×
محافظة المنطقة الشرقية

قطار الحرمين.. تقنيات وتصاميم عالمية مميزة

صورة الخبر

تحقيق: هديل عادل فيس بوك، وواتس أب، وتويتر، وإنستغرام، وغيرها من مواقع التواصل الاجتماعي أحدثت نقلة نوعية في طبيعة ودرجة التواصل بين جميع شرائح المجتمع وفئاته، وشجعتهم على التواصل ومشاركة أفكارهم ومشاعرهم، والكثير من تفاصيل حياتهم مع من يرغبون من أصدقائهم وأقاربهم، ولم يعد مألوفاً ألا تكون عضواً في أحد هذه البرامج أو جميعها، وإن لم تكن عنصراً فاعلاً فيها، صرت أشبه بالشخص الانطوائي المنعزل عن العالم. بدافع الرغبة في التواصل مع الآخرين، ومشاركتهم أفكارنا ومشاعرنا، أصبح بعض الناس يستمتع بمشاركة الآخرين الكثير من تفاصيل حياته وخصوصياته، من دون مراعاة لهذه الخصوصية، والنتائج المترتبة عن ذلك. وفي التحقيق التالي، نستعرض الأنماط البشرية المختلفة في التعامل مع برامج التواصل الاجتماعي، ورؤيتهم لهذه البرامج، وتأثيرها في حياتهم الخاصة. تعتبر إيناس سعيد، موظفة، مواقع التواصل الاجتماعي إضافة رائعة في مجال العلاقات الإنسانية، وحلقة وصل بينها وبين أصدقائها الذين باعدت بينهم الأيام والمسافات، وبفضل هذه البرامج أصبحت ملمة بأخبار ومستجدات حياة أصدقائها وأقاربها، وهي أيضاً تنشر أهم أخبارها عبر صفحتها على فيس بوك. تقول: أعجبتني كثيراً فكرة التعبير عن أفكارنا وما نرغب في نشره من خلال حساباتنا على فيس بوك، خصوصاً أنني أحب التواصل مع صديقاتي، وكنت حريصة على ألا تنقطع أخبارنا عن بعضنا، ولهذا وجدت ضالتي في تلك المواقع، وأكثر كتاباتي تتعلق بأهم الأحداث التي أمر بها، أو مشاركة أصدقائي آرائهم، والتعبير عن وجهة نظري فيما ينشر. وتضيف: لا أحب الاقتراب من تفاصيل حياتي، أو نشر صوري الشخصية، لأني أعتبرها من الأمور الخاصة، وحتى لو كانت إعدادات حسابي الشخصي، لا تتيح لغير أصدقائي رؤية ما أنشره، ولكنني لا أحب المبالغة في نشر الصور أو الحديث عن أفكاري ومشاعري عبر صفحتي الخاصة. وتتساءل هدى العباسي، طبيبة، عن الهدف الذي سيجنيه الأشخاص من استعراض مشاعرهم أمام الآخرين عبر صفحات مواقع التواصل، قائلة: تلفتني كثيراً وتثير استغرابي الحوارات التي تدور بين الزوج وزوجته، أو الخطيب وخطيبته، أو حتى بين الأصدقاء، والتي يصف فيها أحد الطرفين للآخر مشاعره الخاصة تجاهه، وكلنا يعرف أن لكل مقام مقال، ولا أعتقد أنه من اللائق بث مشاعرنا الخاصة على مرأى ومسمع من العامة. وترى بسمة محمد، ربة بيت، نفسها عضوة نشطة في تلك المواقع، وتتعامل مع أكثر من موقع في الوقت نفسه، لتستفيد من جميع مزاياها، وتلتقي أصدقاءها عبرها. وعن الأشياء التي تحب نشرها في صفحتها الخاصة، تقول: أغلب مشاركاتي تتعلق بأهم أخباري، خصوصاً المناسبات السعيدة، التي أحب أن أشارك فيها أصدقائي، وأحيانا أعرض صوري العائلية، ولا أحب نشر صور لما أعده