قضت المحكمة الابتدائية في تونس العاصمة بالسجن خمس سنوات في حق تونسي عائد من سوريا، بعد إدانته بالانضمام إلى تنظيم داعش، وخلال التحقيق معه أقر بتوبته واعترف بخطئه، وقال إن عودته إلى تونس تمت بمحض إرادته، بعد أن اكتشف الطبيعة الدموية للتنظيم الإرهابي، وهو ما شفع له لدى هيئة المحكمة التي خففت الحكم القضائي الصادر ضده. وكان المتهم قد أعلن مبايعته لتنظيم داعش في تونس بعد أن استهواه، فتوجه إلى ليبيا المجاورة قبل أن يلتحق به في مدينة الحسكة السورية، تاركًا وظيفته المحترمة كتقني سامٍ في تونس. وجاء في اعترافاته أنه لم يكن يعرف الكثير عن تنظيم «داعش»، وأنه بايع أميرًا لهذا التنظيم في حلب، ونفى مشاركته في أية عملية قتالية، أو تلقيه تدريبات على استعمال السلاح، مضيفًا أنه ظل مدة ستة أشهر في الأراضي الليبية قبل أن يقرر تسليم نفسه لقوات الأمن التونسية، وعبر عن ندمه بقوله إنه «أخطأ كثيرًا في حق نفسه وحق عائلته». وخلف هذا الحكم القضائي ردود أفعال متباينة داخل المجتمع التونسي، حيث رأى فيه البعض تطبيقًا مبكرًا لقانون التوبة على المقاتلين التائبين، بينما اعترض البعض الآخر على التطبيق الآلي لهذا القانون المثير للجدل. وفي هذا الصدد قال سمير الطيب، الأمين العام لحزب المسار الديمقراطي الاجتماعي (حزب يساري)، إن كل شاب تونسي يسلم نفسه إلى السلطات السورية، ويؤكد عملية التغرير به من خلال تحقيقات أمنية دقيقة، «يمكن أن يكون محل إدماج اجتماعي، ولكن عملية التوبة، إن جازت تسميتها كذلك، يجب أن تكون مقرونة بالمراقبة الأمنية اللصيقة، ووفق برامج علمية لإعادة التأهيل»، مضيفًا أن «التونسيين الذين تورطوا في القتل وإراقة الدماء لا يمكن إمتاعهم بالعفو». واعترف الشاب التونسي العائد من ساحات القتال في سوريا أمام المحكمة، بأن توجهه إلى سوريا كان بدافع مناصرة الشعب السوري في مسعاه إلى الحرية لا غير، وأنه لم يكن يعلم الكثير عن تلك التنظيمات المتطرفة قبل أن يطلع على حقيقتها بشكل مباشر، على حد تعبيره. وعرضت غفران حجيج، محامية المتهم، وقائع توجهه إلى سوريا، وقالت إنه تعرض للتغرير وعملية غسل الدماغ، حيث كان أحد المنتمين لتنظيم داعش يعرض عليه فيديوهات حول ما يعانيه الشعب السوري من دمار وقتل وتشريد، وهو ما جعله يتأثر ويقرر مناصرة الشعب السوري، بعد أن عرض عليه الانضمام إلى صفوف المقاومة، دون أن يعرف أنه انضم إلى تنظيم داعش. وأضافت أن أنصار تنظيم داعش اعتدوا على المتهم بالعنف، وهددوه بالقتل إن انسلخ عنهم قبل أن يصاب بمرض، ويتم التخلي عنه بصفة تلقائية. في السياق نفسه، أكد مصدر أمني تونسي اعتقال ستة متشددين في حي التضامن غرب العاصمة، بتهمة انضمامهم إلى تنظيم داعش، ومبايعة أحدهم لزعيم التنظيم أبو بكر البغدادي، واستعداده للتوجه إلى سوريا أو العراق، موضحًا أن المجموعة توجد قيد الحجز في انتظار عرضها أمام المحكمة الابتدائية المختصة في جرائم الإرهاب. من ناحية أخرى، أطلقت الجهات الليبية الليلة قبل الماضية سراح نحو 300 تونسي يعملون في ليبيا، إثر تدخل السلطات التونسية بشكل فوري؛ إذ أعلنت سلطات مدينة صبراتة الليبية عن إطلاق سراح كل المحتجزين، وطالبوا في المقابل بإطلاق سراح حسن الذوادي، عمدة بلدية صبراتة الليبية، وصهره المحتجزين في تونس. وأشار أبو القاسم كرير، رئيس بلدية صبراتة، إلى أن اعتقال الذوادي عضو المجلس البلدي يعد «إساءة شديدة لهم». وعبرت مصادر تونسية رسمية عن رفضها الاستجابة للضغوط الليبية ولمنطق الابتزاز بعد تهديد الجانب الليبي بغلق الحدود بين البلدين. وشهدت مدن بن قردان والعيون والقصرين التونسية مجموعة من الاحتجاجات المطالبة بإطلاق سراح المحتجزين، وهدد التونسيون بغلق المعبر الحدودي رأس الجدير، ومنعوا الشاحنات من المرور في الاتجاهين. وبهذا الخصوص قال مصطفى عبد الكبير، الحقوقي التونسي، في تصريح إعلامي، إن إطلاق سراح المحتجزين يعد «تعبيرًا عن حسن النيات بعد تحرك سكان بن قردان وإغلاقهم الطريق المؤدية إلى رأس الجدير.. وكل هذه الممارسات تعتبر ارتدادًا طبيعيًا لعدم استقرار الأوضاع في ليبيا».