×
محافظة المنطقة الشرقية

الغارات بسوريا تضع روسيا في دائرة الانتقام من المتشددين شمال القوقاز 

صورة الخبر

الكثير من الكتابات التي كانت تنشر عن السينما العربية أو الأفلام العربية، خصوصا الفرانكفونية التي تنتج في المغرب العربي، كانت تغالي كثيرا في تقدير قيمة الكثير من تلك الأفلام، وتضفي عليها المجد والعظمة، حتى لو كان الفيلم "بدائيا"، يعاني من رداءة الصوت وتشوش الصورة. فقد كان الأهم أن يصور ذلك الواقع الآخر، الغريب، المختلف، أو المتخلف. وكانت معظم تلك الأفلام من الإنتاج المشترك مع فرنسا، ولعل هذه الظاهرة لا تزال قائمة حتى اليوم، نتيجة أن الغالبية العظمى ممن يصنعون الأفلام في بلدان المغرب العربي تلقوا تكوينهم السينمائي في فرنسا، وارتبطوا بالأفكار والمفاهيم "الطليعية" الفرنسية، بل إن الكثيرين منهم يراهنون على عرض أفلامهم في السوق الفرنسية. ورغم الدور الهام الذي لعبه نقاد الشانزليزيه في تسليط الأضواء على الأفلام العربية، فإن هناك وجها آخر سلبيا للنقد الفرنسي، يتمثل في تلك النزعة الأبوية التي تنظر باستعلاء إلى كل ما يأتي من أفلام من هذه المنطقة من العالم، يحتضنها احتضان الأب، ويمارس عليها وصايته، ويهيمن عليها بتعاليمه، مرحبا بالبدائية وبتصوير مظاهر التخلف والفولكلور طبقا للنظرة الثقافية المركزية الأوروبية، رافضا التعامل بنفس الحماس مع أفلام أخرى أكثر احترافية، قد تتناول موضوعات سيكولوجية أو تدور حول الفرد ومعاناته وأحلامه وهواجسه. " المشكلة الكبرى أن السينمائيين العرب لا يولون ثقتهم إلا في نقاد الشانزليزيه وأمثالهم، رافضين التناول النقدي الأكثر صدقا وإخلاصا وجدية في التعامل مع أفلامهم، أي النقد الذي يتعمق في فهم وتحليل بناء أفلامهم " سينما الصحراء وأتذكر هنا ما سبق أن صرح به المخرج الجزائري مرزاق علواش عندما استقبل فيلمه "رجل النوافذ" (1986) بالانتقادات، كونه يطرح موضوعا يدور حول سيكولوجيا الفرد، عندما قال "إنهم يرفضون فيلمي ويقولون لي من أنت أيها العربي الجزائري لكي تعبر عن مواضيع "أوروبية" معقدة وشخصيات مركبة، ولماذا لا تكتفي بتصوير مناظر الصحراء"! إن خطورة هذه النزعة "الأبوية" أنها ترفض التعامل مع الفيلم كفيلم، أي كعمل فني يخضع للتقويم شأن ما ينتج من أفلام في العالم تطبق عليها المعايير النقدية الحديثة، تدرس حبكاتها وصياغاتها وأساليبها السينمائية وتتوقف أمام ما فيها من عيوب. بل إن هذه النظرة تميل دائما إلى رؤية المشاكل النمطية التي ترغب في رؤيتها طبقا لمركزيتها المترسخة؛ قهر الرجل للمرأة، تأثيرات الإسلام، الهجرة، البؤس الاجتماعي، التقاليد البالية، الانبهار بالفولكلور الذي يكرس فكرة "اختلاف" الشرق عن الغرب.. إلخ. والمشكلة الكبرى أن السينمائيين العرب لا يولون ثقتهم إلا في نقاد الشانزليزيه وأمثالهم، رافضين التناول النقدي الأكثر صدقا وإخلاصا وجدية في التعامل مع أفلامهم، أي النقد الذي يتعمق في فهم وتحليل بناء أفلامهم، ويتعامل مع الفيلم العربي كما يتعامل مع غيره من الأفلام، وقد يلوحون في وجهك بالقصاصات التي يكتبها "آباؤهم" الروحيون في باريس، الذين يبالغون في إغداق المديح المجاني على أعمال مليئة بالمشاكل ونقاط الضعف، وهي محنة وأي محنة. ________________ * كاتب وناقد سينمائي