تبدأ الأسبوع المقبل -كما هو متوقع- اجتماعات الدورة (34) للمجلس الأعلى لقادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية لمدة يومين، حيث تلتئم القمة في ظروف غير عادية، وتحديات شعبية غير مسبوقة؛ أفرزتها تداعيات "الربيع العربي"، ونتائج اتفاق الغرب بشأن المفاعل النووي الإيراني، والأزمة السورية، إلى جانب تنامي سقف طموحات أبناء الخليج في تعزيز مظاهر الوحدة الخليجية، و"الدفاع المشترك"، و"التكامل الاقتصادي"، والتنمية البشرية، و"الوعي السياسي" بأهمية الحفاظ على المنجزات، ومواجهة "التصنيفات الفكرية". إيران والمفاعل النووي الملف الأبرز سياسياً و«التصنيفات الفكرية» أمنياً.. و«الاتحاد الجمركي» و«السوق المشتركة» اقتصادياً وتنظر القمة في اجتماعها المقبل إلى نتائج الدراسات والتوصيات حول مشروع الانتقال من مرحلة "التعاون" إلى مرحلة "الاتحاد"، وهو ما يتوقع أن يتضمنه البيان الختامي للقمة، حيث لا يزال هذا المقترح الذي أطلقه الملك عبدالله في "قمة الرياض" قبل سنتين يأخذ صدى رسمياً وشعبياً لدى أبناء المنطقة، كما تبحث القمة أيضاً ملفات التعاون المشترك، وآلية تفعيل القرارات، والتنسيق السياسي في مواجهة أحداث المنطقة. "ندوة الثلاثاء" هذا الأسبوع تناقش التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإعلامية والثقافية التي تواجه دول الخليج، وذلك تزامناً مع القمة المرتقبة في "الكويت". د.الخشيبان: شعوب المنطقة اليوم جزء من العملية السياسية وقادرة على التأثير في صناعة القرار آمال كبيرة في البداية قال "د. عبدالمحسن المارك": إن القمة الخليجية التي تعقد كل عام تكون دائماً مهمة؛ وذلك لاجتماع أصحاب القرار والقادة الخليجيين، حيث تتطلع إليها الشعوب الخليجية والعربية بآمال كبيرة، مضيفاً أن القمة الخليجية المرتقبة في الكويت بحكم الأحداث الخطيرة التي تمر بها المنطقة منذ عام وحتى الآن تكون بالغة الأهمية والحساسية والخطورة، خاصةً تلك الأحداث الناجمة عن استمرار الأزمة السورية بكل عنفها، مبيناً أنه كانت الآمال تتطلع إلى تحرك المجتمع الدولي تجاه حل عادل لهذه القضية، ووقف المأساة، ووقف النزيف الدموي المستمر، لكن للأسف لا المنظمة الدولية ولا الدول الكبرى وجدت حلاً عادلاً تجاه هذه القضية، مشيراً إلى أنه انحصرت الأزمة السورية فقط فيما يتعلق بالأسلحة الكيماوية، والتركيز الآن ينصب في مؤتمر جنيف، حيث تحرص عليه جميع الدول الكبرى دون أن تثبت للشعب السوري الآمال والنتائج المتوقعة من هذا المؤتمر، مؤكداً على أن القمة الخليجية تتطلب الآن بشكل ملح وكبير تضامن وتضافر الدول الخليجية بالاهتمام بقوة بمبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز التي أطلقها قبل عامين في قمة الرياض والمتمثلة في الانتقال من التعاون إلى الاتحاد؛ لأن الأمور أصبحت الآن ملحة في هذه المرحلة الحساسة. اللواء د.فيصل:«التركيبة السكانية» في الخليج مختلة.. والعمالة الوافدة حوّلت العام الماضي 80 مليار دولار خطر العمالة وحول التحديات الأمنية التي تواجه المنطقة، أوضح اللواء "د. فيصل حامد" أن التحديات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية جميعها متداخلة؛ إذ من الصعب التحدث عن التحديات الأمنية دون الإشارة إلى الجانب الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، وبصفة عامة فإن التحديات الأمنية التي تواجه دول الخليج حالياً كثيرة، ويمكن إيجازها -من دون ترتيب- فيما ذكره الفريق "ضاحي خلفان" -قائد عام شرطة دبي- خلال محاضرة في يناير عام م عن التهديدات الأمنية التي تُحيط بدول الخليج، ومن ضمن ما ذكره ازدياد (العمالة الوافدة) في دول الخليج بصفة عامة، مبيناً أن البنك الدولي أشار في عام م إلى أن نسبة المقيمين في دولة قطر (87%)، ودولة الإمارات (81%)، والكويت (96%)، والبحرين (43%)، وعمان (28%)، وأخيراً في المملكة العربية السعودية (28%)، مؤكداً على أن هذه النسب هائلة جداً، ونحن الآن في نهاية عام م، ومن المؤكد أن تكون ارتفعت، لافتاً إلى أن الدراساته أثبتت أن زيادة العمالة لها علاقة بزيادة الجرائم، ولها علاقة بزيادة الطلب على الخدمات، مما يؤدي إلى استنزاف الاقتصاد، موضحاً أنه في العام الماضي ذكر وزير مالية البحرين أن عام م ستكون العمالة في دول الخليج قد حوّلت () مليار دولار إلى دولها. د.