المستهلكون يمثلون العدد الأكبر في المجموعة الاقتصادية كونهم يؤثرون ويتأثرون بكافة القرارات ذات الطابع العام أو المتعلق بالقطاعات لذلك يمكن وصف المستهلك من الناحية المبدئية بأنه الضلع الثالث للمثلث الاقتصادي المكون من الإنتاج والتوزيع والاستهلاك. وبالرغم من أهمية فئة المستهلكين في الدورة الاقتصادية إلا أنه مازال ينظر إليهم بأنهم يتحركون في إطار من يريد تحقيق الإشباع الذاتي مع أن ذلك يتنافى مع ما يعتقده الخبير الاقتصادي شترا بلزر الذي يميل أكثر إلى أن الاستهلاك ناجم عن جهد تم بذله بهدف اقتناء سلعة ضرورية. ولأن نظرة الإشباع تسيطر على مفاهيم تجارية لدينا في السوق المحلي فإن ذلك أسهم في استهداف المستهلك إلى حد استغلاله بطريقة وصلت إلى مرحلة استنزافه بأي طريقة ما جعل ذلك يؤثر على نمو الدخل الفردي ويحجّم من القدرات الادخارية حتى تحول المستهلك إلى مرحلة الاقتراض التي فتحت البنوك أبوابها على مصراعيها لمثل هذه القروض الاستهلاكية التي أبقت أعدادا كبيرة تحت وطأة الدين المستحق أو المجدول سداده. تلك الأمور مجتمعة أسهمت في إحجام أغلبية المستهلكين الذين يشكلون العدد الأكبر في المنظومة الاقتصادية عن الانخراط في وظائف مهنية أو حرفية أو ابتكار مشاريع صغيرة يحتاج لها المجتمع بسبب أن مداخيلها على الأقل في السنوات الأولى لن تكون ملائمة للمتطلبات الحياتية فأسفر عن ذلك خلل في قطاع التوظيف يمتد في معظم قطاعات الاقتصاد. من هنا يجب البدء في إعداد جملة من الحلول لتصحيح التشوهات الكبيرة في النطاق الاستهلاكي، وهذا لا يحدث إلا من خلال تفعيل أدوار حماية المستهلك لإيقاف الضرر عنه ومن ثم ضمان حصوله على حقوقه وهذا سيوقف الاستنزاف الذي يتعرض له بشكل أخذ صفة الاستمرارية. وللعلم فإن الأمم المتحدة ساهمت في زيادة حقوق المستهلك الرئيسية التي يبرز منها الأمان، والمعرفة، والاختيار، والاستماع إلى رأيه، وإشباع احتياجاته الضرورية، وتعويضه في حال تضرره، وتثقيفه عن طريق إكسابه مهارات الاختيار بين السلع وغيرها.