غيث خوري في كل عام تستقبل الأكاديمية السويدية المشرفة عل منح جائزة نوبل للآداب، اقتراحات الترشيح التي تقدم من قبل أساتذة الآداب والبحث اللغوي وأعضاء الأكاديمية السويدية والهيئات المشابهة ورئيس رابطة الكُتاب المُمثلة لكتاب البلدان المختلفة والحاصلين على الجائزة سابقا، ومن بين آلاف الطلبات المقدمة يتم اختيار خمسين اسماً، وبعد الفحص والاختبار يتم اختيار خمسة فقط. في ظل هذه الترشيحات السنوية، برزت بعض الأسماء التي تواجدت على قائمة المرشحين في كل عام تقريبا، ولكنها لم تحصل على الجائزة حتى يومنا هذا، ومن أبرز هذه الأسماء الأديب الياباني هاروكي موراكامي، الحاصل على عدة جوائز أدبية عالمية منها جائزة فرانك كافكا عن روايته كافكا على الشاطئ، وقد صنف موراكامي كأحد أهم الروائيين العالميين في الوقت الحالي، فقد حقق انتشاراً عربياً وعالمياً في مدة قصيرة نسبياً، كما أنه صاحب الحظوظ الأبرز في الترشيحات لجائزة نوبل كل عام، خصوصاً بعد عام 2013 وصدور روايته تسوكورو تازاكي، عديم اللون وسنوات رحلته. إلى جانب موراكامي يبرز وبقوة اسم الكاتب والصحفي الكيني نغوغي واثيونغو، الذي يكتب في حقول الرواية والقصة القصيرة والمقالة، وتتناول أعماله مساحة واسعة من الاشتغالات تمتد من النقد الاجتماعي والانثروبولوجيا الثقافية حتى أدب الأطفال. في بداياته كان واثيونغو يكتب باللغة الإنجليزية ولكنه فيما بعد قرر الكتابة بلغته الأم، التي تدعى كيغويو، إضافةً إلى كتابته باللغة الساحلية، إحدى لغات شرق إفريقيا المحلية، كجزء من مشروعه النضالي ضد ثقافة المستعمر، وكان قبلها قد غيّر اسمه من جيمس نغوغي إلى نغوغي واثيونغو، حيث تبلور فكره الذي يدعو إلى إحياء التراث الإفريقي في مواجهة القيم الأوروبية الغربية التي عملت مدة طويلة على اقتلاع الإفريقي من جذوره، وواصل كفاحه عبر تبنيه مشروع إعادة المنهج الدراسي في بلاده إلى لغته الأصلية بعد خروج المستعمر الإنجليزي، ومن أبرز أعماله الروائية الشيطان على الصليب التي كتبها على ورق الحمام خلال مدة سجنه على إثر مسرحيته سأتزوج عندما أريد والتي انتقد فيها عدم المساواة في المجتمع الكيني. ومنذ العام 1988 وحتى اليوم ما زال اسم الشاعر السوري أدونيس يطرح كأحد المرشحين لنيل الجائزة، نظراً لإسهاماته الكبيرة في الشعر العربي، إلى جانب الدراسات الأكاديمية المهمة في حقل الشعر، وفي عام 2011 كان اسم أدونيس حسب وكالة لادبروكس متصدراً لقائمة المرشحين لجائزة نوبل متقدما على الشاعر السويدي توماس ترانسترومر، وكان أدونيس قد حصل في نفس العام على جائزة غوته. كما أن الكاتب الأمريكي فيليب روث تواجد على قائمة المرشحين لسنوات طويلة، وقد جاء ترشيح روث المتواصل نظراً لتاريخه الأدبي الحافل والمميز، فهو يتربع على عرش الرواية الأمريكية، إلى جانب توماس بنتشن ودون ديليلو وكورماك مكارثي، وقد أنتج روث 24 رواية خلال الخمسين سنة التي قضاها في الكتابة، وقد حصل على 35 جائزة أدبية عالمية، مثل جائزة أحسن كتاب أجنبي في فرنسا عام 2000 عن رواية الراعي الأمريكي، وجائزة باسم الكاتب ويليام فوكنر عام 2001 عن رواية الشيطان الإنساني، وحصل أيضا على الميدالية الذهبية في الإبداع التي منحت له من قبل الأكاديمية الأمريكية للفنون والآداب عام 2002، وأيضا جائزة مدسيس للأدب الأجنبي التي تمنح في فرنسا للأدب التجريبي المتميز عن روايته الشيطان