المارك: لا يوجد تخوف من مشروع «الاتحاد» لكن نحتاج إلى خطط لتنفيذه مع تشخيص الواقع سياسياً برنامج إيران وشدّد اللواء "د. فيصل حامد" على أن التحدي الآخر هو (البرنامج النووي الإيراني)، إضافةً إلى التوسع الإيراني في العالم، مضيفاً أن المفاعل النووي الإيراني في "بوشهر" يقع في منطقة زلازل ويبعد (300كم) عن عدد من عواصم الخليج، أي أنها مسافة أقرب إلى دول الخليج من عاصمة إيران "طهران"، وكلنا نرى النفوذ الإيراني الممتد في العراق وسوريا واليمن ويحاولون الدخول إلى مصر، مبيناً أن هناك تحدياً كبيراً يتمثّل في (الارهاب) وقد شهدت المملكة العربية السعودية ظاهرة الارهاب قبل أي دولة في العالم في التاريخ الحديث، وكانت لوزارة الداخلية دور فعّال في القضاء على العمليات الارهابية، ومعالجته بالفكر من خلال مركز الأمير محمد بن نايف الذي كان له دور في استئصال ظاهرة الارهاب، لافتاً إلى أن (الفساد الإداري) يُعد تحدياً خطيراً في كافة دول الخليج، وقد أشارت مؤسسة الشفافية الدولية من خلال دراسة صدرت عام م عن ظاهرة الفساد الإداري في قطر، حيث سجلت (7.7) درجات من الشفافية، وسجلت الكويت (4.5) درجات وترتيبها العالمي ()، كذلك سجلت المملكة العربية السعودية (4.7) درجات وترتيبها (50) عالمياً والخامسة في الدول العربية، والبحرين سجلت (4.9) درجات والرابعة عربياً وترتيبها () عالمياً، والإمارات (6.3) درجات وترتيبها () عالمياً والثانية عربياً، مؤكداً على أن ذلك يعطي مؤشراً إلى حد ما أن الفساد الإداري يشكّل تحدياً ليس في المجال الأمني فقط، بل يشكّل تحدياً في المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. اللواء د.السراء:«الإعلام التفاعلي» أثّر في الاستراتيجيات الأمنية في المنطقة تجارة المخدرات وأضاف اللواء "د. فيصل حامد" أن من أهم التحديات "البطالة" وقد شكّلت (12.1%) في المملكة العربية السعودية العام الماضي، مبيناً أن (تجارة المخدرات) خطر يُهدد الجميع أيضاً، ذاكراً أن المملكة خلال الأربعة أشهر الأولى من عام ه ألقت القبض على مخدرات تقدر قيمتها السوقية بأكثر من مليار ونصف المليار ريال، وخلال شهر رجب الماضي تم القبض على (كجم) من الحشيش، وفي شعبان (كجم)، لافتاً إلى تحديات (حوادث المرور)؛ إذ نجد أنها تسببت في أكثر من ستة آلاف ضحية حوادث مرور سنوياً، موضحاً أن التحدي الأخير هو (غياب الاتحاد الخليجي) الذي يشكل وحده تحدياً كبيراً في الأمن والاقتصاد. د.الزبن: الحكومات الخليجية أكثر قرباً من شعوبها بسبب الاستقرار السياسي اتحاد جمركي وحول التحديات الاقتصادية لدول الخليج، تحدّث "د. عبدالوهاب أبو داهش"، قائلاً: إن التحديات الاقتصادية عديدة، إلاً أن دول مجلس التعاون بدأت منذ عام م بإنشاء مجلس التعاون الخليجي على أساس اتفاقية الوحدة الاقتصادية، وهذه الاتفاقية استغرقت وقتاً طويلاً حتى فُعّلت عام -م، من خلال الاتفاقية الاقتصادية التي مهدت للاتحاد الجمركي عام م، ومنذ ذلك حدثت إجراءات جيدة جداً، منها: توحيد التعرفة الجمركية تجاه العالم الخارجي، وعبور السلع والخدمات والمواطنين والمقيمين بشكل يعد أقل مما كان في السابق، مضيفاً أن البداية الحقيقية للتعاون الخليجي الحقيقي كانت في عام م، ومازال هناك تحد كبير في عملية الاتحاد الجمركي، حيث نجد أن بعض الدول الخليجية تنفرد بمعاملات اتفاقية التجارة الحرة مع أمريكا (البحرين وعمان)، وهذه بلا شك تسبب في خلل اتفاقية الاتحاد الجمركي؛ مثل رفع الضرائب تجاه العالم الخارجي بنسبة (5%)، وقد تلجأ بعض الدول إلى رفع التعرفة الجمركية إلى أكثر من (5%) لحماية منتجاتها الداخلية، مشيراً إلى أن إدعاء بعض الدول إغراق بعض المنتجات الزراعية مثل الألبان، وهذه مشكلة من المفترض ألاّ تكون؛ إذ المقصود بالاتحاد الخليجي هو التعامل مع المنتج كمنتج محلي وليس منتجاً مستورداً من الخارج. د.أبو داهش: حرية التجارة تساعد على التكامل بين دول الخليج وتساعد على المفاوضات مع الغرب تفتيش مستندي وفيما يتعلق بالسوق الخليجية المشتركة، أوضح "د. أبو داهش" أنها مازالت تواجه عوائق كبيرة، على الرغم من وجود حرية مرور للأشخاص بالبطاقة المحلية، لكن للأسف هناك عوائق أمام تحرك الشاحنات، فالتفتيش الجمركي أصبح أكثر مما يكون تفتيشاً روتينياً، حيث أصبح معقداً بدرجة كبيرة، مضيفاً أنه من المفترض أن يكتفي بالأوراق والاستثمارات المحلية لكل دولة والوثوق فيها كمستند رئيس، وبالتالي يصبح التفتيش مستندياً أكثر من أن يكون تفتيتشاً عملياً للسيارات وخلافها، مبيناً أن عملية انتقال المقيمين والتأشيرات تُعد مشكلة كبيرة ليست فيها حرية الحركة، وأن عملية الاستثمار بين المواطنين الخليجيين سواء في قطاع العقار والأسواق المالية مازالت تقف أمامها تحديات وعوائق، خاصةً أن الاتفاقية الخاصة بالتعاون الخليجي والسوق الخليجية المشتركة تعامل الجميع بصورة متساوية بدون تمييز أو تفرقة، سواء في التوظيف أو التأمينات أو معاشات التقاعد والتملك وغيرها. السوق المشتركة وتأسف "د. أبو داهش" على أنه مازالت هناك تعقيدات كبيرة في جميع دول الخليج العربي نجدها في الإمارات وعمان والكويت وقطر، حيث يجد القطاع الخاص السعودي عند رغبته في الاستثمار في الدول الخليجية عوائق عديدة شكلية أو إجرائية، مضيفاً أن السوق المشتركة التي كانت من المفترض أن تبدأ عملها عام م فإنها الآن مُددت إلى أعوام أطول، وبالتالي فإنها لن تحقق الهدف، مبيناً أنه فيما يتعلق بإتحاد العملة الخليجية هناك انسحاب من قبل سلطنة عمان والإمارات، حيث توقفت عند المفاوضات الخاصة بالعملة الموحدة، ومع هذا نجد أن هناك تحديات