منذ انقلاب الميليشيات الحوثية على الشرعية الدستورية - المتمثلة في الرئيس عبد ربه منصور هادي وحكومة الكفاءات برئاسة خالد محفوظ بحاح - بالتواطؤ مع الرئيس السابق علي عبد الله صالح والقوات الموالية له، واليمنيون يعانون من ويلات وتصرفات، يقول البعض إنها خرجت عن التقاليد الدينية والقبلية والاجتماعية. إذ لم يستول الحوثيون على السلطة، فحسب، بل عمدوا، منذ اللحظة الأولى، إلى نهب الدولة ومؤسساتها ونهب المال العام والوظائف العامة والخاصة، بل إن حالات النهب وصلت إلى الممتلكات الخاصة للمواطنين. وتناولت كثير من الأوساط والمنظمات الحقوقية اليمنية عمليات لأموال المواطنين على يد تلك الميليشيات، وأكد مواطنون في محافظة إب، بوسط البلاد، لـ«الشرق الأوسط» أن مديريات حزم العدين، التي تشهد قتالا بين قوات شعبية مناوئة لوجود الحوثيين، من جهة، وعناصر الميليشيات الحوثية، من جهة أخرى، تقوم بنهب وسلب أموال المواطنين ومصوغاتهم وممتلكاتهم الثمينة. فخلال الساعات الثماني والأربعين الماضية، كشف عن قيام عناصر تلك الميليشيات بنهب أحد المنازل، الذي كان يستعد أحد الشباب فيه للزواج، وأخذ عناصر الميليشيات المصوغات والملابس وكل ما غلا ثمنه وخف حمله، وغادروا المنزل بعد أن أصبح سكانه على حافة الفقر. كما تداولت بعض المواقع الإخبارية صورة لأحد القيادات الحوثية وهو يتباهى بنهب جنبية (خنجر يمني) من أحد المنازل في حزم العدين، وتبلغ قيمة تلك الجنبية نحو 6 ملايين ريال، أي ما يعادل، 30 ألف دولار أميركي. وفي محافظة الحديدة تحدثت مصادر لـ«الشرق الأوسط» عن عمليات نهب واسعة النطاق تمت للمؤسسات العامة والخاصة والمنازل التي سيطر عليها الحوثيون بمبررات مختلفة، حيث نهب عناصر الميليشيات الحوثية نحو 50 طاقما عسكريا من إدارات الأمن في مديريات الحديدة، التي يصل عددها إلى ثلاثين مديرية تقريبا، كما جرى نهب أسلحة ومعدات ثقيلة ونقلها إلى المحافظات التي ينتمي إليها عناصر تلك الميليشيات، وبالأخص إلى محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لجماعة الحوثي. وفي هذا السياق، ذكرت وسائل إعلام محلية، أمس، أن أحد القيادات الحوثية قام بنهب معدات معمل بسترة ألبان من محافظة الحديدة، وتبلغ قيمة هذا المعمل مئات الآلاف من الدولارات، حيث قام القيادي الحوثي بنقل المعمل كاملا بعد تفكيكه إلى مزرعة أحد أقاربه في منطقة رصابة بمحافظة ذمار. وإلى جانب عمليات النهب المنظمة للمؤسسات والبنوك وغيرها، تلتهم الميليشيات الحوثية الأموال من اليمنيين عبر إجبارهم على التبرع لما يسمى «المجهود الحربي»، وتحت هذا المبرر يجبر التجار ورجال المال والأعمال وحتى أصحاب المحلات والدكاكين الصغيرة على دفع الإتاوات لعناصر الميليشيات، ولم تكتف الميليشيات بهذا الأسلوب المباشر، بل عمدت إلى استقطاع مبالغ مالية كبيرة من مرتبات الموظفين والموظفات في الجهاز الحكومي، إلى جانب استقطاع مرتبات بكاملها ووقفها عن موظفين