×
محافظة المنطقة الشرقية

بدء ستقبال طلبات تراخيص الحملات الانتخابية بالشرقية

صورة الخبر

لأن الانقلابيين لم يدرسوا جذور وأصول الدولة المدنية في البحرين فقد ظنوا وتوهموا أن الدولة المدنية في البحرين طارئة ولم يتبنوا ان الظاهرة المدنية هنا عريقة وضاربة بجذورها في أعماق الأعماق. ولم يفهموا أبداً ان الظاهرة الطارئة على التاريخ والجغرافيا هي دولة الولي الفقيه التي لم تتأصل حتى في الفكر الشيعي ولا في الثقافة الشيعية، وانتهت بنهاية الدولة الصفوية على عكس الظاهرة المدنية في البحرين تحديداً التي تكونت بشكل طبيعي استجاب لشروط الجغرافيا والتاريخ في هذه الجزر التي كانت بأحكام ظروف التكوين مدنية أساساً. ومن يدرس تاريخ البحرين لن يقف أبداً على أي مظهر من مظاهر الدولة الدينية ناهيك عن دولة الولي الفقيه التي سعى لتأسيسها الانقلابيون، وان كان ذلك تحت عنوان اعلان جمهورية الدوار التي أرادوا بكلمة أو توصيف جمهورية ان يخدعوا العالم ويغازلوا الميول الثورجية في عالمنا العربي، وفي نواياهم الدفينة انشاء وتأسيس جمهورية على غرار جمهورية ايران الاسلامية التي يحكمها ويتحكم فيها الولي الفقيه صاحب الأمر والنهي والقول والفصل دونما اعتبار يذكر للمؤسسات التي ستبدو مجرد شكليات يقدمونها للعالم الحديث من حولهم فيما جمهوريتهم كهنوتية بامتياز فاقع. طبيعة البحرين كأرض وطبيعة موروثها التاريخي العميق هي طبيعة مدنية خالصة.. هكذا تأسست منذ مراحل تاريخها الدلموني البعيد وإلى الآن.. فكيف يمكن ان تكون دولة دينية يحكمها ولي فقيه؟؟. والقارئ لتاريخ البحرين في التعليم مثالاً لا حصراً سوف يكتشف بغير عناء ان جميع الاجيال البحرينية تعلمت ومنذ القرن التاسع عشر تعليماً مدنياً بحتاً، فنشأت مع ذلك التعليم ثقافة مدنية ومجتمعية أثمرت مجتمعاً مدنياً في معيشته وممارسته وعلاقاته، وفي ذات الوقت هو مجتمع متمسك بدينه وأعرافه وتقاليده في مزيج متوازن ومنسجم بين العقيدة الدينية وبين الدولة أو المجتمع المديني الذي يحرص على بقائه حرصاً على استمرار علاقات وتعايش هذا النسيج الفسيفسائي الذي تتكون منه الاطياف البحرينية المتعددة في تلاوين المذاهب والأعراق والاجناس والاثنيات وغيرها. ولو لم تكن البحرين دولة مدنية لما أمكن لها البقاء في انسجام ودون صدام بين هذه المكوّنات المجتمعية عبر تاريخها الطويل والعميق.. فقد كانت المدنية أو الدولة المدنية صمام أمانها وهذا ما اكتشفته وما عرفته عن يقين الذهنية الشعبية البحرينية في عمومها، فحافظت على الظاهرة المدنية في بلادها لتحافظ على استقرارها وعلاقاتها الاجتماعية على شروط التعايش والانسجام بين أجنحة مختلف الاطياف في المجتمع. فكيف يمكن بعد كل هذا التاريخ المدني المديد وبعد عقود وعقود طويلة ان يقبل المجتمع البحريني بدولة مذهبية دولة الولي الفقيه وان كانت يافطتها جمهورية مزعومة يتجسد زعمها ووهمها في جمهورية إيران. فذلك المشيمع الذي تولى اعلان الجمهورية في الدوار كشف من حيث يدري أو لا يدري عن نوايا وتوجهات الانقلابيين لإعلان وتأسيس دولة الولي الفقيه. فكان ذلك الاعلان هو الضربة القاتلة للانقلاب حين انتفض الشعب البحريني عن بكرة أبيه دفاعاً عن الشرعية هنا وعن الدولة المدنية التي لا يسمح أبداً بالتفريط بها أو رهنها مقابل دولة مذهبية. ومن هنا نقول بيقين ان البحرين مدنية التأسيس ومدنية التكوين ثقافياً وفكرياً ومجتمعياً. والظاهرة المدنية فيها ليست طارئة وانما هي ظاهرة تاريخية متجذرة وفي ذات الوقت فالبحرينيون متمسكون بدينهم بشكل اصيل ولا يفرطون فيه أبداً. وبين هذا وذاك سيظل هذا الشعب يرفض وبقوة الدولة المذهبية أياً كان شكلها وأياً كان شعارها وسيظل موقفه حازماً بالضد من فكرة دولة الولي الفقيه التي سعى البعض لإعادة انتاجها هنا.