متوقعة وحقيقية في حال رغبة القيادة الخليجية في تحقيق حلم الشعوب الخليجية، مشيراً إلى أن المقيمين يحتاجون إلى حرية حركة لتسريع عملية التنمية وجعلها مستدامة، مع زيادة الإنتاج المحلي، مؤكداً على أن حرية التجارة تساعد على التكامل بين دول الخليج، وتساعد كذلك في المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي أو أمريكا أو اتحاد الاقتصادات الأخرى، مُشدداً على أنه من المهم اتحاد الكلمة الخليجية وعدم الخروج منها إلاّ في حالة الضرورة القصوى. إيران و"الإخوان"! وعن الجانب الفكري قال "د. علي الخشيبان": إن القمة المرتقبة هي القمة الأكثر أهمية بالنسبة لجميع دول الخليج منذ حرب الخليج الثانية، والسبب في ذلك وجود أحداث مهمة، خاصةً ما يجري في المنطقة الآن من تطورات، وتحديداً الاتفاقية الإيرانية - الغربية، وما سيحدثه هذا التحول الجديد الذي يجب أن يواجه من قبل دول المنطقة بمشروعات مختلفة، مضيفاً أنه فيما يتعلق بالتحديات الفكرية يمكن أن أوجزه في عدة نقاط منها؛ عودة الإرهاب في البحرين تحت غطاء سياسي، وكذلك عودته بشكل مختلف مدعوم بقوى تحاول التدخل في المنطقة الخليجية، وهذه تعد أحد التحديات الفكرية الكبرى التي تواجهها المنطقة، كذلك لا ننسى ما خلفته الثورات العربية من "المد الاخواني" في منطقة الخليج، مبيناً أن التشكيل الفكري في منطقة الخليج فاجأ الجميع بتلك الإشارات والأحداث التي كانت داعمة بشكل مباشر أو غير مباشر لما حدث من "المد الاخواني" الذي كاد أن يفرض سيطرته على المنطقة لولا يقظة الشعوب في المنطقة، خاصةً الشعب المصري الذي تدارك الوضع وقام بالثورة المضادة. وأشار إلى أن الأمر الأخطر هو دخول إيران في مرحلة جديدة مع الدول الغربية، إذ من المؤكد أنها ستستثمر هذا الاتفاق لتفعيل المد المذهبي، وسيكون ذلك على حساب دول المنطقة، مما يشكّل تحدياً آخر من التحديات الفكرية التي يجب أن تُطرح أمام قادة دول المجلس في القمة. شعوب المنطقة وأكد "د. الخشيبان" على أن شعوب المنطقة الآن أصبحت جزءاً من العملية السياسية بخلاف ما كان في السابق، حيث كانت تنتظر ما ينتج من هذه الاجتماعات، لكن اليوم نجد أنها تُعبّر عن ما يحدث في العالم من خلال قنوات الاتصال، وقد يصل الأمر إلى مرحلة أن يضع لها البعض برنامجاً وتوقعات، مُشدداً على أهمية تتويج القمة بالدعوة التي وجهها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بإنهاء مرحلة "التعاون" والدخول في مرحلة "الاتحاد"؛ إذ ليس من الممكن فصل القضايا السياسية والاقتصادية عن القضايا الفكرية التي لها تأثير أكبر من تلك التأثيرات الأخرى؛ لأن القضايا الفكرية أصبحت الآن تقود المنطقة سياسياً، ولعلكم لاحظتم ذلك في الثورة المصرية وقبلها في الثورة الإيرانية التي كانت على مدى (30) عاماً تقود هذه الخطورة التي نواجهها اليوم. استيعاب التغيير وأكد "د. إبراهيم الزبن" على أنه من خلال قراءته للواقع الاجتماعي في دول مجلس التعاون الخليجي، سواء على مستوى الحكومات أو على مستوى الشعوب، أو على مستوى المجتمع المدني، يجد تجاوباً مع هذا التغيير الذي يحدث في العالم، وهناك رغبة قوية جداً نحو الامتزاج في التكتلات العالمية عبر ما يسمى بالاتحادات التي تتعدى الإقليمية إلى الدولية والعالمية، مضيفاً أن المنظمات الدولية دائماً تسعى إلى وضع شروطها على دول المنطقة، والدول مستوعبة للأوضاع عبر سياساتها وقياداتها، وبالتالي هي تتوافق معها بالشكل الذي يتوافق مع ثقافتها وبُنيتها الثقافية، وتتوافق أيضاً مع تطلعات شعوبها، مبيناً أن التحدي الأساسي الذي يجب أن نركز عليه هو التطور الذي حدث في الجانب "الديمغرافي" فيما يتعلق بتضخم فئة الشباب، وهي الفئة التي تصنع القرار الآن في كثير من دول العالم، وأن مشاركة المملكة لدول العشرين التي اجتمعت مؤخراً في مناقشة قضايا الشباب وريادة الأعمال ودور مجتمعات المؤسسات المدنية ودورها في تعزيز وجود الشباب وتمكينهم تنموياً، كانت هي أكبر التحديات والمتمثلة في مدى استيعاب السياسات المحلية أو الاقليمية لمثل هذا التحول، مشيراً إلى أن ما يحدث هو أمر إيجابي، وأن المجتمع بكل فئاته أستوعب التغيير. فكر استباقي وعن الصعوبات التي توجه دول المجلس في التحول من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد، أوضح "اللواء د. محمد السراء" أنه عند النظر إلى الفكر التحولي من الناحية الأمنية الدقيقة؛ فإنه يجب أن نفكّر في مخرجات ومدخلات الأمن في دول مجلس التعاون قبل أن نفكّر في النظر في شيء معين، بحيث نضع هذه التداعيات وهذه المحاور ونبدأ بالمدخلات، مع إصلاح أعمالنا الأمنية الداخلية بدقة شديدة، لكي تصبح لدينا أرضية نقرب بها بين النظرية والتطبيق في جميع المجالات التي سنخوضها على مستوى دول الخليج، مبيناً أنه لا يوجد لدينا في الوقت الحاضر أي رؤية تحليلية للتداعيات الأمنية، فلو وضعنا هذه التداعيات وهذه المتغيرات والنواحي المستحدثة في الجريمة، لكان لدينا مجموعة علمية قياسية