قبل أن تندلع الحرب في سوريا عام 2011، كان عديد القوات العسكرية السورية بما في ذلك القوات الجوية والبحرية، يُقدّر بنحو 300 ألف. إلا أن هذا العدد انخفض خلال أربع سنوات من الصراع إلى ما بين 80 و100 ألف جندي. وتم دعم جيش النظام السوري بما يسمى «جيش الدفاع الشعبي»، وهو يمثل ميليشيا تدين بالولاء للنظام وتضم ما يقارب 80 ألف مقاتل. وكان كثير من السوريين المؤيدين لبشار الأسد يفضلون الالتحاق بتلك الميليشيا لأنهم يتقاضون فيها مرتبات أفضل من تلك التي يتقاضاها الجنود النظاميون، فضلاً عن كونهم يخدمون فيها ضمن المناطق القريبة من بيوتهم. ويتلقى الأسد الدعم الأكبر من روسيا وإيران، وهما الدولتان الحليفتان الرئيسيتان لنظامه. وحتى الآن، لا زالت روسيا متمسكة بدعمها له من الناحية الدبلوماسية، وسبق لها أن استخدمت حق النقض «الفيتو» لإجهاض كل مشاريع القرارات التي طرحت في مجلس الأمن لإدانة النظام السوري، وقدمت الأسلحة والذخائر للجيش السوري وقواته الجوية. وخلال الشهرين الماضيين، صعّدت روسيا من حملة دعمها للأسد. ويهدف التدخل العسكري إلى زيادة النفوذ الروسي في سوريا على حساب الغرب، وجعل موسكو تمتلك كلمة قوية في أي حل سياسي مقبل للصراع. ويعود تدخل إيران في الصراع السوري إلى عام 2013، وهي التي عمدت إلى تجنيد المليشيات الشيعية وتدريب التنظيمات الموالية للنظام وتقديم مليارات الدولارات كأموال نقدية لإنقاذ الاقتصاد السوري المنهار. وبالنسبة لإيران، تعد سوريا طرفاً أساسياً فيما يسمى «محور المقاومة»، وهو تحالف يزعم أنه مضاد لإسرائيل في الشرق الأوسط. كما أن سوريا تلعب دوراً مهماً في نقل الأسلحة الإيرانية إلى «حزب الله» اللبناني. وقد استقطب الصراع السوري أيضاً تنظيمات وجماعات مقاتلة متعددة المشارب والأصول ومناوئة للنظام، ومن أهمها في الوقت الراهن «جيش الفتح»، وهو ائتلاف من مجموعة تنظيمات مقاتلة تعمل في شمال سوريا، وتنظيم «أحرار الشام» الإسلامي، و«جبهة النصرة» ذات الارتباط الوثيق بتنظيم «القاعدة» بالإضافة لبعض التنظيمات الأصغر حجماً. وهناك أيضاً المعارضة السياسية للنظام المتمثلة بشكل رئيسي في «الائتلاف الوطني السوري» الذي تم تشكيله بحيث يمثل الحكومة السورية الشرعية المقيمة في المنفى. إلا أن هذا الائتلاف أثبت أنه يفتقد قوة التأثير على الأرض السورية، وما لبث أن فقد فاعليته في خضم الصراع الدائر هناك. وكانت قوات المعارضة المسلحة تتلقى الدعم من عدة دول عربية بالإضافة إلى تركيا التي قدمت لها عدة أنواع من الدعم تشمل الأسلحة والأموال والسماح بمرور المقاتلين. وقدمت الولايات المتحدة القليل من الأسلحة للتنظيمات المقاتلة المعتدلة من أهمها صواريخ «تاو» المضادة للدبابات والدروع التي استخدمت بنجاح ضد الجيش السوري المدعوم من قبل الروس في ريف حماه الشمالي. وكانت وكالة المخابرات المركزية الأميركية قد عملت على تنفيذ برنامج لتدريب عدد قليل من مقاتلي المعارضة المعتدلة وزودتهم بالسلاح للقتال ضد نظام الأسد. ثم ما لبثت أن تخلّت عن مشروع أوسع لتدريب وتجهيز نحو 5 آلاف مقاتل سنوياً لمقاتلة تنظيم «داعش». وقد تضافرت جهود العديد من الدول الغربية والعربية لدحر تنظيم «داعش» الذي كان له دور سلبي ساهم في تعقيد الصراع الدائر في سوريا، ومن هذه الدول الولايات المتحدة التي وسعت نطاق عملياتها ضد التنظيم الإرهابي في سوريا، وضمن التحالف المشارك في مواجهة خطر «داعش» أيضاً فرنسا وأستراليا والإمارات العربية المتحدة والأردن والمملكة العربية السعودية، ثم انضمت بريطانيا إلى التحالف وتكفلت بتنفيذ عمليات المراقبة والاستطلاع الجوي باستخدام الطائرات من دون طيار بالإضافة لتنفيذ عدد قليل من الهجمات ضد مقاتلي «داعش». نيكولاس بلانفورد* *محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»