×
محافظة الرياض

12ساعة من أجل الوطن في احتفالية تعليم الأفلاج باليوم الوطني

صورة الخبر

عرَّف العالم الأميركي فلويد البرت-المتخصص في الإعلام- الرأي العام بأنّه تعبير عدد كبير من الأفراد عن آرائهم حول موقف معين، تأييدًا أو معارضةً، بحيث يكون عدد المؤيدين أو المعارضين كافياً لممارسة التأثير على موضوع أو سياسة معينة، سواء كان التأثير مباشراً أو غير مباشر، وسواء كان تعبيرهم بمبادرةٍ منهم أو بناءً على استفتاءٍ يقدَّم لهم، فمن يصنع الرأي العام في المملكة؟، ومن يوجهه؟، وكيف تتم صناعته؟، وهل توجد صناعة للرأي العام في المملكة؟، وهل ثمة توجيه معين يمارس من قبل جهات معينة لتجميع وتوجيه الرأي العام نحو قضية ما؟. ولعل المتابع لوسائل التواصل الاجتماعي، مثل: "تويتر" و"فيس بوك" و"يوتيوب" و"كيك" و"سناب شات" و"انستغرام" و"قوقل بلس" و"واتس أب" وغيرها، يجد أنَّها تساهم بشكل او بآخر في تشكيل رأي الغالبية من الناس حول قضايا المجتمع، سواء السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية، كما أنَّ عدداً كبيراً من المتابعين السعوديين يتعاملون مع هذه الوسائل بشكل يومي، ففي آخر الإحصاءات الرسمية كشفت هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات السعودية عن وجود نحو (51.8) مليون اشتراك في خدمات الاتصالات المحمولة بالمملكة خلال فترة الربع الأول من العام (2015م) الجاري. وجاء من بين هذه الاشتراكات (31.8) مليون اشتراك في خدمات النطاق العريض، ونحو (20) مليون مستخدم لشبكة "الإنترنت"، كما ذكرت مصادر أخرى أنَّ (51%) من إجمالي تعداد السكان في المملكة، يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي، وأنَّ (94%) من مستخدمي "الإنترنت" في المملكة يمتلكون حساباً على أيٍّ من منصات التواصل الاجتماعي، ومنهم (89%) لهم حسابات على موقع "فيس بوك"، و(77%) لهم حسابات على موقع "تويتر"، و(75%) على "جوجل بلس"، كما بلغ عدد المشاهدات اليومية أكثر من (90) مليون مشاهدة على "يوتيوب". توجيه الرأي العام يقول د. محمد الصبيحي -وكيل كلية الإعلام والاتصال للدراسات العليا والبحث العلمي بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية-: "إن تشكيل الرأي العام مجال مهم تستند إليه المؤسسات في بناء منظومة من الأنشطة والبرامج التي يحتاجها المجتمع، كما يمكن عبر الرأي العام نشر الوعي وتحقيق التماسك بين أفراد المجتمع، ويمثل الإسلام دستور المملكة وأساس تشريعاتها، وبالتالي فإنَّ موجهات الرأي العام ومنهجيات بنائه وتشكيله تستند في مهنيتها على التفسير الإسلامي للقضايا والموضوعات المطروحة للنقاش". وأشار إلى أنَّ هذه الوحدة العقدية سهَّلت على المؤسسات الإعلامية والجهات ذات العلاقة بالرأي العام وقضايا المجتمع الدخول في استراتيجيات معقدة لصناعة منهجية لتوجيه الرأي العام في المملكة، مُضيفاً أنَّنا في هذه المرحلة تحديداً بحاجة إلى تطوير استراتيجيات مهنية لتوحيد الرأي العام في المجتمع السعودي نحو قضاياه بما يسهم في بناء رأس مال اجتماعي قادر على العطاء والمشاركة المجتمعية بإيجابية. مرحلة حرجة وبيَّن د. الصبيحي أنَّه من الصعب جداً محاولة تقييم الموقف العام تجاه عملية توجيه الرأي العام في المملكة حالياً مع ما نلحظه بوضوح حول تأثيرات التطور المتسارع لوسائل الاتصال، التي غيرت عناصر المشهد الاتصالي برمته، وهو ما أدى بأفراد المجتمع إلى التشكيك في مصداقية المصادر التي يعتمد عليها في بناء رأيه وحكمه، موضحاً أنَّها مرحلة ذات أبعاد حساسة وحرجة تتطلب المزيد من الجهد من قبل