×
محافظة المنطقة الشرقية

ميركل تدعو لمحادثات مع جميع أطراف النزاع في سوريا

صورة الخبر

أكتب رثائي الخامس عشر لفقيدتي الغالية أم عبد الله وفهد رحمة الله عليها وأسكنها فسيح جناته التي توفيت صباح يوم الثلاثاء اليوم الثاني من شهر أكتوبر عام 2001 وهذا اليوم يوم غير عادي بالنسبة لي فقد غير مجري حياتي وجعلني أعيش في دوامة من الحزن والألم ولم يبقي لي في هذه الدنيا التي لم أعرف لها طعما ولا حلاوة إلا ذكرياتي الحزينة محفورة وعالقة في قلبي ويتحرك دمها المتجمد في جسمها الميت بوفاتها ليسري في قلبي وبين شرايين وعروق جسمي وأتخيلها أمام ناظري في صباحي ومسائي وفي كل لحظة عشتها منذ رحيلها الأبدي ولا تزال ذكراها وستظل ما حييت في دنيا حياة الترانزيت المؤقتة بين الحياة والموت انتظارا للانتقال إلي العالم الآخر بعد استراحة محارب في هذه الدنيا الفانية قد تقصر أو تطول إلي أن يحين موعد قضاء الله وقدره بالانتقال من هذه الدنيا إلي الحياة الآخرة مرة واحدة لا عودة ولا رجوع فيها . لقد ذقت مرارة مشاكل الدنيا الكيدية والحسد والحقد وحب الإنتقام التي لا أعرف سببها ولا يجرؤ أحد أن يبوح بأسبابها لأن هذه المشاكل بدون سبب يذكر إلا في قلوب الحاقدين ومختلقي هذه الأسباب وهم أجبن من أن يتحدثوا عنها وأصابتني شرارتها وأحرقتني نيرانها وذلك بعد فقدان رفيقة الدرب الغالية برحيلها الأبدي فكرهت الدنيا ومن فيها وأصبح الحزن الأنيق كما يحلو لي أن أسميه لأميزه من بين أحزان الآخرين وهو حزن شخصي جدا من قوته أخذ لقب (الحزن الأنيق) وهو سعادتي المحزنة التي أعيش في ظلها لأن السعادة الأنيقة التي تسعد الآخرين لا أعرفها ولم أشعر بها ولا أتعاطي معها منذ فراق رفيقة دربي أم عبد الله وفهد لذلك تحاملت علي نفسي وتقمصت سعادة المجامل البشوش والمبتسم بحزن داخلي أنيق مع الآخرين الذين ألتقي معهم ظاهريا وداخليا لا يعلم إلا الله وحـده سبحانه وتعالي ما في قلبي من الحزن الأنيق كفاكم الله شره وأسعدكم بسعادتكم الأنيقة . وقد أخذتني هذه الذكريات المحزنة عن الهم الحقيقي الذي أعيشه والذي يعيش في ذاكرتي أمام موت رفيقة الدرب التي نامت النومة الأبدية متوسدة تراب قبرها المغطي بالأحجار الأسمنتية بعد مواراتها التراب بنفسي وأنا في داخل قبرها أنظر إلي محياها البهي والمضيء بحسناتها الدنيوية وفعلها للخير والحب الصافي مع كل من تعرفه أو الذين يعرفونها وهي ملكة غير متوجة في حياتها وفي حنانها وعطفها وجمال حسن خلقها وقبل أن أصعد إلي حافة القبر قبلت جبينها الطاهر قبلة الوداع الأخير لتسقط دموعي الحزينة علي القماش الأبيض الذي يغطي جسدها الطاهر والناس من حولي لا أشعر بوجودهم ولكنني أحمل لهم من كل قلبي الود والتقدير لتعاطفهم معي بمشاركتي العزاء وجزاهم الله كل خير وهم ينتظرون تقديم واجب العزاء لي ولعائلتي الصغيرة عبد الله وفهد طول الله في أعمارهما وهما يستحقان العزاء لا غيرهما من بعض