×
محافظة المنطقة الشرقية

«تقني مكة» ينفذ برنامج الصيانة التطوعية المجانية

صورة الخبر

لم أستطِع حتى اليوم أن أقتنع بأهمية الجوائز التنافسية في الإبداع، وإن كنت أتفهم ضرورة بعضها، وهو تفهم لصيغتها الإجرائية القائمة على تشجيع المبدعين المشتغلين في حقول الفنون، بالذات. مصدر استغرابي من الجوائز يقترب من الراكضين خلفها وقناصيها المتمرسين.. خاصة المكيفين لإنتاجهم حسب الغرض، والمقاس والجهة أولئك أقرب ما يكونون إلى خياطين من كونهم مبدعين. في الفنون والإبداع لا يفترض من المبدع أن يرشح عمله، فذلك أقرب لروح الإبداع، ربما على جهة ما راعية أو منتجة، أن تقوم بذلك الدور، مثل دور النشر في حال المسابقات الأدبية، أو المؤسسات الثقافية في حال مسابقات العروض المسرحية والسينمائية.. أما الإبداع الفردي كالشعر والتشكيل، فلا أظنها من مسؤولية الشاعر والفنان التشكيلي، وعلى الأرجح أن العلة والخلل يشملان أنظمة المسابقات التي توجه للشعر والتشكيل. من المعيب على الجهات الراعية للمسابقات أن تستمر في نظام يدفع المبدع للاشتراك من تلقاء نفسه، فمن أجل ترسيخ مبدأ الاحترام والتقدير للمبدع والجائزة، من الضرورة أن تتسم أنظمة المسابقات بقيام الجهات الثقافية أو شخصيات ثقافية معينة بدور الترشيح، دون المساس بمكانة المبدع وقيمته. مع الجوائز تطرأ جائزة نوبل، مباشرة، وكلما تذكرنا نوبل، ترابطت الجائزة والديناميت في آن واحد، وكأن التفجير رابط بينهما، فها هي حولية تثير الغبار ذاته كل عام، ذات ردود الفعل من الإشارة إلى مقاصدها السياسية، وأغراضها التوجيهية في إرضاء الغرب، ودائماً يُشار إلى الغرب وكأنه كتلة واحدة صماء، ولن يخلو التعليق على جائزة نوبل من الإشارة ولو من بعيد إلى نظرية المؤامرة، وستعقد المقارنات بين آداب الشعوب التي حصدت الجائزة وبين الأدب العربي، وسيتم تدبيج المقالات في مديح اللغة العربية وكأنها تأبين لميت قبيل دفنه، ولن يتورع بعضهم عن توليف الشواهد «الدامغة» على تسييس الجائزة وانحيازها للثقافة المهيمنة، ألا وهي الثقافة الغربية. لماذا لا ننظر إلى وضعنا العربي وجوائزه أولاً، وقبلها إلى بنيته الثقافة، لنتمكن من الحديث عن جوائز أتت نتيجة لمعطيات ثقافية عريضة وعميقة. نعرف حق المعرفة، مكانة المثقف العربي، وهوانها في بلده، أما صناعة الكتاب، فهي في مهب القرصنة، وينتقل الكتاب بين الحدود العربية العربية، مثل تهمة بين غلافين، ثم كم نسخة تطبعها الكتب القيمة؟ وما هي حقوق المؤلف والأديب، حيا في وطنه الأم. هل مهنة الأديب أو الفنان كحرفة تكفل المكانة والكرامة لحاملها؟ هل يعتاش الكاتب من دخل إصداراته؟ كيف تتعامل الحكومات العربية مع مبدعيها، وحقوقهم؟ ثم هل لدينا جائزة عربية يُعتد بها؟ ثم القراءة، وما أدراك ما القراءة! لهذا فإن الجوائز الثقافية في العالم العربي ليست إلا قشرة سطحية مبنية على خواء، ولن تكون لأي جائزة قيمة حقيقية ما لم تُبنَ على منظومة ثقافية ترعى المعرفة والإبداع، حتى يورق ويثمر، ومن ثم يأتي موسم الحصاد في وقته، بإدراك واعٍ لموعده، وطبيعة ما بُذر وما رُعي وما سيُحصد دون عجلة ولا تخبُّط. وحينها لن يكون هناك مكان لصائدي الجوائز.