لدراسة هذه الظواهر داخلياً ومن ثم التأقلم مع أجهزة مجلس التعاون الخليجي في هذا المجال، لافتاً إلى أن الأجهزة تبحث عن هذه الأمور والخطوط العريضة ومحاورها، وكيفية التحول، وكذلك كيفية النظرة إليها بمنظار قوي، لكن لابد أن يكون لدينا فكر استباقي لدراسة هذه الظاهرة حتى لو تم التحول، بحيث تقدم العمل المتميز في عملنا الأمني. عمل أمني وأوضح "اللواء د. السراء" أن العمل الأمني يحتاج في مدخلاته أن تكون مرتبة علمياً، كذلك يجب أن تقاس متغيراتها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والفكرية علمياً، حتى تظهر في "بوتقة" متلازمة ومتأقلمة مع ما هو موجود في المجتمع، مضيفاً أنه إذا ظللنا ندور في حلقة مفرغة وكلٌ يقدم خدماته بمستواه وبطريقته، سوف نجد أنفسنا في الواقع أن المجرم المثقف والجرائم المستحدثة ستعطل مسار الاتحاد، مُشدداً على أهمية إصلاح مدخلاتنا الأمنية إصلاحاً دقيقاً؛ لأن أهم شيء في التداعيات الأمنية هو انحسار هيبة الأمن بمفهومه التقليدي، ومتى ما انحسرت هيبة الأمن انحسرت هيبة الدولة، لافتاً إلى أنه على سبيل المثال كم كانت في مصر من قوة وهيبة أمنية، لكن عندما حدث الانفلات الأمني أين ذهبت قوات الأمن التقليدية؟، فقد أصبحت للأسف في مهب الريح، وأكبر خطورة يواجهها رجل الأمن هو عندما يصبح أمام تحديات لا يستطيع أن يفعل أمامها أي شيء. طموحات متباينة وأوضح الزميل "عادل الحميدان" أن هناك غياباً للرؤية الواحدة لتقدير المواقف والأحداث، ومثال ذلك نظرة الدول الخليجية لحركة الاخوان المسلمين وما يجري من أحداث في مصر، إضافةً إلى نظرة الدول الخليجية إلى الربيع العربي بين مؤيد ومعارض، مُتسائلاً: كيف نستطيع أن نتحول من مرحلة "التعاون" إلى مرحلة "الاتحاد" ولسنا متفقين كدول وشعوب على الأحداث التي مرت بها بعض الدول العربية؟، مبيناً أن من يُعتبر مجرماً أو مخالفاً في المملكة لا يعتبر مجرماً في إحدى الدول الخليجية، وهذا يدلل على وجود تباين في تطبيق الاتفاقيات الأمنية والاقتصادية وغيرها من الاتفاقيات الأخرى. وتحدث الزميل "أيمن الحماد" قائلاً: من الملاحظ أن هناك تبايناً وتردداً داخل دول الخليج بشأن الاتحاد الخليجي، فمثلاً نجد عمان ترفض صراحة التحول إلى الاتحاد الخليجي، والإمارات لديها تحفظ والكويت لا تتفاعل مع الاقتراح بالشكل اللازم، متسائلاً: هل هذه المواقف نابعة من خوف سيادي أم اقتصادي أم اجتماعي؟، وما هي الأسباب لامتناع دول مجلس التعاون عن اتخاذ قرار التحول من التعاون إلى الاتحاد؟. وأوضح الزميل "محمد الغنيم" أن حجم التحديات والمخاطر التي تحيط بدول المجلس أسرع من آلية التعاون، حيث كنا في السابق نتحدث عن القضايا الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ان لم يتم إقرارها في القمة الحالية يتم إقرارها في القمة التي تليها، مضيفاً أنه تحوّل الآن الخطاب إلى تحديات ومؤامرات تحاك بدول مجلس التعاون، إضافةً إلى وجود خلافات على التحديات الأمنية، بل حتى جهاز الشرطة المجتمعية لم نتفق على إنشائه واقراره حتى الآن. وعلّق "د. عبدالمحسن المارك" على تلك التساؤلات، قائلاً:لا أعتقد أن هناك تخوفاً من مشروع الإتحاد، حيث أن كل شعوب الخليجية بشغف الى تحقيقه، لكن المطلوب لتنفيذه يحتاج إلى وضع خطط، مع تشخيص الحالة بشكل علمي وبشكل سياسي واضح، إضافةً إلى دراسة المجتمعات التي سبقتنا في هذا المجال، مضيفاً أننا نطمح أن نكون قريبين من الاتحاد الأوروبي، ولا ننسى أنه بدأ منذ عام م بفكر اقتصادي قبل أن يكون فكر سياسي، مبيناً أن القيادات العربية تتابع طموحات وآمال وتطلعات شعوبها، وهي حريصة إلى تحويل هذا الحلم إلى واقع، لا سيما أن الأخطار المحيطة بالمنطقة تتطلب ذلك. وأيد "د. علي الخشيبان" ماذكره الزملاء في مداخلاتهم وتساؤلاتهم، موضحاً أننا الآن في الخطوات الأولى لإنشاء الاتحاد، وقد نحتاج إلى أعوام، وأن ما تحقق اليوم يعد مكسباً كبيراً، متوقعاً أن تصدر قرارات قوية ومؤثرة من قمة الكويت المرتقبة، وتحديداً التحول إلى مرحلة الاتحاد في دول المنطقة. استعداد أمني وعن أسلوب التعامل مع التحديات الأمنية، أوضح اللواء "د. محمد السراء"، قائلاً: إننا عندما ننظر إلى الجهود التي يبذلها رجال الأمن بصفة عامة، وكيفية استعدادهم لمواجهة هذه الأحداث؛ تتفتح خطوط صغيرة إلى مؤسسات الأمن بجميع أطرافه لتحفيز رجاله ورفع مستوى أدائهم، مضيفاً: "إذا فتحنا ملف الإرهاب نجد أننا خضنا فيه ومعه خوضاً كبيراً ولم نصل إلى التعريف المتكامل له إلاّ قبل شهرين تقريباً"، مؤكداً على أنه عندما تكبر التحديات عاماً بعد عام وتتضاعف، فإن ذلك ناتج عن عدم دراسة التغيرات الأمنية دراسة علمية، حيث لم تخضع لعمليات القياس الدقيق لمعرفة مواطن الخلل. وأكد اللواء "د. فيصل حامد" أن الجهات الأمنية مستعدة لمواجهة التحديات، والحالات الطارئة الناشئة عنها، وطرق ووسائل المواجهة معروفة، ولكن المطلوب هو سرعة التنفيذ والتفعيل. تحديات خارجية وتداخل "د. عبدالوهاب