفين لدى تنظيمي داعش و«النصرة»، وخاصة العملية التي نفذها الجيش مستهدفًا المسلحين، باعتبار أن كل المعلومات تؤكد وجود العسكريين المحتجزين لدى «النصرة» في منطقة جرود عرسال. ووجه حسين يوسف، والد الجندي المختطف محمد يوسف ما قال إنه «نداء إنساني، بعدما حكي أن هناك قصفا على بعض مخيمات السوريين»، مشددًا على أن «أهالي العسكريين لا يرضون بأن يصاب إنسان مدني، كما نخاف على أولادنا ونخاف على كل سوري لا ذنب له». وناشد يوسف أبو مالك التلي، أمير «النصرة» في القلمون، أن «يتعاطى بأمانة وضمير مع الملف كي لا يدفعوا ثمنا لا شأن لهم به». وحمّل الأهالي يوم أمس أمين عام تيار «المستقبل» أحمد الحريري رسالة إلى رئيس التيار سعد الحريري تمنوا عليه فيها «العمل على إنهاء الملف مع قطر ومع تركيا أو أي جهة قد تساعد»، وأكدوا أنه لن تكون لهم خطوات تصعيدية على الأرض في الأيام المقبلة.