رحلة «باردة» تخطف الأنفاس حين تلتقي روح المغامرة مع الموهبة والإبداع؛ فإن النتائج تكون مذهلة وتفوق التوقعات! فقد استطاع المصور البولندي «ديفيد كازليكوفسكي» التقاط صور تخطف الأنفاس، خلال رحلة تصوير فيلم وثائقي لصالح HBO استمرت لمدة ثلاثة أسابيع، عاش أثناءها تجربة استثنائية على ارتفاع 5000 متر في جبال الهيمالايا برفقة مرشده الباكستاني أحمد نسيب. طائرة بلا طيار في قلب منطقة «كاراكورام» الباكستانية، تشكل الأنهار الجليدية في «كونكورديا» بداية أحد أطول الأنهار الجليدية على كوكبنا؛ ويسمّى: «بالتورو». وتحاط كونكورديا الشهيرة بقمم يصل ارتفاعها إلى أكثر من 8000 متر، بما في ذلك كيه2، وهو ثاني أعلى جبل في العالم،حيث يصل ارتفاعه إلى 8611 متراً عن سطح البحر. عندما اقترب ديفيد من نهر بالتورو الجليدي وجبل كيه2، أرسل طائرة من دون طيار لاستكشاف المناظر الطبيعية المحيطة، وخلال استكشاف النهر الجليدي، التقط سلسلة من الصور في ضوء النهار إضافةً إلى الصور الجوية، فاكتشف أن الضوء كان قوياً جداً في الصور جميعها. في الظلام عن ذلك يقول: «لم يحدّني إلا ضيق الوقت، وكنت مشغولاً جداً بالعمل على فيلمي، ولم يكن لدي سوى فرصة واحدة للوصول إلى هناك مرة أخرى في الليلة الأخيرة قبل المغادرة». سار ديفيد متبعاً مرشده أحمد نسيب، وأطلق من جديد طائرة من دون طيار، لكن بعد حلول الظلام؛ مستخدماً الإضاءة الاصطناعية مع تثبيت كاميرته إلى حامل ثلاثي الأرجل. وتابع سرد تجربته: «تحدّيت نفسي للعثور على شيء غير عادي، على أمل التقاط أشكال جليد وأنماط صخور أقل تصويراً؛ إذ إن كل شيء يذوب بسرعة فائقة، بحيث لا يمكنك رؤية الكثير من الجليد النقي المصوَّر من قبل المستكشفين الأوائل». شكل لا يتكرر يضيف ديفيد: «لا أحد سوف يرى النهر الجليدي بالطريقة ذاتها مرة أخرى»، متابعاً: «كان المكان مميزاً؛ فهو يذوب، ويتغير شكله كل يوم! ولأن الجو كان صيفاً؛ فإن درجة الحرارة نادراً ما تنخفض عن 15 درجة تحت الصفر في الليل.. ومع أننا كنا منهمكين بالعمل مع طاقم فيلم يوثق رحلة جبل كيه2، لكننا تمكنا من (سرقة) بعض الوقت لتصوير هذا المكان من كل زاوية، وتصوير قافلة من الحمّالين مرّت بالقرب منّا». أطول الأنهار الجليدية يعدّ نهر بالتورو الجليدي الذي يتدفق جنوباً من كيه2، من أطول الأنهار الجليدية خارج المناطق القطبية، إذ يبلغ طوله 63 كم، ويقع في «بالتستان» بإقليم «جيلجيت بالتستان» في باكستان، ويمر جزء منه عبر سلسلة جبال «كاراكورام» ليصل إلى نهر «شيجار» أحد روافد نهر السند. رحلات تحت الصفر يطلق على منطقة التقاء نهر بالتورو مع غودوين أوستن الجليديين: «كونكورديا»، وهي من الوجهات التي باتت الرحلات إليها رائجة، حيث تنصَب خيام مؤقتة للزوار من قماش مشمّع ملوّن. وعادة ترافق الحملات الاستكشافية مجموعة من الحمّالين البالتيين الذين يوصلون المستلزمات لهذه الحملات الموجودة أصلاً في تلك الأماكن الشاهقة. قوة جبّارة يضطر أولئك الحمّالون لحمل المعدات والمستلزمات الثقيلة لعدة أيام، إذ يرفع واحدهم على ظهره ما لا يقل عن 25 كيلوغراماً، وبعضهم يحمل 50 كيلوغراماً في رحلة إلى ما فوق السحاب، وفي أحيان كثيرة لا ينتعلون سوى أحذية رياضية من المطاط مليئة بالعشب الطازج؛ لمنع انزلاق أقدامهم، حيث إن معظمهم لا يمتلكون جوارب. وتعيش عائلات الحمّالين في البيوت التقليدية، مع عدم وجود تدفئة في فصل الشتاء، وغالباً ما يتشاركون أماكن إقامتهم مع أغنامهم وحميرهم أو غيرها من حيواناتهم.