أبو داهش"، قائلاً: فيما يتعلق بالتحديات فإنها تحديات خارجية في أغلبها وتحديات خارجة عن إرادة دول المنطقة، حيث جاءت بحكم موقع دول مجلس التعاون الخليجي وهي منطقة تحيط بها دولة مختلفة وذات مصالح مختلفة، والواجب علينا أن نكون مستعدين لها، خاصةً التحديات السياسية والأمنية وتحديات تصدير الفكر، متأسفاً على أننا أحياناً نستورد أفكاراً دون تمحيص، ذاكراً أن المشكلة الكبرى أن مجلس التعاون الخليجي أنشئ على أساس أنه مجلس تعاون ومجلس تنسيق وليس مجلس اتحاد، وبالتالي لم تتبلور فكرة التحول إلى الاتحاد إلاّ بداية عام م، مبيناً أن الخطوات التي اتخذت حتى الآن بشأن الاتحاد بالشكل المتكامل هي خطوات صحيحة جداً بدءاً بالاتحاد الجمركي أولاً، وسوق خليجية مشتركة، وهي من الخطوات التي تدخل في السياق الصحيح. وأضاف: إذا اكتملت الخطوات اللازمة وأدركت دول الخليج أن التحديات الخارجية تحتاج إلى اتحاد في جميع السياسات فإننا سننجح، وإذا لم يتم الاتفاق على ذلك فإنه لن نقف في مواجهة التحديات إطلاقاً. دبلوماسية خليجية وحول دور "الدبلوماسية الخليجية" في التعامل مع هذه التحديات الخارجية، أوضح "د. عبدالمحسن المارك" أن الوسيلة "الدبلوماسية" هي إحدى الوسائل التي تلجأ إليها الدول لتنفيذ أهدافها، وهي دائماً تكون مبنية على إمكانات وعوامل الدولة التي تستطيع أن ترسم أهدافها وتحاول تنفيذها عبرها، لكن هناك وسائل أخرى تساعدها وهي الوسيلة الإعلامية والاقتصادية، ولعلكم تلاحظون كثرة اجتماعات وزراء الخارجية الخليجيين، حيث يُعقد معظمها في دولة المقر، مبيناً أن الدبلوماسية الخليجية تسير في الطريق الصحيح. وشدّد "د. علي الخشيبان" على أهمية التفريق بين مرحلتين مهمتين؛ المرحلة الأولى وهي ما قبل الثورات العربية، حيث كان التعاطي مع المواقف الخليجية مختلفة تماماً، والمرحلة الثانية هي مرحلة ما بعد الثورات العربية، حيث كانت الدول الخليجية أكثر قرباً، وقد عكست دول الخليج الصورة الصحيحة لما يجري في الدول العربية التي حصلت فيها الثورة، وأقرب مثال على ذلك جمهورية مصر حيث ظهر التقارب الواضح بين المواقف الخليجية، مضيفاً أن المملكة أوصلت رسائل كانت جديدة على الدول الكبرى، مبيناً أنه كانت المواقف الخليجية في الأمم المتحدة أكثر صرامة وقوة وأعلى صوتاً، مما انعكس إيجاباً على دول الخليج والتعاطي مع القضايا الإيرانية. تحديات داخلية! وطرح الزميل "د. أحمد الجميعة" سؤالاً عن سمات التحرك الأمني في دول مجلس التعاون الخليجي؟، وهل السياسات متطابقة أم أنها متفاوتة بالرغم من وجود اتفاقية أمنية موحدة؟. وأجاب اللواء "د. فيصل حامد"، قائلاً: الاستراتيجية الأمنية وأهدافها موجودة في دول مجلس التعاون الخليجي، والاتفاقية الأمنية بين دول مجلس التعاون تم إقرارها منذ عام م وعُدّلت ثم وُقّعت العام الماضي، وهناك اتصالات مباشرة بين الأجهزة الأمنية في الدول الخليجية، وهناك مركز معلومات جنائية لمكافحة المخدرات عام ه، كذلك لدينا مركز تبادل للمعلومات، مضيفاً أن أقرب مثال العام الماضي عندما ألقت دولة الإمارات القبض على مجموعة من الإخوان المسلمين، حيث كان هناك اتصال مباشر بينها وبين المملكة، مبيناً أن لدينا مجلس التنسيق السعودي - القطري الذي بدأ عام م، حيث عقدت أربعة اجتماعات إلى الآن. وأضاف: فيما يتعلق بموضوع التحديات وأنها خارجية، فأنا أختلف مع هذا الرأي، فنحن لدينا تحديات في الداخل، فمجموعة الإرهابيين الذين تم القبض عليهم هم من المملكة وهم أولادنا وأخواننا، مبيناً أن المخدرات تعد تحدياً داخلياً، من يحضرهم وينشرهم في السوق أليس نحن؟، إذاً هناك تحديات اجتماعية وأمنية واقتصادية وسياسية نابعة من الداخل وليست كلها من الخارج، مُشدداً على أهمية معرفة أن الاتفاقيات موجودة والأهداف موجودة، لكننا نعاني من نقص في التنفيذ والتفعيل. إعلام تفاعلي وأكد اللواء "د.محمد السراء" على أن جميع الاجتماعات التشاورية التي تُعقد في مجلس التعاون أو غيره على مستوى القطاعات والإدارات دائماً يتم التركيز على كلمة تفعيل وإعداد خطط، وكذلك التنسيق الموحد، مضيفاً أنهم حاولوا إخراجهم من النواحي الأكاديمية والفكرية على أن تكون جميع المواضيع الاستراتيجية شاملة لجميع دول مجلس التعاون الخليجي، وأن يوضع لها كذلك في الجانب الآخر مذكرات تفسيرية وتوضيحية، ويصدر فيها إجراءات عقابية، مبيناً أنه ما دام تم توقيع الاستراتيجية الأمنية فهناك مذكرة تفسيرية عن دورها، وماذا ستقدم من مساعدات ومن معلومات يمكن ارسالها وتبادلها مع الآخرين؟، مُشدداً على أهمية أن لا ننسى تأثير وسائل الإعالم الحديثة، خاصةً الإعلام التفاعلي، الذي أدى إلى تعطيل الكثير من النواحي الأمنية. استقرار سياسي وعن المتغيرات الاجتماعية التي غيّرت سلوك ووعي الشعب الخليجي، أوضح "د. إبراهيم الزبن" أن هناك تكاملاً بين دول الخليج من خلال المحاور المطروحة، لكن هناك قضية يجب أن نطرحها بكل شفافية ووضوح، وهي هل هناك عزلة بين الحكومات في دول مجلس التعاون الخليجي وبين شعوب هذه المنطقة؟