من أطباق في المناسبات العائلية، لأنها بالنسبة لي أمور غير مهمة، ولا تستحق النشر. وتختلف رانيا أحمد، ربة بيت، مع بسمة في الرأي، من حيث تقييم مدى أهمية ما يستحق النشر من عدمه، إذ إنها ترى أن هذه الأمور نسبية، وتختلف من شخص لآخر، فبعض الناس يعتبر أن هذه المواقع مساحة لإبراز إبداعاته في مجالات مختلفة، ومنها مجال الطبخ على سبيل المثال، وهي شخصياً تحب التقاط صور لما تعده من أطباق متميزة، وتنشرها عبر حسابها الخاص. وتوضح رؤيتها لمزايا مواقع التواصل الاجتماعي، وتأثيرها في حياتها وعلاقاتها، قائلة: هذه المواقع منحتني مساحة للتعبير عن شخصيتي، بكل ما تحمله من أفكار ومشاعر وإبداعات وتناقضات، وبالنسبة لي لا أجد فرقاً في التعامل مع الأشخاص عبر مواقع التواصل، أو على أرض الواقع، إذ إنني في الحالتين أتعامل بتلقائية وصراحة، ولا أحب التحفظ والمبالغة في التدقيق فيما أقوله وما لا أقوله. ويرفض سامح نبيل، طالب جامعي، فكرة التعامل بتلقائية من خلال مواقع التواصل، ويحبذ الحذر في كل ما ينشره الشخص، أو يشاركه مع الآخرين. يقول: هناك من يحب أن يعرض أفكاره ومشاعره من دون أي تحفظ عليها، معتقداً أن هذا الأمر مرتبط برغبته وحريته الشخصية، ولكننا أيضا مطالبون بتقييم ما ننشره من حيث أهميته، ودرجة خصوصيته، وللأسف، أدت ممارسات الكثيرين من أعضاء مواقع التواصل إلى خلط الحابل بالنابل، من خلال نشر تفاصيل حياتهم الخاصة، التي تتجسد في التقاط صور لأنشطتهم اليومية، ومناسباتهم الخاصة، أو حتى التعبير عن مشاعرهم وحالتهم المزاجية للعامة، وأعتقد أن مثل هذه التفاصيل يجب أن تبقى في إطار الخصوصية، وأن نتبادلها فقط مع المقربين منا. حازم سليمان، مهندس مدني، يصنف نفسه بأنه أكثر تفاعلاً ومرونة في علاقته بتلك المواقع مقارنة بأصدقائه، ويعتبرها متنفساً له وسط ضغوط العمل والحياة، ولهذا فإن أغلب مشاركاته تتخذ طابع المرح والتلقائية، يقول: أحب التعليق على صفحات أصدقائي وتبادل الآراء معهم، فضلاً عن التعبير عن وجهة نظري بتلقائية، وأبتعد عن التصادم مع الآخرين، لأنني أشارك في هذه المواقع بهدف الترفيه عن النفس، والتواصل مع أصدقائي وأقاربي، وإضفاء أجواء من المتعة والمرح في علاقتي بهم. ويقول جاسر عادل، مهندس معماري: أكثر ما يجذبني لمواقع التواصل الاجتماعي، إنها تتيح لنا الاطلاع على أحدث أخبار أصدقائنا، وبالنسبة لي، لا أحب المبالغة في نشر أخباري الشخصية، وأكتفي بمشاركة أصدقائي مناسباتهم ومنشوراتهم، وأعتبر نفسي مقلًّا في المشاركة، بسبب ضيق الوقت، إضافة إلى أنني أنتقي ما أنشره، لأنه يعبر عن شخصيتي وأفكاري. ترى عائشة أحمد، معلمة، أن أجمل ما في مواقع التواصل، أنها تقرب البعيد بأقل جهد، فأصبحت أسماء من تتواصل معهم حاضرة في يومياتها، بالرغم من أن درجة التواصل لا تتعدى التحية في بعض الأحيان. تضيف: لكي