استضاف مجلس صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، بـقصر البطين، أمس، محاضرة بعنوان المشهد التنافسي العالمي سنة 2015 ومابعدها: متقلّب ولكنه قابل للتنبؤ، ألقاها رئيس مجلس إدارة صحيفة لوتيمبس السويسرية، مؤسس مركز التنافسية العالمية بمعهد التنمية إفدارية في جامعة لوزان، البروفيسور ستيفان غاريلي، وأدار الجلسة المدير العام لمجلس أبوظبي للتطوير الاقتصادي، فهد سعيد الرقباني. جرأة عالم التنافسية قال البروفيسور ستيفان غاريلي إن جرأة عالم التنافسية الجديد تتطلب منا أن نغيّر مواقفنا، فالذين يتمتعون بأعلى مستويات الكفاءة ليسوا بالضرورة هم الأكثر تنافسية، وموقفنا حيال الأمور هو العامل الحاسم، والأزمات هي فترات تكشف مدى قوة الشخصية، فليس المهم أن نكون ماهرين في ما نفعله، بل يجب أن نمتلك خصائص التميّز. وأوضح أن الرابحين يجب أن يكونوا أقدر على التعامل مع التقلبات والمصاعب، ويجب أن يتمتعوا بالطموح من أجل مؤسساتهم، وحيث ستشكل المرونة والقدرة على التكيف السريع مع التغيير أهدافاً رئيسة، وبالتالي فإن مفتاح النجاح يتمثل في ثلاثة مستويات للتميز الإداري: (الكفاءة والتغيير والتعقيد)، كما يتوجب على الشركات تحفيز الفكر الإبداعي لدى موظفيها، لترسيخ حسّ المبادرة والالتزام في نفوسهم. وقال غاريلي إن المشهد التنافسي العالمي يمرّ بمرحلة غير مسبوقة من التقلب، تتسم ببطء النمو وعدم الاستقرار المالي والنقدي والسعري، مضيفاً أنه على الرغم أن الاقتصاد العالمي لايزال يحمل صبغة عالمية، فإنه يشهد وبشكل متنامٍ كثيراً من التمزق وانعدام التزامن، لكن هذا التقلب لا يعني عدم القدرة على التنبؤ، فهناك بعض القضايا الرئيسة التي لابد أن تستمر في صياغة المشهد التنافسي. وأوضح أنه منذ (الكساد الكبير) لم يتعافَ الاقتصاد بصورة كاملة، ويبدو أنه يصارع حالة من (الركود الكبير)، وفضلاً عن ذلك، يتميز الاقتصاد العالمي بأنه غني بالسيولة وفقير استثمارياً، فقد أغرقت البنوك المركزية في الولايات المتحدة وأوروبا واليابان السوق بالسيولة، التي وجدت طريقها إلى أسواق المال وموازنات الشركات. ومثالاتمتلك شركة (أبل) سيولة بمقدار 158 مليار دولار، لكن مستويات استثمارها لاتزال ذاتها منذ 2008، ونتيجة هذا الفائض في السيولة والعجز في الفرص التجارية، هبطت معدلات الفائدة هبوطاً حاداً، ومن المرجح أن تظل منخفضة لبعض الوقت. وأكّد حاجة معظم الحكومات إلى المال لسد العجز في ميزانياتها، كما سيزداد ضغط الضرائب، ووفقاً لتقديرات الحكومة الأميركية، فإن نحو ملياري دولار من أرباح الشركات يتمّ وضعها خارج الولايات المتحدة، ولا تعود إلى الوطن بسبب ارتفاع الضرائب، مشيراً إلى أن منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي تجري إصلاحات كبيرة على النظام الضريبي الدولي استناداً إلى الشفافية والمساءلة، ومن الأهداف الرئيسة المنشودة إلزام الشركات بدفع ضرائب على عائداتها. وأفاد غاريلي بأن هناك كثيراً من الأخبار الطيبة، أولها أن قاعدة الاقتصاد العالمي تزداد اتساعاً، ويزداد عدد اللاعبين الجدد والعلامات التجارية في الاقتصادات الصاعدة، حيث لم تعد لديهم خشية من الدخول إلى الأسواق العالمية، وتظهر فرص جديدة في مناطق مثل إفريقيا، التي سيبلغ عدد سكانها 2.39 مليار نسمة سنة 2050. وأضاف: ستظل أهمية الطاقة والسلع حاسمة، على الرغم من الهبوط الحالي للأسعار، ولو كان الناتج المحلي الإجمالي للفرد في الصين مساوياً لنظيره في كوريا الجنوبية، فإن حجم اقتصادها سيوازي حجم الاقتصاد الأميركي والأوروبي مجتمعين، إذ تبلغ حصة الصين من الاستهلاك العالمي لمعظم المعادن 45 إلى 55%.