عسكريين ومدنيين بحجة دعمهم للشرعية، وبالأخص في المحافظات الجنوبية، هذا عوضًا عن الرسوم التي تفرض تحت نفس المبرر «المجهود الحربي» على كل المشتركين في شركات الاتصالات الهاتفية السلكية واللاسلكية وكل الخدمات التي تقدم لليمنيين. وفي عدن وعدد من المحافظات الجنوبية، أكد مواطنون لـ«الشرق الأوسط» أنهم أثناء المواجهات المسلحة والقصف العشوائي للميليشيات الحوثية وقوات صالح على أحيائهم السكنية، اضطروا إلى مغادرة منازلهم وترك كافة مقتنياتهم الثمينة وذلك للنجاة بأرواحهم، غير أن منازلهم تعرضت للاقتحام والنهب من قبل عناصر الميليشيات وضبطت المقاومة الشعبية في بعض المحافظات والمديريات الجنوبية، عددا من عناصر تلك الميليشيات وهم يفرون من بعض المدن والمناطق وبحوزتهم مبالغ مالية ومصوغات ذهبية وأجهزة هواتف وكومبيوترات محمولة وغيرها. وفي وقت سابق، أكد كثير من المنظمات اليمنية والجهات والشخصيات المعنية أن الميليشيات الحوثية نهبت مئات الملايين من الدولارات من مؤسسات الدولة والبنوك، وفي المقام الأول البنك المركزي اليمني الذي استولى عليه الحوثيون وبداخله ما لا يقل عن 4.2 مليار دولار في مارس (آذار) الماضي، ومؤخرًا بينت الإحصاءات أن الاحتياطي داخل البنك بلغ فقط 1.7 مليار دولار، مع الإشارة إلى أن السعودية دعمت الاقتصاد اليمني بمليار دولار، قبل الانقلاب، كوديعة في البنك المركزي اليمني. وكانت «الشرق الأوسط» تطرقت في تقارير مؤخرًا إلى أن ميليشيات الحوثي وصالح تقوم بترغيب أبناء قبائل شمال اليمن للقتال في صفوفهم من خلال وعود بالحصول على ما يسمى في اليمن «الفيد» ، أو الغنيمة، من مشاركتهم في غزو المدن في جنوب ووسط وغرب البلاد، وفي حرب صيف عام 1994، التي شنها صالح على جنوب اليمن، نُهبت مؤسسات الدولة وأملاك المواطنين ومنازلهم والمصانع وغيرها من قبل قوات الرئيس السابق وتلك التي ساندته في الحرب، وجراء ذلك النهب الذي أفقر المواطنين الجنوبيين ظهرت خلال السنوات العشرين الماضية مظاهر الثراء الفاحش على نخبة سياسية في صنعاء ومشايخ وكبار وصغار الضباط، إضافة إلى نهب الأراضي السكنية والزراعية والمتنفسات في عدن والحديدة، بشكل رئيسي، وذلك عبر عمليات السطو والبسط المباشرة أو عبر عمليات تملك بأوامر مباشرة من صالح. وبينت لجنة خاصة شكلت للتحقيق في هذه القضية أن بعض المقربين من صالح استولوا على مساحات أراضي توازي مساحات بعض الدول. وترى بعض الأوساط اليمنية أن الميليشيات الحوثية وقوات صالح تسببت في أضرار مادية بالغة وأثار نفسية كبيرة لليمنيين، خلال العام الماضي، ويقول بعض المراقبين إن المباني يمكن إعادة بنائها وتعميرها من جديد، ولكن مقتنيات المواطنين التي نهبت لا يمكن أن تعوض، خاصة وأن الميليشيات نهبت مقتنيات شخصية وكسرت تقاليد المجتمع اليمني بالتعدي على خصوصيات اليمنيين واليمنيات، حيث ظهرت كثير من القصص عن نهب صور وأشرطة فيديو لمناسبات عائلية من داخل المنازل.