تبقى العلاقة جميلة، يجب الابتعاد عن المبالغة في التوصيف والتعبير عن المشاعر حتى لا نصبح مزيفين، أو نصاب بمرض التملق، أو ما يسمى بمرض النفاق الاجتماعي، ولا شك أن تلك المواقع ليست السبب في تفشي هذه الحالات، لأنها انعكاس للواقع وليست دخيلة عليه، ولكن لمسات تلك المواقع أضفت إليها بريقاً زاد من قوتها، فما أجمل أن ننتقي الكلمات في التعبير عن أنفسنا ومشاعرنا تجاه الآخرين، وأن نكون صادقين في عباراتنا، حتى لا يفقد الكلام معناه، وتصبح أحاديثنا مجرد كلمات رنانة خاوية من أي مضمون حقيقي. تفاوت في الوعي يوضح الدكتور حمزة دودين، أستاذ مشارك في كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية في جامعة الإمارات، الأسباب وراء اندفاع البعض لنشر أفكاره ومشاعره وتفاصيل حياته من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، قائلاً: أوجدت وسائل التواصل منابر للتعبير عن الذات، ومساحة أكبر للحرية في توصيل مشاعرنا وأفكارنا للآخرين، وجميع الناس باختلاف طبيعتهم وشخصياتهم لديهم نزعة إنسانية للتعبير عن توجهاتهم وأفكارهم ومشاعرهم، كما يجد كثير من الناس في هذه البرامج جانباً ترفيهياً، يحقق لهم متعة كبيرة، إضافة إلى الجانب المعرفي التثقيفي. ويضيف: من أكثر العوامل التي شجعت أعضاء تلك المواقع على دخولها والتعامل معها، قدرتها الهائلة على الوصول إلى قاعدة كبيرة من الجماهير من دون تكلفة مادية وقيود رقابية، وسهولة في استخدامها، ولا شك أن هناك تفاوتاً واختلافاً في رؤية وممارسات الأشخاص مع مواقع التواصل، وفقاً لمستواهم العمري والمعرفي، وأنماط شخصياتهم وبيئاتهم، وغيرها من العوامل التي تؤثر في سلوكيات الإنسان بشكل عام. ويؤكد أن هذا يؤثر في العلاقات والمعاملات عبر برامج التواصل، فالبعض يحب أن يعرض أفكاره ومشاعره من دون أي تحفظ، والآخر يتعامل معها بحذر شديد، ويحرص على عدم البوح بخصوصياته، مضيفاً: لا شك أن هذه التوجهات تعتمد على رغباتنا الخاصة، ونظرتنا لحريتنا الشخصية، ولكننا في الوقت نفسه يجب أن نتحمل مسؤولية تصرفاتنا من خلال تلك المواقع، إذ إن الأشخاص البالغين يتحملون مسؤولية نشر بياناتهم الخاصة، وما يترتب عنها في المستقبل. ويتابع: المبالغة في نشر الصور والأفكار والمشاعر التي لا قيمة لها في بعض الأحيان، والتي تكون أقرب إلى الخصوصية، كانتهاك خصوصية الأطفال من قبل ذويهم، بما فيها من مخاطرة عليهم، تجرنا إلى انتهاك خصوصيتنا بأيدينا بلا وعي بخطورة ذلك، أو حتى لو كنا نفعل ذلك بكامل إرادتنا، ولكننا في الحالتين، يجب أن نكون أكثر حذراً ووعياً في تقييم ما ننشره عبر تلك المواقع، خصوصاً حين يتعلق الأمر بالخصوصية، وألا نندفع وراء تقنياتها ومغرياتها، فنعرض ما لا يجب عرضه من حياتنا الخاصة، وغيرها من الممارسات التي يمكن أن ندفع ثمنها لاحقاً من علاقاتنا الإنسانية.