يُعد الخزف واحداً من أهم الفنون التي مارسها الفنان المسلم في مختلف بلاد العرب، فقد توافق هذا الفن مع روح الإسلام في بساطته وصفائه وشفافيته، كما أنه حل بديلاً عن أواني الذهب والفضة وعكس جماليات الفن الإسلامي في أزهى صوره. وقد اكتشفت قطع الخزف الإسلامي القديم في الفسطاط وسامراء والرقة والمدائن، حيث اشتهرت هذه المدن بصناعة الخزف من صحون وأطباق وأوان، ولذلك اعتبرت الحضارة العربية الإسلامية إلى جانب حضارة الشرق الأقصى من أكثر حضارات العالم التي اهتمت بهذا الفن. ولعل أهم أنواع الخزف الإسلامي، هو الخزف ذو البريق المعدني الذي يعتبر صفة خاصة انفرد بها الخزف الإسلامي وكان أول ظهور لهذا النوع من الخزف في العصر العباسي، فضلاً عن إنتاج الفسيفساء الخزفي الذي بدأ في عصر السلاجقة، واستمر في التطور والازدهار حتى وصل إلى أقصى مراحل الإبداع الفني في القرن الرابع عشر الميلادي. ابتكر الخزافون المسلمون أساليب فريدة في فنون الخزف شملت التنوع في وسائل الصناعة والألوان، ومن هذه الأساليب: الخزف ذو الزخارف المحفورة والمطلية بلون واحد، والفخار المدهون ذو الزخارف المحززة، والخزف ذو الزخارف المرسومة بالبريق المعدني، والخزف ذو الزخارف المرسومة فوق الدهان، والخزف غير المدهون. وتتميز زخرفة الخزف الإسلامي بالبريق المعدني، والطلاء بالمينا، والرسوم المتناهية في البساطة، التي تقتصر أحياناً على شريط من الكتابة الكوفية ذات اللون الواحد، يدور حول حواف الأنية. وهناك أيضاً أسلوب صناعة الفسيفساء، التي يتكون فيها الموضوع الزخرفي من عدد من الوحدات الصغيرة مختلفة الشكل والحجم، ومقطوعة من لوحات كبيرة من الخزف المدهون بالألوان تجمع بعضها إلى بعض وتثبت معاً. وكمعظم الفنون التطبيقية، والحرف والصناعات اليدوية الإسلامية، لعب الخط العربي دوره الأساسي في تشكيل البيئة الزخرفية الرئيسة في عملية تزيين الأعمال الخزفية وتزويقها، على اختلاف خاماتها وموادها ووظائفها، ومن بينها القاشاني الذي تميز بالجمع الموفق بين الزخارف والتشكيلات المستوحاة من الكتابة العربية أو المشكلة منه، أو المحيطة به، وهذه الزخارف والتشكيلات ذات بريق معدني ملَّون بالأزرق والفيروزي، تستوي مع الخلفية أو تبرز عنها بنفور بسيط. وقد زخرفت الأواني الخزفية الفاطمية ذات البريق المعدني برسوم حيوانية عدة لعل أهمها وأكثرها رسم الأرنب، ويلاحظ أن رسم الأرنب بصفة عامة في الفن الفاطمي له أرجل طويلة وذيل طويل بدرجة أخلت بالنسب التشريحية. كما زخرفت بعض الأطباق الخزفية ذات البريق المعدني برسوم الغزلان، وهي ترسم إما مفردة أو داخل تكوين زخرفي من عناصر هندسية أو نباتية، كما رسمت على أطباق البريق المعدني الفاطمي أشكال عدة لرسوم الطيور مثل الطاووس أو العصافير الصغيرة أو الغربان أو الديك. وتحتضن القاهرة أول وأشهر متحف في العالم يختص بعرض مقتنيات من الخزف الإسلامي حيث يشاهد زواره أكثر من 300 قطعة من منتجات الخزف الإسلامي. ويتم عرض المقتنيات بالطابقين الأرضي والأول من القصر على مساحة 420 متراً مربعاً، وقد أتت المعروضات من مصدرين رئيسيين، أولهما متحف الجزيرة 150 قطعة، وثانيهما متحف الفن الإسلامي في القاهرة 159 قطعة، وتتوزع مقتنيات المتحف تبعا لطرزها وعصور إنتاجها لتشمل مصر وتركيا بصفة رئيسة فهناك 116 قطعة من إنتاج مصر في عصورها المختلفة من العصرين الأموي والعباسي، مروراً بالعصرين الفاطمي والأيوبي وانتهاء بالعصر المملوكي، ثم 118 قطعة من إنتاج تركيا وخاصة من مدينتي أزنيك وكوتاهية، فضلاً عن 25 قطعة من إنتاج مدينة الرقة شمالي سوريا، و49 قطعة من إنتاج مدن إيران المختلفة، وقطعتين من كل من الأندلس وتونس والعراق، وقطعة واحدة من إنتاج المغرب.