×
محافظة المنطقة الشرقية

أرامكو السعودية تطلق برنامجاً للتوعية البيئية على كورنيش رأس تنورة

صورة الخبر

للمصالحات ضحاياها، مثلما للحروب ضحايا. أول ضحايا نهاية الحرب الباردة، كان الاتحاد السوفياتي.. فجأة، أصبحت روسيا السوفياتية بلا عدو. لم تعد أي قيمة للصواريخ والرؤوس النووية التي تكدسها منذ عام 1949.. لم يعد هناك شعار له معنى يطلق على الرأسمالية و«مزبلة التاريخ». تذكرون ذلك المشهد الذي لا ينسى: ميخائيل غورباتشوف يقول في مجلس الشيوخ الأميركي: «على الأقل، عاملونا مثل الصين». لا يمكن أن تستمر الأنظمة الآيديولوجية من دون عدو أكبر. ألف صديق لا ينفعونها قدر خناقة واحدة معهم. 40 عاما عاش السوفيات على أن لهم عدوا شائنا وخطيرا، قد لا يهاجمهم بالصواريخ، لكنه يقاتل نظامهم المثالي، ويحاول أن يشوه معتقدات شبابهم، ولا يكف عن دس سموم الحرية والمساواة وأهمية الفرد. ما إن أعلن جورج بوش الأب وميخائيل غورباتشوف نهاية الحرب الباردة في قمة مالطا (ديسمبر/ كانون الأول 1989) حتى أكمل جدار برلين سقوطه في كل أوروبا الشرقية. وبعد أشهر عُرِضَت الغواصات النووية الصدئة في موانئ القرم للبيع في أسواق الخردة. ولم تفكك الموانئ والقواعد وحدها؛ بل اتحاد الجمهوريات نفسه. شكل الشيطان الأكبر للثورة الإسلامية في إيران عدوا بفوائد غير محدودة.. إنه حليف الشاه والسافاك وطليعة الكفار والاستكبار وحامي إسرائيل. الذين ينظرون متفاجئين كيف قلب أوباما السياسة الأميركية حيال طهران أغشاهم الانبهار عمّا قدمته طهران في اتجاه المصالحة الكبرى: انتخاب حسن روحاني، الذي يمكن أن يتلقى مكالمة من رئيس أميركا، من دون أن يتعوذ.. كما أنه الرئيس الذي توقف التخصيب منذ وصوله للحكم في أغسطس (آب) الماضي. يدافع أنصار إيران وإعلاميوها عن الاتفاق مع أميركا بالحدة والعنف والغضب نفسه الذي كانوا يهاجمونها به.. الفارق الزمني ليس أكثر من بضعة أشهر. حدث مثل ذلك حرفيا عندما توقف منظِّرو التصلب السوفياتي مرة واحدة عن استخدام كل الدروس الآيديولوجية التي غمروا بها العالم.. بعضهم انتقل فورا إلى تلفزيونات أميركا يطلب وظيفة «خبير» أو «باحث» في الشؤون السوفياتية.. لقد انتقلوا مع الانتقال. يسارع الجميع في مواعيد الصفقات إلى طرح سؤال واحد: من سيدفع الثمن؟ إذا طُرح السؤال عليَّ، فسوف أجيب بأنه سوف يدفعه المتشددون: سوف يخسرون وظائفهم لأنهم فقدوا مهامهم. وبعضهم سوف يعاقب بتهمة الخداع، كما عاقب صدام حسين الذين شجَّعوه على المغامرات والذين لم يثنوه. اختصرت الأمر صحيفة إيرانية صباح إعلان الاتفاق بعنوان من كلمة واحدة: «متشكريم»! وقبلها كان مرشد الثورة قد امتدح «أبناءنا المفاوضين».