مؤسسات المجتمع لتوظيف استخدام وسائل التواصل بمختلف أطيافها بما يحقق أهداف المجتمع وتوحده نحو قضاياه. وأكَّد على أنَّه يمكن إرجاع أسباب حاجة المملكة إلى منهجة توجيه الرأي العام إلى التطور الذي تشهده البيئة الاتصالية، حيث أتاحت الوسائل الاتصالية الحديثة مساحات أكبر للنشر تخطت حاجز الزمان والمكان، إلى جانب الأحداث الجارية في المنطقة والصراعات والحروب، وكذلك استهداف الشباب السعودي من قبل منظمات وأفراد وعصابات إرهابية ذات أغراض سياسية مغرضة، ناهيك عن مكانة المملكة عربياً وإسلامياً وعالمياً ودورها الريادي على جميع الأصعدة. ورأى أنَّ عبارة "توجيه الرأي العام" ليست عبارة سلبية أو سلوكا مستهجنا، إنَّما هو مصطلح يعبر عن وظيفة من وظائف الاتصال الجماهيري في المجتمع، وهو تعبير إيجابي حينما تتناغم وسائل الإعلام ومؤسساته في أهدافها وتوجهاتها نحو ما يخدم المجتمع وأفراده ومصالحه. تنوير الرأي العام من جهته رأى د. سعيد الغامدي -أستاذ الإعلام بجامعة الملك سعود- أنَّه من المناسب الابتعاد عن هذا المسمى حيث أنَّ توجيه الرأي العام قد ينظر له على أنَّه تسيير قسري للرأي العام أو التلاعب به عن قصد، وتزويده بمعلومات مضللة أو تحويل نظره إلى موضوعات أخرى غير حقيقية، لافتاً إلى أنَّ كلمة تبصير أو تنوير الرأي العام (enlightenment) هي البديل الأنسب، حيث انَّها تعني الإيضاح والتفسير لكل ما يحيط بالمتلقي، وبالتالي مساعدته على اتخاذ القرار المناسب. وبيَّن أنَّ وسائل التواصل بما تتميز به من تفاعلية وسرعة في نقل الأخبار والمعلومات والصور والمقاطع تشبه كرة الثلج، التي كلما دارت ازدادت حجماً، أو كرة النار، التي تكبر وتحرق ما حولها، مُضيفاً أنَّ هذه الوسائل أصبحت منافسة شرسة لوسائل الإعلام التقليدية، بل إنَّها فرضت سيطرتها على الساحة الاجتماعية وأخرجت الوسائل التقليدية من تلك الحلبة، لذلك فهي تشكل الرأي العام حول مختلف القضايا، إذ أضحى المستخدمون لتلك الوسائل يعتمدون عليها في تلقي الأخبار والمعلومات. ترويج الإشاعات وأشار د. الغامدي إلى أنَّ ذلك يحدث رغم ضعف مصداقية تلك الوسائل، إلى جانب كونها بمثابة أماكن لترويج الشائعات من خلال آلاف الحسابات الوهمية المغرضة، التي تهدف لترويج أفكار أو تشجيع الناس لتبني مواقف مناهضة لما هو سائد، مُضيفاً أنَّ ما تشهده الساحة حول استخدام التنظيمات الإرهابية لتلك الوسائل وتجنيد الأتباع وبث الفرقة داخل المجتمعات وتقسيمه إلى تيارات متصارعة هي الوجه القبيح لتلك المنصات المتعددة. وشدَّد على أهمية الإفادة من تلك المواقع والتواجد فيها بشكل دائم كمؤسسات رسمية حكومية أو كأفراد نشارك ونناقش ونرد على ما يثار فيها من أكاذيب أو إشاعات، وذلك من خلال جهود حكومية لمراقبة وتحليل كل ما يثار في تلك الوسائل والرد عليه بشكل مفصل ومقنع للرأي العام، عن طريق حسابات القطاعات الرسمية الحكومية على تلك المنصات، إلى جانب الجهود الفردية، وذلك من خلال قيام قادة الرأي في المجتمع والمؤثرين من المثقفين والكتّاب بمناقشة وتنوير الرأي العام حول الكثير من القضايا التي تثار في تلك المواقع. وأيَّده الرأي د. محمد الصبيحي، الذي اوضح انه في الوقت الذي يمكن النظر فيه إلى وسائل التواصل الاجتماعي باعتبارها نقلة نوعية في العملية الاتصالية وعناصرها، أصبحت في الوقت نفسه مظهراً من مظاهر المجتمع المعاصر، كما أثرت على الحراك الاجتماعي وغيرت في طبيعة العلاقات الاجتماعية وسماتها، وظهر مع هذه الوسائل ما اصطلح على تسميته بإعلام الأفراد أو صحافة المواطن، الذي تحول فيه الجمهور إلى