، أم أن هناك تكاملاً بين الحكومات وهؤلاء الشعوب؟، مُشدداً على أن المهم في هذا الأمر ألاّ نفصل بين الشعوب الخليجية والعربية عن شعوب العالم؛ لأن هناك محركات عديدة بين الشعوب وهي محركات اقتصادية وسياسية واجتماعية، ومثال ذلك أحداث الحادي عشر من سبتمبر وحرب الخليج والثورات العربية الأخيرة، وهذه الأسباب نعتبرها في العلوم الاجتماعية هي المحرك للشعوب، وتجعلها تمتزج مع التغيرات أو تنعزل عنها، معتقداً أن الحكومات الخليجية أكثر قرباً من شعوبها بسبب الاستقرار السياسي والاقتصادي فيها، والدليل على ذلك أن التغيرات التي حدثت في العالم العربي كانت بعيدة عن الدول الخليجية، وأن الشعوب الخليجية لديها المرونة أكثر من الحكومات ومؤسسات المجتمع المدني في قراءة هذه التغيُّرات، وبالتالي هي أقدر على التعبير عن مدى استيعاب التغيرات والتكيف معها. الشعوب الخليجية وفيما يتعلق بردود فعل الشعوب الخليجية تجاه العمل الخليجي المشترك؟، أكد "د. عبدالمحسن المارك" على أن الشعوب الخليجية هي جزء من الأمة العربية، وعندما أنشئت الجامعة العربية كانت الآمال والطموحات والتطلعات كبيرة، مضيفاً أنه لم تثبت جامعة الدول العربية طوال الأعوام الطويلة على قدرتها بتحقيق تلك الآمال والتطلعات، مما أدى إلى قيام اتحادات أخرى من ضمنها مجلس التعاون الخليجي، الذي أصبح داعماً للجامعة العربية، مشيراً إلى أن الشعوب طموحاتها وآمالها دائماً أكثر بكثير من الامكانات والظروف الموجودة، موضحاً أن مجلس التعاون يحتاج إلى جهود كبيرة للاستمرار والإندفاع بقوة في تحقيق الأهداف المرسومة من قبل القادة. حجم البطالة وحول أهمية وجود محرك اقتصادي للشعوب الخليجية لكي تتفاعل أكثر مع مقررات القمة المقبلة، قال "د.عبدالوهاب أبو داهش": من أهم التحديات التي يجب أن نذكرها أن نسبة البطالة مرتفعة في دول الخليج، كذلك يوجد ارتفاع في مجال التعليم، إضافةً إلى ارتفاع مستوى دخل الفرد، إلى جانب أن (60%) من القوى العاملة من فئة الشباب، متسائلاً: كيف يكون دخل الفرد عال والبطالة مرتفعة؟، مبيناً أن نسبة الأمية منخفضة في دول الخليج ونسبة الفقر منخفضة جداً، وبالتالي لم يعد موجوداً سوى المؤسسات السياسية لاستيعاب مثل هذه الفئات، مشيراً إلى أن ارتفاع دخل الفرد أدى إلى عدم انتشار الثورات العربية في دول الخليج، حيث نجد أن لا أحد يريد أن يفقد ممتلكاته. مصادر خارجية وعن المصادر الخارجية وتأثيرها على توجهات شعوب المنطقة، أوضح اللواء "د. محمد السراء" أن لدينا ثقافات فرعية نشأت لدى مجتمعات في دول الخليج لها تأثير كبير جداً على الثقافة الأصلية، مما خلق تغييرات كثيرة منها الإجرامية والأمنية، مضيفاً أن لدينا نظرة محددة بأن فكر وسلوك المواطن الخليجي أصبحا خاضعين للحضارة الغربية؛ لأن الأوعية التعليمية التي نمارسها والثقافية الاجتماعية لم تستطع أن تشبع رغباته في الوقت الحاضر، حيث أصبح العالم شارعاً منتهياً إلى شارع آخر، مبيناً أنه عندما نجد هذه التأثيرات يجب أن ندرسها دراسة دقيقة، وكذلك الثقافات الفرعية التي اكتسبتها تلك المجموعة يجب أن نأخذها وندرسها كل متخصص في مجاله. محفزات اقتصادية من دون «عملة» وسوق مشتركة تحدّث "د.عبدالوهاب أبو داهش" حول محفزات الاندماج الاقتصادي بين الدول الأعضاء في مجلس التعاون، قائلاً: أعتقد حينما يكون هناك اتحاد ستكون هناك سوق كبيرة جداًّ، خاصةً أن حرية حركة التجارة مهمة لكل دول الخليج، معتقداً أن "دبي" لم تكن تزدهر تجارياً لو لم تكن أسواق الخليج مفتوحة لها ومنها سوق المملكة. وقال:"يجب على جميع القادة أن يدركوا أنه كلما كان حجم السوق كبيراً ازدادت إنتاجيته ونمو مجتمعه"، مبيناً أن قوة التفاون في ظل وجود منظمة التجارة العالمية، ووجود اتحادات في أمريكا وآسيا يحتم علينا أن نكون أكثر قدرة على مواجهتهم كوحدة اقتصادية متماسكة، مؤكداً على أن العملة الخليجية الموحدة مهمة جداًّ لتسيير الاستثمارات بين دول الخليج، إذ من الصعب أن تكون هناك استثمارات بالمعنى الصحيح حتى تكون هناك عملة موحدة تقلل من المخاطر، واتخاذ سياسات نقدية وتجارية موحدة أمام العالم الخارجي. واشار إلى أن السوق الخليجية تعد من الأسواق الاستهلاكية الكبيرة على مستوى الدول العربية، وبالتالي فإن قدرتنا التفاوضية تعتمد على اتخاذ إجراءات وسياسات اقتصادية موحدة، وغير ذلك لا أعتقد أنه سيكون بمقدور كل دولة على حدة التعامل مع التحديات الاقتصادية في حال انخفاض أسعار النفط، أو فشلها في تنويع القاعدة الاقتصادية. فكر «القطيع» يصدّر الشائعات! أوضح "د.