×
محافظة المنطقة الشرقية

النساء تحصد معظم جوائز مهرجان لندن السينمائي 2015

صورة الخبر

< كثير من جيلنا الحالي لا يعرفون الأديب الراحل عبدالعزيز مشري، الذي كان مثالاً حق للمثقف الملتزم والمكافح، ممن عمل وأنتج وأبدع حتى يومه الأخير. وفي رحيله بكته أعين كثير من الأصدقاء والمعجبين والمثقفين. تذكرت مشري عندما كنت أشاهد حلقة من برنامج فويس الذي يعرض في قناة «إم بي سي»، وهو مسابقة يختار فيها المحكمون (وهم الفنانون الأربعة: الفنانة المصرية شيرين، والفنانون كاظم الساهر وعاصي حلاني وصابر الرباعي) المتسابقين الذين يقدمون أغاني لمشاهير يظهرون فيها أداءهم وبراعتهم. تتلخص فكرة البرنامج بأنك لا تشاهد المطرب أو المطربة إلا بعد أن تختاره بناء على الصوت، ومن ثم هناك نوع من الحيادية التي قد تتعاطف بها من قبل فيما لو شاهدت المتسابق قبل أن تختاره، أي أننا وبالذات العرب شرقيين العواطف، فنحرج من عدم اختيار الطفل أو كبير السن أو المرأة أو ذوي الاحتياجات الخاصة. وكثير من أساتذة الجامعات في الغرب وخوفاً من التأثير الشخصي يعمدون إلى تصحيح أوراق إجابات الطلاب من دون قراءة الاسم فيضمن عدالة ضميره. كذلك هناك من يسلم الأوراق إلى أستاذ آخر لتصحيحها، كل هذا خشية الإنحياز غير المحسوس. قبل أن أتحدث عن الموقف الذي حدث في البرنامج نعود إلى أديبنا عبدالعزيز مشري، فقد كان في سنواته الأخيرة يعاني من أمراض مستعصية اضطرته إلى أن يستأصل بعضاً من أعضاء جسده، ومن ثم كانت النظرة إليه نظرة إعجاب مشوبة بحزن وبشفقة أحياناً، بعيداً عن موهبته الأدبية، لذا كان المساس به أو بعمله اعتبره البعض من المحرمات. وهذا ما عمله الناقد المعروف الأستاذ محمد العباس الذي كتب نقداً أدبياً لعمله ذلك الوقت فثارت الدنيا ولم تقعد وكانت الأغلبية تهاجم محمد العباس واعتبرت أن هذا ليس الوقت المناسب، وأنه قسا على مشري، بينما دافع قلة عنه، ومنهم العبدلله كاتب هذه السطور، على اعتبار أن النقد حق لكل ناقد، ما دام أن الأديب يقدم أعمالاً أدبية. في فويس (أي أصوات) تقدم مطرب كفيف من المتسابقين، وبدأ الغناء؛ ولكي يتم انتقاله للمرحلة التالية كان لا بد من أن يختاره أحد الفنانين الأربعة، ولكن للأسف الشديد لم يختاره أحد وعندما واجهوه بمقاعدهم فوجئوا أنه كفيف، وكانت صدمة محرجة. كان لكاظم الساهر لفتة إنسانية جميلة فهو استأذن من المجموعة في أن يغني الفنان الكفيف مواويل عراقية نوعاً من العزاء له، فأداها بشكل رائع أو هذا ما أراه، فاتجه إليه كاظم واحتضنه وقبل رأسه، فبكى الفنان وعندها تقدم الآخرون وعانقوه، وكان موقفاً مؤثراً، ولا أخفيكم إنني وزوجتي تفاعلنا مع الحدث بالدموع، وأراهن على أن من شاهد الحلقة سيتأثر أيضاً. كنت ساخطاً في البداية لعدم اختياره، على اعتبار أنها مرحلة وليست نهائية (أي المسابقة) ظاناً أنهم يعلمون بإعاقته، لكن زوجتي قالت أنهم لا يعلمون، ثم أوضحت (من خلال تخصصها في مجال ذوي الاحتياجات الخاصة) أن تصرفهم أفضل من ناحية عملية، ولمعاملته كالمبصر فهو جزء من التأهيل، فتمريره أو مساعدته لن يكون مفيداً لحالته مستقبلاً، إذا كانوا متيقنين أنه يحتاج إلى تدريبات إضافية. عموماً، أشعر بالسعادة لتقديم ومشاهدة أفكار جديدة، حتى لو كانت تقليداً لبرامج غربية، ففي البداية تصبح الأمور هكذا ومن ثم نخرج عن السائد، وهو ما نلحظه مثلاً في البرامج الخفيفة التي يقدمها نجوم الـ«يوتيوب» الجدد، الذين يتميزون بالإبداع والمواهب الخلاقة، وهم مازالوا في ميعة شبابهم. abofares1@