×
محافظة المنطقة الشرقية

ولي العهد يرأس اجتماع لجنة التحقيق الرئيسة التي شكلت عقب حادثة التدافع بمشعر منى

صورة الخبر

ضمن الأفق الجديد أصبحت الصور حقيقة واضحة وليست كالسراب كما عهدناها.. أضحت لها قيمة إرادية وليست ماهية جوهرية فقط، فمن ضمن هذا الأفق الجديد لا نجد كاتباً عربياً إلا وأخذت الصحراء نصيباً من ذاكرته ومن طابع حياته وسلوكه، فالصحراء تروض العقول وتضاعف جرعات الصبر ولها بعدٌ تأويلي خاص، ولكن تفاجأ الفرد اليوم أن هناك سحبا غائمة في سماء بعض العقول ووقعت في فخ نفي الذات من حيث نفي الآخر، وما هو سوى استنتاج من امتعاض بعض النقاد من التناقضات. إلى عهد قريب كانت الناس تلاحظ بأن تعريفاً كهذا يوسع ميدان البحث حول كثير من الأقوال ومنها هذه المقولة: أنا وأخي على ابن عمي وأنا وابن عمي على الغريب وكانت تُقال في مواقف الفزعة والحميّة وشهامة الأقارب والعزوة المعروفة بين العرب، إلى أن شاهد الجميع قاتل ابن عمه بمساعدة أخيه.. وتجدر الإشارة هنا إلى أن القاتل طبق جزءا من المقولة وترك الجزء الآخر أنا وأخي على ابن عمي ونفذها بالحرف الواحد لولا أنه تعاون مع الغريب على ابن عمه وهذه تعد انتقادات حصيفة حين تعجز عن فهم المعنى والفكر الذي أقدم على إنتاجه بهذه الوحشية والعدائية. فكان محصل العام المنصرم نزعة إرهابية داخلية استهدفت شباب المملكة ولكن جهود وزارة الداخلية المكثفة في مكافحة الإرهاب أحكمت قبضتها على كثير من الخلايا الراكدة وجففت كثيرا من منابعها، وفي مجرى بحثنا عن تأثير بعض الأقوال على الناس ومواقف متعددة من الفهم الغريب لها، لا نملك إلا عزلها عن سياق الحياة وإلغاء وجودها من قاموس ما يستنتجه العقل، وفي قصيدة الشاعر الفلسطيني محمود درويش عبر كثيرة: «أنت منذ الآن غيرك» هل كان علينا أن نسقط من عُلُوّ شاهق، ونرى دمنا على أيدينا.. لنُدْرك أننا لسنا ملائكة.. كما كنا نظن؟ وهل كان علينا أيضاً أن نكشف عن عوراتنا أمام الملأ، كي لا تبقى حقيقتنا عذراء؟ كم كَذَبنا حين قلنا: نحن استثناء! أن تصدِّق نفسك أسوأُ من أن تكذب على غيرك! أن نكون ودودين مع مَنْ يكرهوننا، وقساةً مع مَنْ يحبّونَنا - تلك هي دُونيّة المُتعالي، وغطرسة الوضيع! أيها الماضي! لا تغيِّرنا.. كلما ابتعدنا عنك! أيها المستقبل: لا تسألنا: مَنْ أنتم؟ وماذا تريدون مني؟ فنحن أيضاً لا نعرف. أَيها الحاضر! تحمَّلنا قليلاً، فلسنا سوى عابري سبيلٍ ثقلاءِ الظل! ومن الأمور المحزنة والمؤسفة أن هذه الجماعات الإرهابية تستهدف المسلمين لقتل بعضهم بعضا، وتنشر الفرقة بينهم والتشكيك في مقاصدهم، وتعمل على فصلٍ عمقي للنفوس عن واقعها، وتجردها من مبادئها وقيمها، وتخرج من كونها البشري إلى نوع وحشي يهدم الجانب الطبيعي ليشكل قوة شيطانية لا تنتمي إلى الأديان السماوية تشتق لها جمهرة من المتشردين ذهنيا. لقد ظل الدين الإسلامي يذكر هؤلاء الخوارج في مواقع كثيرة منذ عهد الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه، وقد وضع الخليفة علي بن أبي طالب رضي الله عنه منهجا قويما في التعامل مع هذه الطائفة، تمثل هذا المنهج في قوله للخوارج: ألا إن لكم عندي ثلاث خلال ما كنتم معنا: لن نمنعكم مساجد الله، ولا نمنعكم فيئاً ما كانت أيديكم مع أيدينا، ولا نقاتلكم حتى تقاتلونا.