إبراهيم الزبن" أن الفكر السائد في المجتمعات العربية بشكل عام والمجتمعات الخليجية هو فكر "القطيع"، بمعنى أنهم تبع لقادة الرأي في المجتمع، وهؤلاء القادة هم الذين يبثون الأفكار ويحولونها إلى رؤية معينة، ومن ثم تبدأ تسير بين مجموعة من التابعين لهؤلاء القادة، وتصبح كأنها حقائق. وقال إن قدرة المواطن الخليجي في التصدي للشائعات التي بدأت تنتشر في دول الخليج سواء على مواقع التواصل الاجتماعي، أو على مستوى الحراك الشعبي التقليدي لا تزال محدودة، مضيفاً أن الإشكالية التي تحدث في هذا الموضوع أن الأسرة والمدرسة والمسجد وكل مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الحكومية لم تستطيع أن تعطي فرصاً جيدة ومناسبة لتغيير هذا الفكر، وبالتالي أصبح فكر القطيع هو الذي يحرك الشباب وكثيراً من فئات المجتمع عبر القنوات أو أجهزة التواصل الاجتماعي خلال الأربع وعشرين ساعة حتى تصبح حقيقة واقعية، بينما هي عكس ذلك، مشيراً إلى أن هناك طريقتان لحل هذه المشكلة، (الطريقة الأولى) أن تكون لدينا خطط طويلة المدى تستهدف المؤسسات المجتمعية المؤثرة على تفكير الأفراد، و(ثانياً) هناك ما يسمى بالحلول الوقتية قصيرة المدى، التي لابد من ربطها بالاستراتيجيات التنفيذية التي لها علاقة بخطط واقعية وواضحة يمكن تنفيذها وليس مجرد أفكار تطرح في منتديات علمية وغيرها من المنتديات ثم يصعب تنفيذها في الواقع. مقارنة غير دقيقة مع الاتحاد الأوروبي! قال الزميل "هاني وفا" إن مجلس التعاون الخليجي مرّ على إنشائه حوالي (33) عاماً، ومازلنا إلى الآن نتحدث عن التحديات، وكل عام تزداد اقتصادياً وسياسياً وأمنياً، متسائلاً: ما المخرج للتقليل من حجم هذه التحديات، خاصة أن دول الخليج أكثر تقارباً، وتملك مقومات الوحدة أكثر من الاتحاد الأوروبي مثل اللغة والدين والعادات والتقاليد الاجتماعية؟. واستدرك "د.إبراهيم الزبن" على ما ذكره الزميل "هاني وفا" من أن مقارنة الاتحاد الخليجي مع دول الاتحاد الأوروبي غير دقيقة؛ لأن هناك اختلاف في التكوين السياسي والبنى الثقافية والاقتصادية الأوروبية، مضيفاً أن التحديات التي تزداد على المنطقة كل عام ينبغي أن تخضع للدراسات والأبحاث العلمية، لهذا لابد من وجود دراسات وأبحاث دقيقة عن واقع دول مجلس التعاون الخليجي، وكذلك دراسة خاصة عن واقع الشعوب، ولماذا مثلاً مازالت تتجاوب مع الأفكار السلبية التي تُطرح من الخارج. وأوضح اللواء "د.فيصل حامد" أن التحديات أمام دول الخليج في ازدياد مطرد، وتتأثر تلقائياً بالأوضاع التي تجري وتتبدل بشكل يومي في المنطقة والعالم، فمثلاً قبل ثلاث سنوات كانت إيران نافذة في سورية، لكن الشعب السوري لم يتحرك ويثور إلاّ قبل عامين، وفي البحرين كان هناك تغلغل إيراني لكن لم يكن هناك تدخل مباشر كما يحدث الآن، مشيراً إلى أن استراتيجية التعامل مع التحديات على المدى الطويل أهم من من فكرة المواجهة الآنية، مستشهداً بالارهاب الذي لا يواجه إلاّ بالفكر، وهو ما عملت عليه وزارة الداخلية في المملكة حين واجهت المشكلة بالفكر، وتحديداً بإنشاء مركز الأمير محمد بن نايف للمناصحة الذي حقق نتائج كبيرة. سقف الطموحات نحو التحول الديمقراطي أوضح "د.علي الخشيبان" أن دعوة التحول من مرحلة "التعاون" إلى مرحلة "الاتحاد" سوف تزيد بشكل كبير جداً من سقف طموحات مواطني الخليج، إلى جانب عملية الإصلاح والتحول "الديمقراطي" في المنطقة-، خاصةً الاصلاح والتوسع في عملية الحريات، وكذلك القضاء على الفساد وإصلاحات أنظمة القضاء. وقال إن شعوب المنطقة الخليجية تنظر إلى هذه المصطلحات على أنها خطوات إيجابية يجب أن تتم، وخلال العشر سنوات الماضية هناك دول خليجية استطاعت أن تحقق قفزات كبرى عبر إدخال نماذج للعمل الديمقراطي في مؤسساتها السياسية، حيث نجد التجربة "البرلمانية" موجودة الآن في جميع دول الخليج مع تفاوت المسميات، فالمرأة أصبحت موجودة في جميع المؤسسات البرلمانية الخليجية، كذلك النظام القضائي يمر الآن بإصلاحات كبرى، وكذلك النظام التعليمي، إضافةً إلى أن كل دول الخليج لديها مؤسسات حكومية وأهلية في مجال حقوق الإنسان، ذاكراً أن هذه الصور العريضة هي المنطلق الذي تسير عليه الشعوب نحو فرص أكبر للمشاركة السياسية بما يتوافق مع الأنظمة. ماذا نحتاج لتفعيل منظومة العمل الخليجي؟ طرح الزميل "د.أحمد الجميعة" سؤالاً في نهاية الندوة عن ماذا نحتاج لتفعيل منظومة العمل الخليجي المشترك؟، وقال "د.عبدالمحسن المارك": لابد من رسم خطط استراتيجية لتحقيق آمال وطموحات الشعوب الخليجية، إلى جانب تنمية القدرات البشرية والاقتصادية والعسكرية وصولاً إلى الهدف المطلوب، بينما أوضح "د.علي الخشيبان" أننا بحاجة إلى تجاوز أزمات التكوين الجغرافي، والتفاوت في المقومات بين الدول، كذلك نحن بحاجة إلى إصرار حقيقي من القيادات السياسية للتحول إلى مرحلة الاتحاد، مضيفاً أنه على المستوى الاجتماعي نحن بحاجة إلى تعزيز فكرة المواطن الخليجي وليس المواطن الإقليمي المرتبط بدولته، مبيناً أننا بحاجة إلى سياسات نشر قيم ثقافية خاصةً في المنطقة الخليجية، عبر دمج هذه الثقافات واستخلاص قيم ثقافية خاصة لهذه المنظومة الخليجية. وأكد اللواء "د.محمد السراء" على أننا بحاجة إلى التميّز، وماذا كسبنا منه، وفي أي حيز وضعناه، بينما شدّد اللواء "د.