الإنساني، كما أن فيليب روث حصل عام 2003 على دكتوراه فخرية من جامعة هارفارد، وفي عام 2005 حصل على جائزة دائرة النقد للكتاب القومي عن روايته الحبكة ضد أمريكا، وفي العام التالي فاز عن الرواية نفسها بجائزة جيمس فيخور كوبر لأحسن رواية تاريخية. وحتى وقت قريب كان الكاتب النيجيري المخضرم تشينوا أتشيبي، على قائمة المرشحين حتى وافته المنية في 21 مارس/آذار 2013، وهو من قومية الإغبو، وأول روائي بارز من القارة السوداء، وكانت معظم كتاباته بالإنجليزية. تناول أتشيبي في كتاباته المخلفات المأساوية للإمبريالية البريطانية على المجتمعات الإفريقية. كما حلل العلاقات الأسلوبية بين الأدبين الإفريقي والإنجليزي. واستحوذت أعماله على اهتمامات النقد الأدبي، وقد أنتج أتشيبي أعمالاً روائية خالدة أهمها رواية الأشياء تتداعى عام 1958 والتي تصف انهيار الحياة القبلية التقليدية في ظل الوجود الاستعماري البريطاني في نيجيريا، ورواية سهم الرب 1964، وابن الشعب 1966، وكثبان السافانا 1987، وأصدر أتشيبي كذلك قصصاً قصيرة وكتباً للأطفال. يعدّ الفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر مؤسس الفكر الوجودي أبرز المفكرين الذين رفضوا تسلم جائزة نوبل للآداب، وكانت الأكاديمية السويدية قد رشحته لنيل الجائزة في العام 1964، والتي رفضها فور سماعه بالخبر، إضافة إلى رفضه استلام الشيك المصرفي للجائزة وقيمته 273 ألف كورون سويدي، أي ما يعادل 300 ألف يورو اليوم. كان سارتر ينظر إلى الجوائز على أنها قبلة الموت، إضافة إلى رفضه الانضواء تحت أي شكل من أشكال المؤسسات التي حاربها على الدوام معتبراً أنها مقيدة لكل أشكال الإبداع، وكان سارتر قد أعلن في السابق، رفضه نيل أي جائزة من تلك التي تمنحها السلطات الفرنسية، مثل جائزة جوقة الشرف وغيرها. وسبق ذلك أن أرسل سارتر إلى الأكاديمية السويدية يطلب فيها عدم منح جائزتها لشخص لا يرغب بذلك. وكتب وصلتني بعض الأخبار ومفادها أني قد أنال جائزة نوبل اليوم، ولأسباب خاصة وأخرى موضوعية، أتمنى ألا أكون ماثلاً على قائمة المرشحين للجائزة، وأنا لا أستطيع ولا أرغب، لا الآن ولا في المستقبل، أن أقبل هذه الجائزة. لكن هذه الرسالة لم تغير شيئاً من النتيجة. ولم يسبق أن حال أحد دون حصوله على نوبل إلا الشاعر السويدي إكسيل كارلفيلدت الذي نجح في إقناع اللجنة في العام 1919 بحذف اسمه من قائمة المرشحين، غير أنه عاد ونالها بعد مماته في العام 1931، حين كان منح الجائزة للراحلين ما زال متاحاً. وكان رفض سارتر منسجما تماما مع أفكاره الوجودية التي كان يدعو إليها، إذ قال: إن حكم الآخرين علينا، ما هو إلا محاولة لتحويلنا إلى موضوع وتشييئنا، بدل النظر إلينا كذوات إنسانية. وحينما سئل عما إذا كان نادما على رفضه نوبل فقال على العكسِ تماما فقد أنقذ ذلك حياتي فأنا أرفض صكوك الغفران الجديدة التي تمنحها جائزة نوبل. أما الكاتب الإيرلندي جورج برنارد شو، أحد أشهر كتاب القرن العشرين، الذي أنتج مسرحيات لاقت الشهرة والمكانة ما استحق عليه الفوز بجائزة نوبل عام 1925، بعد مسيرة حافلة تجاوزت الأربعين عاماً، فأعلن عن عدم اهتمامه بهذا الفوز، وقال:هذه الجائزة أشبه بطوقِ نجاة يلقى به إلى شخص وصل بر الأمان ولم يعد هناك خوف عليه من خطر، لم يعد لي حاجة بتلك الجائزة، وقال إنها تمنح لمن لا يستحقها، مضيفاً: إني أكتب لمن يقرأ لا لأنال جائزة.