×
محافظة المنطقة الشرقية

الراجحي يتحدى الصحراء بـ«تويوتا»

صورة الخبر

من أكثر الأفلام التي أثرت في المخرج الأميركي الأسطورة مارتن سكورسيزي تلك التي استندت إلى شخصيات وليس إلى قصة. الفيلم بلاك ماس معتمد على شخصية واحدة وهو جيد في مجمله رغم عيوبه التي تركزت في إخراجه تحديداً، فمادته تحتاج إلى براعة في نقلها من الورق إلى الشاشة، وهي لم يمتلكها سوى مخرجين، الأول هو مارتن سكورسيزي المتخصص في أفلام عصابات المافيا، والثاني ريدلي سكوت. قصة حقيقية الفيلم مقتبس من قصة حقيقية حدثت من العام 1975 إلى 1995. وايتي بولغر (جوني ديب) زعيم عصابة وينتر هيل المسيطرة على منطقة جنوب بوسطن يتعرض لتحديات من المافيا الإيطالية التي تريد منافسته في منطقته. ثم نرى شخصية جون كونولي (جويل إدغرتون) العميل في مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي وهو صديق لوايتي وشقيقه بيلي (بينيديكت كمبرباتش) السيناتور في بوسطن. كونولي عميل فاسد متسلق يريد الإطاحة بالعصابة الإيطالية المنافسة لرد الجميل إلى وايتي بولغر الذي كان يحميه في طفولته من جهة وليكسب ود رؤسائه في العمل من جهة أخرى. يأتي كونولي بخطته الفاسدة ويطلب من بيلي إقناع شقيقه وايتي بأن يكون مخبراً ضد الإيطاليين لدى كونولي والإف بي آي مقابل غض النظر عن أفعاله وعصابته. الفيلم يروى بطريقة فلاشباك وهنا المخرج كوبر لم يوفق إذ ما نراه في هذا الصدد أحياناً هو تلخيص للأحداث وليس عرضاً لها، وهناك مشاهد تكرر ما قيل في فلاشباك. منهج سكورسيزي المخرج سكوت كوبر (أخرج Crazy Heart عام 2009، وOut of the Furnace في 2013) حاول أن يطبق منهج سكورسيزي في التنفيذ طيلة الفيلم ونجح جزئياً فقط، فنراه يحاول دفع الفيلم للانطلاق عدة مرات خصوصاً بعد البداية البطيئة نوعاً ما إلا أن المادة بدت كأنها ثقيلة عليه. تأتي محاولة الدفع الثانية بعد 45 دقيقة وفي الربع الثاني من الفيلم وتحديداً عند دخول القصة في عقد الثمانينات وينطلق الفيلم بالفعل في خط منهج سكوسيزي الذي شاهدناه في فيلمي Goodfellas عام 1990 وCasino عام 1995: (لقطات إطلاق نار، لقطات جثث مضرجة بالدماء، ولقطات تركز على عناوين الصحف) ثم يعود الفيلم للتثاقل على المخرج الذي يلجأ لطرق أخرى للتغطية على عيوب الإخراج وينجح في ذلك لسببين: أداء جوني ديب اللافت والفنيات التي يطبقها لإضفاء هالة من الشر على شخصية بولغر خصوصاً بعد وفاة ابنه. عودة موفقة جوني ديب يعود إلى الجمهور بقوة في هذا الفيلم ويعوض إخفاقات الأعوام الخمسة الماضية من خلال أداء نتمنى أن تتذكره الأكاديمية الأميركية للعلوم السينمائية وقت ظهور ترشيحات الأوسكار. ديب غاص تماماً في شخصية بولغر لدرجة أن المشاهد يظن أن بولغر هو الواقف أمامه وينسى وجود ديب. تقمص بولغر بالنسبة لديب ليس تجربة جديدة وإنما هو إضافة لشخصيات برع فيها الممثل كالكابتن سبارو وإدوارد سزرهاند وويلي وونكا. فنيات يوظف كوبر عدة مشاهد لإبراز الصورة الشيطانية لبولغر، فنراه في مشهد يطرق باب زوجة كونولي ( كانت تقرأ كتاباً بعنوان طارد الأرواح في سريرها) ثم يهددها في بيت زوجها. وفي مشهد ثانٍ تصوره الكاميرا من الأعلى نراه مستلقياً على أريكة محملقاً في السقف دون أن ترف أجفانه كأنه الدراكولا الراقد في تابوت. وفي مشهد ثالث نراه يلاحق رجلاً ويقتله في موقف للسيارات وعندما يغادر المشهد نرى أشعة الشمس الذهبية تسطع عليه ليظهر كأنه شخصية Leatherface في نهاية فيلمThe Texas Chainsaw Massacree. هذه اللمسات الفنية تنزع من الفيلم واقعيته وتدخله في نطاق المدرسة التعبيرية في السينما، وهي المعنية بإظهار الجوانب المظلمة للإنسان وشيطنته. وهذا الذي طبقه سكورسيزي في فيلمCape Fear عام 1991 من خلال شيطنة شخصية روبرت دينيرو. النقطة الأخرى في هذا الاتجاه أيضاً هي أننا لا نشاهد بولغر بالضبط من خلال الفيلم، بل نرى فكرة عنه تروى من خلال الأشخاص المحيطين به وهم الذين تخيلوه لنا بتلك الصورة الشريرة.