فيصل حامد" على أهمية وجود العزيمة والإصرار للتحول إلى مرحلة الاتحاد، فدولة الإمارات وحدت سبع إمارات في دولة واحدة، وكذلك فعلت ماليزيا، داعياً إلى تفعيل القرارات والاتفاقيات بين دون المجلس. وأشار "د.إبراهيم الزبن" إلى ضرورة التكامل والترابط بين دول مجلس التعاون الخليجي عبر الشعوب والحكومات، بينما أكد "د.عبدالوهاب أبو داهش" أنه من المهم أن يدرك القادة أن الشعوب الخليجية كانت معهم في جميع المواقف، وأن تطلعاتهم هي تحقيق اتحاد خليجي بغض النظر عن الخاسر والكاسب. اللعبة على المكشوف مع «نووي إيران»! طرح الزميل "هاني وفا" سؤالاً حول توقيع الغرب اتفاقاً مع إيران بشأن المفاعل النووي، وتعامل دول الخليج مع هذا الملف؟، وكيف ستكون العلاقات المستقبلية مع إيران؟، وأجاب اللواء "د.فيصل حامد"، قائلاً: "قادة دول الخليج في هذا الملف واقعيون، وردود فعلهم عقلانية، وفي اعتقادي أن هناك تحركاً دبلوماسياً وربما أمنياً لمواجهة هذا الاتفاق، إلى جانب استمرار سياسة التعامل مع إيران على مبدأ حسن الجوار، وأقرب شاهد على ذلك رسالة خادم الحرمين الشريفين للرئيس روحاني عندما تسلم السلطة، كذلك زيارة وزير خارجية دولة الإمارات إلى إيران للتأكيد على هذا المبدأ. وأوضح "د.علي الخشيبان" أن دول الخليج عودتنا بتعاملها مع الحقائق أن تميل إلى الهدوء والتعقل والتعامل مع الموقف، خاصةً أن إيران دولة قريبة من دول الخليج، وخلال قمة الكويت سيظهر الموقف الخليجي واضحاً. وأكد "د.عبدالوهاب أبوداهش" على أن الاتفاقية هي في صالح المنطقة، حيث ستكون اللعبة مع إيران على المكشوف، وأن يكون مشروعها النووي تحت اتفاق واضح مع الدول الغربية، مضيفاً أن هذا سيفتح المجال لدول الخليج لممارسة حقها في تملك مفاعل نووي سلمي، مبيناً أنه يجب ألاّ تتخوف دول الخليج من هذا الموضوع؛ لأن إيران ستستمر في بناء المفاعل النووي سواء بالحصار أو بدونه، وأن كشفها لمشروعها النووي وانفتاحها على المجتمع الدولي أهم من عملية الشد والضغط حتى لا تكون المنطقة في وضع قلق. «مواطنة خليجية» لا تنعزل عن العالم علّق "د.إبراهيم الزبن" حول أهمية انسجام المجتمع الخليجي بعاداته وتقاليده وقيمة وثقافته مع دعوة خادم الحرمين الشريفين نحو التحول من مرحلة "التعاون" إلى مرحلة "الاتحاد"، قائلاً: عندما نقرأ هذه الأحداث بشكلها الذي ينعكس على الواقع الاجتماعي والثقافي والسياسي في دول مجلس التعاون الخليجي، لابد أن نربطها بالتحول العالمي نحو المواطنة العالمية، وهذه لها شروط ومتطلبات، وإذا لم تستوعب دول مجلس التعاون الخليجي هذه المتطلبات سوف تكون منعزلة عن هذا الحراك العالمي. وقال إن الشعوب العربية بدأت تتحدث بشكل أكثر وضوحاً وشفافية، وأصبحت تشارك في اتخاذ القرار، بل لها وجود في صنع القرار وليس اتخاذه فقط، وبالتالي فإن الانعكاسات التي ترتبط ب"العولمة" وأبرز مظاهرها المواطنة العالمية تضع أمام دول مجلس التعاون نوعاً من التحدي غير التقليدي، مبيناً أن التحديات كانت في السابق بالنسبة لدول الخليج تنحصر في قضايا محلية ومرتبطة كثيراً في اقتصادياتها بنوع الحراك الإجرائي، لكننا اليوم أصبحنا نتحدث عن فكر عالمي بحيث أن نتوافق معه وإلاّ ننعزل عنه تماماً. تسويق الأفكار.. من «الصحوة» إلى «الإخوان»! تساءل الزميل "سالم الغامدي" عن خطورة تسويق الأفكار السلبية التي تهدد الأمن الخليجي أو المنطقة العربية عموماً؟، مستشهداً بالموقف من الإخوان المسلمين في مصر ورئاستهم لجمهورية مصر لمدة وجيزة وثورة الشعب عليهم، حيث وجدنا في دول الخليج أصواتاً مؤيدة لهم، بل هناك عدد كبير منهم داخل مجتمعنا، مستفيدين من أجهزة التواصل الاجتماعي، ولم يقتصر التأييد فقط على الشعوب الخليجية، بل هناك دول خليجية مؤيدة للاخوان، وهذا أمر مؤسف. وأجاب "د.علي الخشيبان" أن ما حدث كان يمثّل مفاجأة كبرى في أن تتحول نماذج الصحوة خلال الثلاثين عام الماضية إلى الوجه الآخر للعملة السياسية للاخوان، مضيفاً أن الشعوب الخليجية خُدعت بالصحوة، بينما كان عنوانها الرئيس هو الاخوان المسلمون، مبيناً أن دول الخليج أمام تحد كبير، وأن أهم المعوقات الرئيسة التي تواجه اندفاع دول الخليج على مستوى القيادات السياسية وعلى مستوى الشعوب هو ذلك التباين في المواقف تجاه القضايا الفكرية، حيث يُحسب على أساس أنه ليس اختلافاً في المنهج وإنما اختلاف في تبني مواقف سياسية لصالح الدول وليس لصالح المنطقة وهذا ما يجري اليوم. وقال إن التباين في نظر الكثيرين ليس له مبرر، ولا يخفى عليكم أن الشعوب في دول الخليج تتبع ما يصدر من حكوماتها، وحتى الدول التي تدعم الإخوان المسلمين لو سألتها صراحة لوجدتها تعاني من التشدد والتطرف المرتبط بالاخوان داخل مجتمعاتها، لافتاً إلى أن هذه هي أحد التحديات الكبرى التي يجب أن تُطرح وبصراحة، مؤكداً على أنه لن يستطيع أحد التصدي لذلك إلاّ مؤسسات التعليم التي لها القدرة على إعادة تشكيل هذه المجتمعات، وبنائها فكرياً بشكل يساهم في الاتحاد الخليجي المنتظر. المشاركون في الندوة حضور «الرياض»