قائم بالاتصال. وأضاف أنَّ ذلك هو ما أحدث تغيراً في النشاط الإعلامي برمته وزاد من حجم التحديات أمام المخططين لتوجيه الرأي العام، مُضيفاً أنَّه لكي نتمكن من توظيف وسائل التواصل الاجتماعي لتوجيه الرأي العام بصورة إيجابية، ينبغي العمل من خلال مؤسسات المجتمع التعليمية والتربوية لرفع مستوى الوعي المجتمعي بما ينعكس على استخدامهم لهذه الوسائل بصورة إيجابية تحقق أهداف المجتمع. الترويج للفكر الضال ولفت د. الصبيحي إلى أنَّ هناك جهودا منظمة تستهدف شعب المملكة ومؤسساتها، حيث ظهرت على السطح مظاهر عدة لهذا التأثير، ومن أبرزها التسويق للفكر الضال الذي يستهدف الشباب. ورأى د. الغامدي في هذا الجانب أنَّ هناك بالفعل مخططات من الدول المختلفة لتوجيه الرأي العام في المملكة، وذلك لتحقيق أهداف سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية، أو حتى تخريبية لزرع الفتنة بين أفراد المجتمع بمكوناته وشرائحه المتعددة، موضحاً أنَّ المتتبع لذلك يجد أنَّ هناك بعض القضايا الهامة أو الحساسة تناقش أو تظهر بشكل ممنهج في وسائل الإعلام العربية والعالمية أو وسائل التواصل الاجتماعي هدفها النيل من وحدة المملكة، إلى جانب تشتيت الجهود الوطنية في مجالات محددة. وأضاف أنَّ ذلك تمثَّل في الهجوم على أحكام القضاء وإظهار أنَّها أحكام وحشية لا تتناسب مع الإنسانية، علماً أنَّها صدرت وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية، إلى جانب الحديث عن حقوق المرأة في المملكة، التي يتعرض لها الإعلام الغربي بشكل متواصل، ومنها -على سبيل المثال-: قيادة المرأة للسيارة وقضية الولي الشرعي والحريات المطلقة، وكذلك التركيز على الجوانب الصحية أو التعليمية أوغيرها من الموضوعات، التي تمس حياة أفراد المجتمع. جهود مركزة وأكَّد د. الغامدي على أنَّ وسائل الإعلام السعودية قامت بما يجب في هذا الجانب الخطر، إلاَّ أنَّنا لا نرى قيام جهود مركزة بلغة مبسطة يفهمها جميع المتلقين، بما يحاك لبلادنا من مؤامرات تمس وحدتنا واستقرارنا وثقافتنا وسلمنا الاجتماعي، مُضيفاً: "إذا كان ذلك الجهد التنويري ضعيفا جداً في وسائل الإعلام الحكومية، فإنَّه مفقود تماماً في وسائل الإعلام السعودية الخاصة، فهي غائبة عن هذا المشهد تماماً، بل إنَّها تمارس عن قصد أو بغير قصد منها، الترويج لكثير من القضايا التي تضر المجتمع السعودي". وأشار إلى أنَّ تلك الوسائل تسعى -للأسف الشديد- للوصول إلى أكبر عدد من المشاهدين، والذي يعني الكسب المادي من خلال الإعلانات، دون اعتبار للخسائر المالية أو الاجتماعية التي تحيط بالمجتمع، وكمثال على ذلك نرى أنَّ جل برامج تلك القنوات تتفنن في الدعاية للثقافات الأخرى، سواء كانت عربية أو أجنبية وإبرازها في شكل جذاب ومشوق؛ ممَّا يؤثر سلباً على نظرة المتلقين السعوديين للقيم والثقافة الوطنية، بل وصل الأمر إلى احتقارهم لكثير من العادات والتقاليد الأصيلة. تشخيص القضايا وحول وجود أدوات لقياس اتجاهات الرأي العام داخل المملكة، في ظل حاجة مُلحَّة لوجود توجيه للرأي العام، إلى جانب كثرة "الأكاديميات" والمؤسسات والمراكز الإعلامية، قال د. الغامدي: "حسب معرفتي انَّ الجهود في هذا المجال ضعيفة، كما أنَّ المراكز المعنية بقياس اتجاهات الرأي العام داخل المملكة محدودة جداً، وأرى أن تساهم الجامعات ومدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية بإنشاء مثل هذه المراكز، التي ستساهم قياساتها في تشخيص القضايا تشخيصاً دقيقاً وتجعل من إمكانية وضع الحلول الصحيحة واقعاً". فيما أكَّد د. الصبيحي على أنَّه