×
محافظة المنطقة الشرقية

إعصار «كوبو» يضرب الفلبين والآلاف يفرون من منازلهم

صورة الخبر

عندما كنت صبيا أبيع على البدو التمر والحبوب والبهارات في دكان والدي رحمه الله بحي جرول بأم القرى كنت أسمع بعض أولئك البدو يصف بعض من يعرفهم بقوله: فلان مطيور! فيرد عليه صاحبه قائلا: أي والله إنه مطيور! ولما شببت عن الطوق عرفت معنى ذلك الوصف البدوي ورأيته في حياتي ماثلا أمامي خلال تعاملي اليومي مع بعض الناس الذين يمكن إطلاق صفة مطيور على الواحد منهم بلا تردد لأنهم فعلا كذلك! ولعل أصل الكلمة جاءت من الفعل طار أو من اسم الطير، لأن صاحبها يطير في العجة وليس من خلقه التأني، والأناة كما جاء في الأثر النبوي صفة من صفتين يحبهما الله ورسوله والثانية هي الحلم الذي يعتبر الصبر وسعة الصدر جزءا لا يتجزأ منه. ويصبح الإنسان مطيورا إذا كان من الذين يقاطعون حديثا بين شخصين بمجرد دخوله عليهما فجأة لأنه يرى أن من حقه عدم الانتظار ولو لدقيقة حتى يفرغا من حديثهما أو يلتفتا إليه ليقولا له تفضل.. هات ما لديك فلا صبر لديه على الانتظار لأنه ملول قلق لا ترتاح الكلمات في صدره حتى ينثرها على من حوله شاء من شاء وأبى من أبى! ومن صفات مطيور أفندي أنه سريع الحركة يدخل مسرعا ويخرج مسرعا وقد يؤذي نفسه أو من حوله أومن أمامه وهو منطلق «كالمرجل» كأنه مركبة عنيفة خارجة من شارع فرعى إلى شارع رئيسي فإذا شاهده الناس وهو على تلك الحالة أنشدوا قائلين: جالك المطيور وخر عن طريقه! وإذا صحبت مطيورا أو صاحبك فلا بد أن تحتفظ معه بهدوء أعصابك لأنك إن جاريته أرهقك وأصبح لدينا مطيور آخر، فإن قال لك: هيا .. قمنا، فاسأله .. إلى أين ولماذا الآن ولم لا يكون قيامنا بالمهمة مساء بدل أن يكون وقت القيلولة، فإن أبى إلا امضاء رأيه فدعه حتى يكون مطيورا لوحده فلا تتهم من قبل من لا يعرفك أنك أصبحت مثله في الخفة والطيران! ومن أسوأ صور المطيورين في الآونة الخيرة بعد اختراع كاميرات الجوال ومشتقاته أن بعضهم إذا ما شاهدوا في الخط السريع حادثا مروريا، فإنهم يتوقفون على جانب الخط زرافات ووحدانا ويركضون باتجاه موقع الحادث وقد أخرج كل منهم جواله وأخذ يصور المصابين وهم يتلوون وجثث الموتى وحطام المركبات حتى يعرقل تجمعهم حركة الاسعاف ومهام رجال المرور، فإذا انصرفوا من الموقع جذلين بما استطاعوا التقاطه من صور الضحايا فإن بعضهم قد يعرض نفسه لأخطار جمة عندما يقطع الخط السريع راكضا -وثوبه في فمه- فتلفحه سيارة مسرعة فيكون التراكض حوله هذه المرة ممن سلموا من الدهس وخيرهم من يناديه وهو يتحشرج قائلا: قل أشهد أن لا إله إلا الله! وعندها يصبح ذلك المطيور في خبر كان وينطبق عليه قول الشاعر أبي الحسن التهامي وهو يصف الدنيا وحوادثها: بينا يرى الإنسان فيها مخبرا حتى يرى خبرا من الأخبار!! أما أسوأ المطيورين فهم الذين إن اطلعوا على خبر ملفق أو معلومة مزورة أو تصريح منسوب لمسؤول لم يقله، فإنهم يطيرون بما اطلعوا ويعلقون عليه بكلمات نارية فيتلقف ما كتبوه أو غردوا أو نهقوا به مطيورون آخرون فتمتلئ المواقع بتعليقات ليس لها ارتباط بالواقع أو الحقيقة فإن وصل الأمر إلى من نسب إليه الخبر أو المعلومة أو التصريح تنهد وقال: وهم نقلوا عني الذي لم أقل به وما آفة الأخبار إلا رواتها!