في فيلمه "بوبوس"، ناقش الزعيم عادل إمام قضية تراكم الديون على رجال الأعمال المصريين في قالب كوميدي، ليس الأجمل في تاريخه، سعى في الفيلم الذي شاركته البطولة أيقونة السينما المصرية يسرا، إلى إبراز مظاهر الفساد التي حولت رجل أعمال ثري إلى مفلس يراجع دفاتره القديمة بحثا عن مخرج من الإفلاس الذي حاصره، وعالجه بعض مجايليه بالهرب خارج البلاد. .. في كل مرة كان الزعيم يخرج من الورطة بمساعدة رجل حكومة فاسد يسهل طريقه لجدولة ديونه بقروض مصرفية يقتطع منها النصف لحسابه الخاص، وهكذا تدور العجلة، تنقص الديون من جهة، وتتوافر سيولة، ولكنها في حجمها العام لا تنقص لأن القرض دين جديد يختلف عن سابقيه في أنه غير آني السداد مثلها، فقط. الفيلم اتخذ منهج الكوميديا السوداء في طرحه للقضية، وبالغ كثيرا في بعض التفاصيل، وانتهى به الحال في استبعاد رجل الحكومة الفاسد من منصبه، وإحلال بديل له لا يفرق عنه شيئا إلا في الاسم فقط، فاستمرت الأمور في الدوران في الدائرة نفسها. فيلم "بوبوس"، شبيه بحالة الأندية السعودية المدينة، بعضها غارق في الديون، وبعضها الآخر في طريقه للغرق، ولن تجدي المسكنات التي يسنها اتحاد الكرة ولجانه القانونية، لأن المشهد أصبح يشابه غسيل الدم بالدم، فلا النزف يتوقف ولا الجرح يطهر. من يقول إن هناك ناديا سعوديا غير مدين، لا يقول الحقيقة، كلها مدينة، الفرق أن بعضها غارق حتى أذنيه وبعضها الآخر ما زال يتنفس بصعوبة، والسبب في ذلك ضعف الرقابة التي مارستها رعاية الشباب تجاه مصروفات الأندية في سنوات ماضية حتى كبرت اللقمة فغصت الحلوق، وبات الأمر يحتاج إلى عملية جراحية لإنقاذ الغاص من الاختناق. مشروع عبد الله بن مساعد الذي أعلن عنه قبل شهرين لمحاصرة ديون الأندية، مشروع رائع، لكن نتائجه لن تظهر قبل سنوات، ولذلك فالأمر يحتاج إلى أكثر من مشروع عاجل لتحويط الأزمة قبل أن نجد أنديتنا ورياضتنا تعود خطوات إلى الوراء. من المهم جدا أن تعيد رعاية الشباب النظر في لائحة رؤساء الأندية ومجالس إداراتها، وما دامت الأندية ملكا للدولة حتى الآن يجب أن يكون لمؤسسة الرياضة مقعدان على الأقل في كل مجلس يمثلان دور الرقيب الناصح الأمين، ومن المهم أن تفرض عليها عاجلا إصدار بيانات مالية، والتعاقد مع مكتب مراجعات مالية موحد لكل الأندية يكشف كل الملفات السرية الغارقة في الديون. في إيطاليا، وبعد أن بلغت الصفقات أرقاما فلكية مجنونة، سنت الحكومة ضريبة عالية لكل صفقة، تذهب لصندوق اتحاد الكرة، فهدأت المقامرات حتى اختفت، هل يمكن أن نفعل ذلك؟ 20 في المائة من كل صفقة تتوزع بين دعم المنتخب السعودي، واتحاد الكرة والجمعيات الخيرية، ربما تحد من هذا النزف المجنون. نقلا عن الإقتصادية