×
محافظة المنطقة الشرقية

تجارب بجامعة البحرين: الحرائق تؤدي إلى انهيار المباني الخرسانية

صورة الخبر

ظهر مصطلح المسؤولية المجتمعية أو الاجتماعية للشركات منذ عدة سنوات، وبدأ بالتطور تدريجياً إلى أن أصبح علماً قائماً بذاته يدرس وتقام له المعارض والمؤتمرات والندوات ويكبر شيئاً فشيئاً مع الأيام. واطلعنا على الآلاف من قصص النجاح في هذا الفن سواء في المحافل المختلفة أو من خلال الكتب والمؤلفات. وباختصار شديد فإن المسؤولية المجتمعية هي ما يقدمه أي كيان: شركة أو مؤسسة حكومية أو خاصة أو من القطاع الثالث للمجتمع في أي مجال، كدعم رواد الأعمال، أو دمج ذوي الإعاقة، الاستدامة، تنمية الشباب، البيئة ويدخل تحتها ترشيد الطاقة وإعادة تدوير النفايات واستخدامها، ويشمل أيضاً دعم الأنشطة الثقافية والفنية وغيرها، وتحت كل فرع من هذه الأفرع أبدعت الشركات في تطوير وتطبيق أفكار مبتكرة تخدم المسؤولية المجتمعية لتخرجها من بدايتها المتواضعة إلى آفاق رحبة لا متناهية. المسؤولية المجتمعية مجال واسع وخصب ومنفتح على أي فكرة إبداعية، وسأعرج هنا على 3 نماذج للمسؤولية المجتمعية وقفت عليها: الأول يخص إحدى شركات الأحذية التي التزمت عند بيع أي زوج من أحذيتها بالتبرع بزوج آخر لشخص فقير لا يجد ما ينتعله في إحدى الدول الفقيرة، أما المثال الثاني فيخص شركة لبيع الملابس التزمت بزراعة عشر شجرات عند بيع أي منتج من منتجاتها حتى بلغ عدد الأشجار التي قامت بزراعتها أكثر من 6,2 ملايين شجرة (حتى كتابة هذا المقال) مع وضع حاسبة على موقعها الإلكتروني تظهر الزيادة في عدد الأشجار بزيادة المبيعات، وأما المثال الأخير فهو قيام أحد المصارف العالمية بتمويل تجهيز إحدى قاعات متحف ماليزيا للفنون الإسلامية وهذا غيض من فيض. والمتأمل للمسؤولية المجتمعية يلاحظ ملاحظتين جوهريتين الأولى في منطقتنا العربية والثانية على المستوى العالمي، أما الأولى: فهي عدم تطور مفهوم المسؤولية المجتمعية في منطقتنا بما فيه الكفاية وعدم مواكبته لما هو عليه الآن في العالم، فما زال بعض رؤساء الشركات وخصوصاً العائلية منها، فيما يحصرون مسؤوليتهم المجتمعية في أداء الزكاة الواجبة عليهم فقط بسبب قلة الوعي أو درءاً للمسؤولية، مع عظم شأن الزكاة وأهميتها كركن من أركان الإسلام ودورها المهم في المجتمع إلا أن حصر المسؤولية المجتمعية فيها أمر خاطئ وشديد الخطورة لما له من تقييد وتضيق مسؤولية الشركات تجاه المجتمع فلا فرص تدريبيه ولا دعم للمتاحف والأنشطة الثقافية أو إيجاد فرص عمل أو دعم لفئات هشة في المجتمع كالأرامل والمعاقين والأيتام، والسبب نبيل جداً حسب فهمهم وهو أن الزكاة تم أداؤها ولله الحمد. أما الملاحظة الثانية فهي ما نراه من بعض الشركات العالمية، من استخدامها مبدأ المسؤولية المجتمعية كفرشاة لمسح أخطائها وتجاوزاتها، أو كواجهة جميله لواقع داخلي متهالك خرب أو لذر الرماد في العيون، فهناك مثلاً شركات تعمل في مجال النفط، أدت أعمالها إلى كوارث بيئية معروفة عالمياً ومسجلة وبالمقابل فهي تحمل لواء حماية البيئة والمحافظة عليها من خلال توفير الطاقة في مبانيها مثلاً، ومع عظم هذا الجهد يبقى ضئيلاً جداً في مقابل الأضرار التي أحدثتها هذه الشركات وما زالت!! وبالرغم من ذلك، فإنني متفائل بأن الجيل الجديد من رواد الأعمال والقياديين الشباب من ورثة الشركات العائلية نشأوا في عصر بروز مفهوم المسؤولية المجتمعية ولمعانه وتجرعوا مبادئها بصورة أفضل عن أسلافهم، وأحد أسباب ذلك هو إطلاق جوائز محلية وعالمية تختص بذلك تذكي روح المنافسة وتسهم في نشر الوعي بالمسؤولية المجتمعية وهذا ما يبدو جلياً في إنشاء الكثير من الشركات العائلية في الدولة مؤسسات ثقافية أو خيرية تابعة لها تخدم المجتمع بصورة مؤسسية ممنهجة. ولنا في صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، حفظه الله، قدوة حسنه، حيث بدأ سموه منذ سنوات بإطلاق مبادرات مجتمعية وخيرية بلغ عددها 28 مبادرة تخدم شتى المجالات في صورة مؤسسات لها مجالس إدارات ومديرون وموظفون وتعمل لإنجاز أهداف وغايات واضحة وفق خطط عمل وبرامج زمنية. ونراه لم يكتف بما حققته من إنجازات فقط، بل حرص على استدامتها وتطويرها من خلال إطلاق (مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم) تحت مجلس إدارة برئاسة سموه وعضوية أنجاله لتكون بمثابة أول مؤسسة إنسانية مجتمعية قابضة تنضوي تحتها مجموعة مؤسسات متخصصة، لا تخدم إمارة دبي أو دولة الإمارات فقط بل يفيض خيرها وجهودها على شتى بقاع الأرض دون النظر لدين أو لون أو عرق أو جنس أو حدود جغرافية، وإنما تركز على الإنسان كإنسان، ضارباً سموه في ذلك أروع مثال عملي على أن خدمة وتنمية المجتمعات وأبنائها ليس أمراً عارضاً أو عشوائياً إنما هدف سام يتم تحقيقه من خلال عمل مؤسسي طموح ودؤوب ومستدام. ونتمنى أن يكون (الناس على دين ملوكهم) كما قيل في مسؤوليتهم المجتمعية.