برسالة وصلت اصداؤها الى عمق المؤسسة الاسرائيلية، اختار الشاب عمر زهر الدين سعد من فلسطينيي 48، اعلان رفضه للخدمة الاجبارية، التي تفرضها اسرائيل على الطائفة الدرزية من هذه الشريحة الفلسطينية، فجلس مع اشقائه قبالة مكتب التجنيد للجيش الاسرائيلي في طبريا وعزفوا مقطوعتين للسلام والانسانية، لتكون رسالته:" لن استبدل التي الموسيقية ببندقية قاتلة ولن ياتي اليوم الذي اشهر فيه سلاحي امام ابناء شعبي في فلسطين ولبنان وسورية"، على ما يقول لـ"الحياة"، قبل اعتقاله. الشاب عمر سجل في اسلوبه لرفض الخدمة، يوماً خاصاً ومميزاً في تاريخ رافضي الخدمة الاجبارية من الطائفة الدرزية لفلسطينيي ثمانية واربعين. فقد جاءته الاوامر للمثول في مكتب التجنيد في طبريا لاداء الخدمة المفروضة عليه، ولمبادئه الوطنية التي تربى وكبر عليها كان رده القاطع رفض الخدمة، لكنه ورفاقه اختاروا ان تكون صرختهم هذه المرة مدوية فوصلوا جميعا في الموعد الذي حدده الجيش الاسرائيلي لبدء خدمته الاجبارية، امام مكتب التجنيد في طبريا، ورفعوا هناك شعارات احتجاجية وهتفوا منددين بسياسة الاحتلال والقتل التي تمارسها اسرائيل بحق الشعب الفلسطيني. وقبل الموعد قام واشقاؤه بعزف المقطوعتين. وأكد عمر لـ"الحياة" انه سيواصل الطريق الوطني الذي تربى عليه في مواجهة سياسة الاحتلال الاسرائيلي تجاه ابناء شعبه الفلسطيني والسياسة الحربية، التي تنتهجها الحكومات الاسرائيلية ولم تتوقف عن التهديد بها تجاه شعوب المنطقة، مؤكداً انه سيكون على استعداد للبقاء في السجن الاسرائيلي طوال حياته على ان يلتحق بجيش الاحتلال الاسرائيلي. وقد رافق عمر سعد في طريقه الى السجن شخصيات قيادة لفلسطينيي 48 بينهم النائب العربي، محمد بركة، الذي اكد امام سعد والحضور "ان الموقف الوطني يظهر بأسمى تجلياته حينما يكون صاحبه مستعد لدفع أغلى ثمن وهو حريته الشخصية، وها هو عمر سعد يفعل ذلك، ونحن نعتز بقرار عمر، فهذا الموقف العنيد هو دليل على أن البيت العائلي والسياسي نجح في التنشئة على الوطنية والتمسك بها." وتابع بركة قائلا:" إن المعركة ضد القانون الجائر المفروض على أبناء شعبنا العرب الدروز مستمرة ولم تتوقف منذ اليوم الأول لفرض هذا القانون، ونأمل أن تكون معركة عمر هذه نبراسا للذين لم يحسموا موقفهم بعد الى جانب شعبهم، ويشجعهم على رفض هذا القانون". من جهته عبر عمر سعد عن موقفه امام رفاقه، مؤكداً انه من طائفة ظُلمت بقانون ظالم، ولن يقبل ان يقف كجندي عند الحواجز، وسأل" كيف يمكن أن أكون جندياً يعمل على حاجز قلنديا أو أي حاجز احتلالي آخر، وأنا مَن جرّب ظلم الحواجز؟ كيف أمنع ابن رام الله من زيارة القدس مدينته؟ كيف أحرس جدار الفصل العنصري؟، كيف أكون سجَاناً لأبناء شعبي وانا أعرف أنّ غالبية المسجونين هم أسرى وطلاب حق وحرية؟". وأوضح "أنا أعزف للفرح، للحرية، للسلام العادل القائم على وقف الاستيطان وخروج المحتل من فلسطين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، وإطلاق سراح جميع الأسرى في السجون، وعودة اللاجئين المهجّرين إلى ديارهم". وكانت الشرطة وعناصر الجيش، الذين فوجئوا بالجمهور الذي رافق عمر سعد واسلوبه في التعبير عن رفض التجنيد، قاموا بالتهجم على المتواجدين واستفزازهم واعتقلوا اثنين للتحقيق، وقد تصدى لهم النائب بركة وحذرهم من اسلوبهم الاستفزازي معتبرا تصرفاتهم وسيلة للقمع والترهيب.