قد بدأت في الآونة الأخيرة محاولات جادة لإنشاء مراكز للرصد واستطلاع الرأي، إذ أنَّ الموضوع على قدر من الأهمية التي تتطلب بذل جهود كبيرة في هذا الشأن، مُضيفاً أنَّ السياسة الإعلامية الصادرة في العام (1402ه) تتضمن رؤية واضحة وصريحة حول ضرورة توجيه الرأي العام وتعزيز الانتماء للوطن، إلاَّ أنَّ المطلوب في هذا السياق هو تفعيل هذه السياسة من خلال تكامل جهود المؤسسات الإعلامية ورفع مستوى الأداء المهني للإعلاميين. وأضاف أنَّ ذلك يشمل العمل على إيجاد تنظيمات إدارية تحقق الرضا الوظيفي للعاملين في الحقل الإعلامي وتنمي قدراتهم، كما أنَّ من الأهمية بمكان العمل على تقليل تأثيرات المعلنين وأصحاب المصالح على النشاط الإعلامي، لمنحه مزيداً من الاستقلالية الدافعة إلى قيامه بوظائفه غير الربحية. كما عبَّر د. الغامدي عن شديد أسفه لكون السياسة الإعلامية للمملكة قديمة جداً ولم يحدث لها أيّ تحديث منذ أكثر من (30) عاماً، مُضيفاً أنَّنا بحاجة إلى إعادة النظر في تلك السياسة وتحديثها، إلى جانب الأخذ بالمعطيات العصرية الحديثة، وكذلك الإفادة من تجارب الدول الأخرى، التي سبقتنا في هذا المجال الهام عند صياغتها، لافتاً إلى أنَّ الإعلام هو الذي يوجه ويسيطر على الرأي العام، ولكي ننجح في هذا الجانب يجب أن نرتقي بسياساتنا الإعلامية وبخططنا التنفيذية وبرامجنا المختلفة إلى مستوى مرتفع. وأشار إلى أنَّه لا يمكن أن نتفوق أو ننافس في هذا المجال، ومن ثمَّ نؤثر في المتلقين إذا لم نهتم بالبنية التحتية للإعلام، وذلك من خلال الحصول على أحدث التقنيات والأجهزة في هذا المجال، كما لا يمكن التميز أو تنفيذ أفضل السياسات الإعلامية بدون الطواقم البشرية المحترفة المؤهلة في شتى جوانب العمل الإعلامي، مثل: الإعداد والإخراج والتقديم الإعلامي، وأخيرا لكي ننجح في توجيه الرأي العام يجب أن نحب ونؤمن تماماً بأنَّ ما نؤديه من عمل إعلامي هو لرفعة هذا البلد المعطاء ولخدمة المواطن فيه. غياب منهجية توجيه المجتمع..! أكد د. سعيد الغامدي - أستاذ الإعلام بجامعة الملك سعود- أنَّه لايوجد صناعة منهجية لتوجيه الرأي العام في المملكة، وهذا من الأمور المهمة في أيّ بلد، كما أنَّ النتيجة تكون مأساوية في الغالب ويصبح المجتمع نهباً للتيارات المتعارضة فيه، سواء أكانت دينية أم سياسية أم اجتماعية، لافتاً إلى أنَّ المتأمل في وضعنا يجد أنَّ هناك كثيرا من الإشاعات والأفكار السوداوية التي تُسيِّر قطاعا كبيرا من المجتمع، بمن فيهم بعض المثقفين.. وفي الغالب نجد أنَّ مصادر المعلومات المستقاة هي مصادر غير رسمية ومشكوك في مصادرها وأهدافها. وأضاف أنَّ توجيه الرأي العام مطلب مهم في كل وقت، لكنَّه مُلح في هذه الفترة التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط من حروب وفتن هنا وهناك، كما أنَّه مطلب أساسي لمواجهة الكم الكبير من المعلومات والإشاعات المغرضة، التي تتعرض لها المملكة، والمتمثلة في الهجوم الإعلامي الممنهج المباشر وغير المباشر في مختلف المجالات، سواء على قيادتها أو على ثوابتها الدينية أو التشويه لعلمائها ومفكريها أو حول توجهاتها السياسية أو سياساتها الاقتصادية أو الاجتماعية. ولفت إلى أنَّ هذا الهجوم يظهر من خلال رسم صور نمطية سيئة للشخصية الوطنية، سواء الرجال أو النساء، مُضيفاً أنَّ كل ذلك التشويه يحتاج إلى تنبيه وتوجيه الرأي العام وتبصيره حول تلك القضايا، إلى جانب تعريفه بما يدار حوله في الخفاء، وكذلك إظهار الصورة الحقيقية لكل ما يدور في مختلف الوسائل ومن يقف خلفها أو الأهداف التي تسعى إلى تحقيقها.