أفراد العائلة الذين ماتت قلوبهم قبل وبعد وفاة رفيقة الدرب ليعيش عبد الله وفهد حياة المستقبل الزاهر الذي تمنته لهما والدتهما رحمة الله عليها ولم يتمني بعض أفراد العائلة الحياة السعيدة لهما والشواهد تثبت ذلك . وأتخيل الذكري التي لا يمكن نسيانها عند رجوعي إلي منزلنا لتستقبلني أضوائه في المساء التي انطفأت أنواره وأظلمت إلا من نور خافت أضاء لي الطريق إلي داخل المنزل لأظل يقظان وأنا أعيش في ذكراها وإذا غلبني النعاس نمت نوما متقطعا مثل نوم الأطفال في شهورهم الأولي يصحون ليبكون من الجوع أو الألم ويعودون للنوم بعد إسكات بكائهم من أمهاتهم أحيانا أو مربياتهم دائما باطعامهم أو تقديم الدواء لهم في هذا الزمان الرمادي التي أصبحت المربية تحتل مكانة الأم . إن حياتي أصبحت مثل هؤلاء الأطفال الصغار أصحو من النوم المتقطع لأمسح دموع الحزن بيدي وأعود للنوم حتى الصباح الباكر وهذه هي حياة الحزن الأنيقة التي ارتضيت بها . وتمضي الأيام وتمر الأعوام سريعا بحلوها وسعادتها للآخرين وبمرارتها وأناقة سعادة الحزن لي شخصيا وهو أقسي أنواع الحزن بمختلف صوره وأناقته فهو حزن مختلف عن أحزان الناس الآخرين وهو تعبير مجازي حزين فحزني من واقع الحياة التي أعيشها بالأحزان السعيدة والأنيقة لا مثل الإنسان السعيد بأناقته في الحياة التي يكيف نفسه معها حسب ما يشاء ويقال عنه أنه إنسان أنيق بمظهره الخارجي وللحزن أيضا أناقته في داخل قلب الحزين الذي يحمل بين مفرداته كل مصائب الدنيا بهمومها ومشاكلها المتعددة التي تعكر صفو حياته وأهمها جميعا الحزن الأنيق والذي عشته حزن فراق ورحيل رفيقة دربي أم عبد الله وفهد فأحزاني أنيقة بالصبر والتحمل والنهوض بالجراح والصمت والرحيل والأحاسيس الدافقة بالحزن الأنيق . وهذا الكلام عن الحزن الأنيق ليس كلام فلاسفة وليس كلام قارئي الفنجان ولا هو تعبير استوحيته من نسيج الخيال وإنما كلام حزن حقيقي نابع من قلب حزين . فاتركوني في حالي يا أحبائي القراء أعيش مع الحزن الأنيق المغلف في سعادة الحزن واحتفظوا بتعليقاتكم علي (الحزن الأنيق) لأنفسكم وتساؤلكم في كيف يكون للحزن أناقة في مخيلتك بوعبد الله ويبدو أنك مصاب بالهذيان والخرف المبكر وأنا أعرف وأنتم تعرفون أنني لست أول واحد في هذه الدنيا يفقد رفيقة دربه ولن أكون آخر واحد وكلامي ليس هذيان ولا تخريف وإنما نابع من الوفاء الذي وضعته لنفسي بأن أكون وفيا لها في حياتها وحياتي وبعد وفاتها رحمة الله عليها ظل الوفاء وسيظل طول ما حييت والله يبعدكم عن الحزن وأناقته الذي ذقت مرارته وأن يديم عليكم الله سبحانه وتعالي نعمة الصحة والعافية والسعادة الدائمة ولا ترون مكروه في عزيز وغالي عليكم . ونحن الآن متباعدين للأبد فهي في رعاية الله وحفظه وأنا أعيش بين الأحياءالتعساء مثلي والرحمة الواسعة لفقيدتي الغالية رفيقةدربي . وإنا لله وإنا إليه راجعون بدر عبد الله المديرس al-modaires@hotmail.com