وصلتني رسالة على بريدي الإلكتروني من أم مفجوعة تطلب مشورتي تقول: (أستاذة سلوى ابنتي تدرس بالصف الأول متوسط، مجتهدة في دراستها، مطيعة لي ولوالدها، ومواظبة على صلاتها، ذات يوم طلبت مني طلبا غريبا وهو أن أشتري لها جوّالا، فاستغربت خاصة أنها ليست من النوع الذي يهتم بذلك، فسألتها عن السبب قالت لأن زميلاتي في الفصل يردن أن يضعن قروبا في "الواتس" نقوم فيه بحل الواجبات والمذاكرة، ولأني من المعارضات لتخصيص جوّال في هذه السن فقد اقترحت عليها أن تقوم بالانضمام إليهن عن طريق جوّالي، وافقت على مضض وتم تكوين قروب بعنوان "بنات وعلى كيفنا" ورغم توجسي من العنوان إلا أنني لم "أدقق"، لم أفتح القروب أبدا نظرا لثقتي المفرطة بها. بعد مرور ثلاثة أشهر لاحظت تغيرا جذريا في سلوكها، لم تعد تلك الفتاة التي تهتم بدروسها وصلاتها، بدأ صوتها يرتفع عليّ عند النقاش، أصبحت تهتم بمظهرها وتطلب مني شراء أدوات ماكياج لها، وعند الذهاب للسوق كانت تتأنق كثيرا بما لا يتناسب مع عمرها، وأصبحت أصر عليها بمسح الماسكرا والروج قبل الخروج. حجزت موعدا عند مستشار أسري، فأخبرني أن هذه علامات المراهقة والبنت في هذه السن ترغب في فرض شخصيتها وطمأنني، ولكن الأمر زاد سوءا فقد زادت المشاجرات بيننا والتوتر، وزادت مشاويري إلى المدرسة بسبب سوء سلوكها وكثرة مشكلاتها، وأخبرتني المرشدة بأمر كان هو القشة التي قصمت ظهري "بنتك من مشت مع شلة سارة وهي متغيرة، وأزيدك من الشعر بيتا مسوين لهن قروب (يفشل)، أنا صادرت جوّال سارة وشفت فيه والله مقاطع تكسر الوجه، أنا مدري وين أهلهن عنهن، إذا هذي تصرفاتهن في أول متوسط وش راح يسوون بالثانوي الله يهديهن بس" كيف لم أفكر بالعلاقة بين إنشاء القروب وتغير ابنتي؟ هل لأني ربطت الأمر ببداية المراهقة؟ هل هي غفلتي؟ أخبرت والدها بالموضوع فعاقبها ببقائها في غرفتها ثلاثة أيام، وحرمانها أي اتصالات، كانت ابنتي معتادة على مسح كل محادثاتها بالقروب، ولكن حين فتحته في فترة عقابها صُدمت، كانت الصور والمقاطع الخليعة تطفح في القروب، ومغامرات الطالبات مع الشباب في الأسواق، والمقالب التي يعملنها بهم، واتفاق البنات على عمل "دورية" بينهن حتى يأخذن راحتهن، أرجوك ماذا أفعل؟). هذه رسالة الأم التي اختصرت منها كثيرا من التفاصيل. سأكمل الأسبوع المقبل ـــ بإذن الله. وخزة ـــ يقول أوشو: إذا كنت لا تستطيع أخذ زمام تلك المسؤولية فسيأخذها أحد ما بالنيابة عنك .. عندها تبدأ عبوديتك.