×
محافظة المدينة المنورة

أمين المدينة يقف على مشاريع المحافظات

صورة الخبر

يستخدم كثيرون معايير جودة الحياة لقياس التفاوت الاجتماعي بين الشرق والغرب وأحياناً بين دول المجموعة الواحدة ومعايير القياس تشمل مستوى المعيشة وجودة التعليم والأمان وسلامة الطرق ومستوى الخدمات الصحية ولا تستثني معايير الحرية الاجتماعية والمشاركة في الرأى والقرار ومدى توفر حرية صحفية من عدمه وطيف آخر من المقاييس وهذه المعايير تحدد معدل السعادة في المجتمعات سواء كانت أوربية أو أسترالية أويابانية ،وبين هذه وغيرها وبموجبها تصنف الأمم المتحدة وجهات عديدة أخرى المجتمعات حول العالم وتمنحها صفة أنها الأكثر سعادة من غيرها لتوفر هذه المعايير. هذه الخلفية تعيد لذاكرتي تجربة أجرتها جامعة أمريكية شهيرة قبل أربعين عاماً وفيها أجلست شخصاً في غرفة منفصلة ليبدو للناظر وكأنه موصل بأسلاك كهربائية وفصلته الجامعة عن آخرين بفاصل زجاجي ثم طلبت من أفراد الدخول بالجهة المقابلة وتقديم أسئلة مختلفة فإن أجاب إجابة خاطئة يتم ضغط زر مؤلم والأزرار تتدرج من قليل الألم إلى مؤلم لحد ما ولثالث شديد الألم ولرابع به تيار قاتل وبالطبع هي مجرد تجربة إذ لا توجد كهرباء ولكن الهدف إجراء قياس لمدى قسوة الإنسان في غياب معطيات معينة، وفي النتيجة كان الفرد حين يسمع الشخص ويشاهده بالكاد يضغط الزر قليل الألم وفي المقابل الأفراد الذين كانوا يسألون ويسمعون ولكنهم لا يرون الجالس على الكرسي يضغون أزاراً ألمها من الدرجه الثانية وهناك قليلون ضغطوا ألماً من الدرجة الثالثة ولكن أكثر من نصف المشاركين في الاختبار اتضح أنهم يمكن أن يسلبوا روحاً بريئة لمجرد إجابة خاطئة أو بسبب أنهم لا يرون الشخص. والشاهد أن نتائج التجربة لها صلة ببنية التفكير لدى الإنسان فهي تملي عليه سلوكياته وتصوراته وردود أفعاله من ظلم أو حتى قتل حين لا يرى ولا يسمع ،ومن هنا مفارقات السعادة في المجتمعات فرغم أنها وصلت لمعايير عالية من السعادة إلا أنها يوما بعد يوم تتجه إلى التخلي عن الاعتقاد الديني ،فالأجيال الأوربية الجديدة رغم أنها صنفت الأكثر سعادة في كل مجال إلا أنها تكاد تصبح لا دينية وجيلاً إثر جيل يصبح المجتمع مفارقاً للاعتقاد ولكن يظل معدل السعادة موجوداً لصلته بالعدل داخل المجتمع على نحو ما أشار شيخ الإسلام ابن تيمية بأن الله ينصر الدولة العادلة وإن كانت كافرة، فالعدل أساس سعادة المجتمعات لأنه يحقق تكافؤ الفرص ويحد من التباين الاقتصادي الحاد داخل المجتمع وبينه والمجتمعات الأخرى.