لا أظن أن مشكلة مجلس الشورى في التعيين، بل في صلاحياته ومقدار تأثيره كجهاز تشريعي يراقب أداء الجهاز التنفيذي ويحاسبه! بل إن الانتخاب في بيئة تحكمها العصبيات القبيلة والمناطقية والفئوية قد يكون وبالا على أي تجربة ديمقراطية وليدة، فالديمقراطية لا تقوم إلا على وجود وعي سياسي لدى الناخب يكون التعصب فيه للبرامج والأفكار وليس للجماعات والأفراد! صحيح أن أي تجربة تستلزم مخاضا، لكن أي مخاض لا يستلزم أن يبدأ من الصفر عندما تكون تجارب الآخرين بإيجابياتها وسلبياتها نبراسا للعبرة والتأمل، ولا أن يكون مسارا بلا هدي نحو المجهول! برأيي أن مجلس الشورى لم يخل يوما من الكفاءات والشخصيات القادرة على خدمة المجتمع، لكن المشكلة كانت دائمة في آلية عمل المجلس وصلاحياته ومقدرته على التأثير، وبالتالي فإن تطوير هذه الآلية وتعزيز تأثيره قد يكون الخطوة التي يحتاجها المجتمع اليوم لاختراق الجدار الذي يبدو كما لو أن الزمن يصطدم به، وكسر جمود أداء بعض الأجهزة الحكومية ومعالجة تعثر عجلة التنمية التي تبدو متأخرة جدا عن مقدار إيرادات ومصروفات الدولة! إن البلاد تعيش أعلى طفراتها، وتنعم بأعلى إيراداتها، وإذا لم تكن خطواتها بحجم هذه الطفرة وتلك الإيرادات، فإننا نفوت فرصة ثمينة قد لا تتكرر يوما للقفز نحو المستقبل، وحتى نتفادى الخطوات المتعثرة، يمكن لمجلس شورى فاعل ومؤثر أن يكون جسرا لعبور التضاريس الصعبة!.