×
محافظة المنطقة الشرقية

اجتماع بـ #الخفجي لمناقشة خطط مواجهة أخطار السيول

صورة الخبر

وجّه التدخل العسكري الروسي في سورية ضربة قوية للدول الإقليمية الداعمة للمعارضة السورية وأربك حساباتها العسكرية، حيث كشفت الغارات الروسية أن هدفها الحقيقي هو إضعاف قوة الفصائل العسكرية السورية المدعومة من تركيا والسعودية وقطر، بعيد فشل موسكو في إقناع صانعي القرار في أنقرة والرياض بالانضمام إلى تحالف إقليمي لمواجهة الإرهاب يكون النظام السوري جزءاً أساسياً فيه. لكن تركيا تعتبر أكبر الخاسرين من التدخل العسكري الروسي بحكم جوارها الجغرافي لسورية وتأثيرها الكبير في الشمال، فمن شأن هذا التدخل أن يتجاوز بتداعياته مسألة «داعش» إلى التأثير سلباً على وضع المعارضة السورية المدعومة من تركيا في الشمال، ومن ثم الدور الكردي في شمالي البلاد. بين البلدين مصالح مهمة. تشكل روسيا إمبراطورية عظمى ليس في محيطها الجغرافي القريب فحسب، بل أيضا في محيطها الاستراتيجي الأبعد، وبالتالي لا تستطيع أي دولة في الإقليم التغاضي عن هذه الحقيقة بما فيها تركيا. في المقابل تشكل تركيا بالنسبة الى روسيا دولة مهمة، فهي صلة الوصل بين آسيا وأوروبا براً وبحراً، وعضو في «الناتو»، ولها تأثير في محيطها الإقليمي. هذه الجغرافيا السياسية فرضت على البلدين التعاون، بعدما ظلا طوال عقود في حالة عداء زمن الثنائية القطبية، وانعكس هذا الأمر بشكل جلي في الجانب الاقتصادي الذي يشكل حجر الزاوية في متانة العلاقات بين الجانبين على الرغم من وجود خلافات سياسية حول شبه جزيرة القرم وأرمينيا والبوسفور. لكن التدخل العسكري الروسي في سورية يختلف استراتيجياً عن كل ما عداه، حيث يضع روسيا على الحدود الجنوبية لتركيا، ولاعباً رئيسياً يسعى إلى تغيير قواعد الصراع داخل الحدود السورية، وما يستتبع ذلك من آثار سلبية قد تصيب عمق الأمن القومي التركي. تبدو تركيا حتى الآن عاجزة عن التصرف حيال هذا التطور الكبير على صعيد تغيير قواعد اللعبة الميدانية في سورية، فلا تسمح إمكاناتها مع حلفائها الإقليميين بمواجهة القوة العسكرية الروسية بشكل مباشر. يظهر العجز التركي في ثلاث قضايا: 1- المنطقة الآمنة التي طالما دعت إليها أضحت في مهب الريح، حيث تتطلب حظراً جوياً لا سبيل إلى تحقيقه من دون تدخل مباشر من «الناتو»، وهو أمر ما زال مرفوضاً من قبل الأميركي والأوروبي سابقاً، فكيف الحال الآن بعد الوجود العسكري الروسي والخشية من حدوث اشتباك بين الجانبين من شأنه أن يفجر حرباً باردة غير مرغوب بها. وقد أظهر الروس حزماً شديداً حيال التفكير في إقامة مثل هذه المنطقة في معرض ردهم على تصريحات رئيس المجلس الأوروبي التي أعلن فيها عقب لقائه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أن الاتحاد الاوروبي مستعد لمناقشة كل الموضوعات مع تركيا بما فيها المنطقة العازلة. 2- كيفية تقديم تركيا الدعم العسكري والبشري للفصائل المسلحة المدعومة من قبلها بعد توجيه موسكو تحذيراً شديد اللهجة إلى أنقرة من أن الطيران الروسي سيقصف كل المراكز التي يمر عبرها المقاتلون الأجانب في حال سمحت الحكومة التركية لمقاتلين بعبور الحدود نحو سورية. وتخشى القيادة التركية أن يؤدي دعمها المباشر للفصائل المسلحة إلى حدوث تصادم بين الجانبين بدت نذره مع انتهاك طائرات روسية المجال الجوي التركي. 3- التعاطي التركي مع الحزب الديموقراطي الكردستاني الذي طلب المشاركة في العمليات العسكرية الروسية، وأصبح بذلك حليفاً للولايات المتحدة وروسيا على السواء، وستفكر أنقرة ملياً في كيفية التعامل مع الحزب الذي يحاول فرض أجندة كردية شمالي سورية. ضمن هذه المعطيات، لا يوجد أمام تركيا سوى خيارين: إما القبول بالأمر الواقع في ظل تراخ أميركي ربما يكون مقصوداً، أو التوجه نحو إجراء تنسيق عال مع الرياض والدوحة لزيادة الدعم العسكري للمعارضة المسلحة، وتجاوز الفيتو الأميركي الذي يمنع تزويد المعارضة بأسلحة متطورة أولاً، ومحاولة تشكيل جبهة عسكرية تضم فصائل مسلحة على رأسها «أحرار الشام» و «جبهة النصرة» ثانياً، لكن عدم مشاركة «النصرة» في البيان الذي أصدره نحو 40 فصيلاً مسلحاً يدعو دول المنطقة إلى تشكيل تحالف لمواجهة التدخل الروسي، يطرح أسئلة حول إمكان نجاح مثل هذه الجبهة الموحدة. من الصعب التكهن بما ستؤول إليه الأمور في سورية، في ظل الانكفاء الأميركي، والتردد الأوروبي، وحدود قوة الدول الإقليمية الداعمة للمعارضة السورية، لكن من الواضح حتى الآن أن التدخل العسكري الروسي أربك الجميع وفي مقدمهم تركيا، وجعل فرص تحركهم قليلة أو شبه معدومة على الأقل في المرحلة الحالية. * إعلامي وكاتب سوري