×
محافظة المنطقة الشرقية

اللجنة المنظمة للتصفيات تكمل جاهزيتها لانطلاقة البطولة

صورة الخبر

يورد كتاب صدر في لندن أمس (الأحد)، تفاصيل مثيرة للعبة «القط والفار» التي مارسها زعيم «القاعدة» في العراق أبوموسى الزرقاوي مع القوات الخاصة والاستخبارات الأميركية، قبل أن تتمكن الأخيرة من قتله في السابع من حزيران (يونيو) 2006، بعدما أرسل الأميركيون مقاتلة من طراز إف – 16 لقصف منزله. ومع أن الزرقاوي أضحى تاريخاً منسياً في ظل التطورات الخطرة المتسارعة في المنطقة، إلا أن كتاب «الأعلام السوداء: نشأة داعش»، لمؤلفه جوبي واريك - الصادر عن مطبعة بانتام، يعتبر تنظيم «داعش» الإرهابي الذي يسيطر على أراض شاسعة في العراق وسورية مولوداً للزرقاوي، الذي بلغت به الدموية والعنف حداً رفضه حتى تنظيم «القاعدة» الذي أرعب الزرقاوي العراق باسمه. ويشير المؤلف إلى أن فريقاً من متقاعدي القوات الخاصة ومحللي وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي. آي. إيه.) - محاطين بعدد كبير من شاشات الفيديو - ظلوا يتابعون على مدى أسبوعين الصور التي تنقلها إليهم طائرات بلا طيار تتعقب سيارة فضية تقوم برحلات في محيط بغداد. وفي ذلك اليوم تحديداً كانت السيارة المذكورة متجهة إلى خارج بغداد صوب الشمال الشرقي، وعلى متنها المطلوب الأول للعدالة الأميركية المستشار الديني الشيخ عبدالرحمن. وقام الشيخ عبدالرحمن بتغيير السيارة مرتين على سبيل التمويه. واستقل في المرة الثالثة عربة نصف نقل (بيك أب)، وسارت به على طريق ترابية مغبّرة خارج قرية حبحب، التي تبعد نحو 48 كيلومتراً عن بغداد. دلفت العربة إلى منزل من طابقين تحف به أشجار النخيل، حيث ترجل الشيخ عبدالرحمن الساعة الخامسة إلا خمس دقائق مساء السابع من حزيران 2006. وهو موعد ظل ينتظره العملاء الأميركيون نحو ثلاث سنوات. تركزت أنظارهم في مركز العمليات بقاعدة بلد الجوية - خارج بغداد - على ذلك المنزل، خرج رجل ضخم البنية يرتدي ثوباً أسود ليرحب بالشيخ عبدالرحمن ويصطحبه إلى الداخل. صاح قائد القوات الأميركية الخاصة في العراق الجنرال ستانلي ماكريستال: ذلك هو الزرقاوي. أخيراً عثر الأميركيون على الرجل الذي فاقت دمويته كل تصور، وهو المؤسس الحقيقي لتنظيم «داعش». كان الزرقاوي برز قبل ذلك بأربعة أعوام في قيادة «القاعدة في بلاد الرافدين»، بعد أن كان مجرماً حقيراً في موطنه الأردن، ثم ذهب للقتال في أفغانستان حيث التقى زعيم «القاعدة» أسامة بن لادن. وبعد اتهامه بالتورط في اغتيال ديبلوماسي أميركي في عمّان عام 2002 بدأت إدارة الرئيس جورج دبليو بوش تهتم به، لتصل إلى خيط يقودها لإثبات وجود علاقة بين الرئيس صدام حسين وتنظيم «القاعدة». كانت إدارة بوش الابن تأمل بأن يكون الزرقاوي سبيلها لإثبات قيام صدام بدور، مهما يكن صغيراً، في هجمات أيلول (سبتمبر) 2001. وعلى رغم أن «سي. آي. إيه» أفادت البيت الأبيض بأن الزرقاوي ليس جزءاً من «القاعدة» في أفغانستان، ولم يأت إلى العراق ليكون حلقة وصل بين ابن لادن وصدام، إلا أن الجيش الأبيض قرر استخدام الزرقاوي مبرراً لفتح جبهة جديدة في «الحرب على الإرهاب»، حتى إن الزرقاوي صّدق أنه بذلك الحجم الإرهابي الذي صورته به واشنطن! وفي تموز (يوليو) 2004 أعلنت واشنطن زيادة جائزتها للقبض على الزرقاوي من 6 ملايين جنيه إسترليني إلى 15 مليوناً. وفي الـ20 من شباط (فبراير) 2005 تلقت الاستخبارات الأميركية معلومات بأنه سينتقل على متن سيارة من الفلوجة إلى الرمادي. تم إرسال طائرة بلا طيار ونشر قوات خاصة بطول الطريق. وبالفعل نجحت الطائرة في التقاط صورة عربة نقل تتجه إلى مزرعة محاطة بأشجار النخيل. وتم تصويره وهو يغادر العربة غير أن عطلاً مفاجئاً أصاب الكاميرا المثبتة على الطائرة، ما أتاح للزرقاوي الإفلات. لكن العملاء الأميركيين الذي خفوا لدهم المكان عثروا على اللابتوب الخاص بالزرقاوي، الذي لم يسعفه الوقت لأخذه معه عند هربه. واستغرق الأمر أسابيع قبل أن يخترق الأميركيون «شفرة» الجهاز الخاص بالزرقاوي. وكان مصدراً مهماً للمعلومات المتعلقة بخطط الزرقاوي وتفكيره. ومع أن كسر «الشفرة» أضاع كثيراً من أرقام الهواتف والأسماء، إلا أن «اللابتوب» حوى عدداً من صور الزرقاوي في أشكال التنكر المختلفة التي كان يلجأ إليها. كما حوى تسجيلاً مرئياً لاجتماع لمجلس القيادة الذي يتزعمه الزرقاوي، ودار فيه نقاش في أمر غير مطروق: «كيف يمكن إعادة الخلافة الإسلامية إلى عصرها الزاهي، حين عاش المسلمون بزعامة خليفة واحد في بلاد لا تفصل بينها الحدود التي وضعها المستعمر الغربي»؟ وطبقاً للكتاب فإن الزرقاوي لم يتحدث عن الخلافة بوصفها شيئاً سيحدث في المستقبل، بل باعتبارها أمراً واقعاً، وأنه هو قائد جيشها. وبعد خمسة أشهر نجحت الاستخبارات الأميركية في اعتراض رسالة بعثها نائب زعيم «القاعدة» أيمن الظواهري للزرقاوي يحذره فيها من مغبة استمراره في عمليات التفجير وقتل الشيعة. وما لبث الزرقاوي أن قام بتنفيذ أسوأ هجوم إرهابي في الأردن؛ نسف فيه ثلاثة فنادق في تشرين الثاني (نوفمبر) 2005، وأدى إلى مقتل 60 شخصاً، معظمهم كانوا ضيوفاً في حفلة زواج. نجح الأميركيون في تحقيق اختراق بالقبض على أحد أعوان الزرقاوي، الذي كشف لهم أثناء استجوابه أن الزرقاوي يلتقى مستشاره الديني الشيخ عبدالرحمن - وهو عراقي يعمل إمام مسجد في بغداد - كل أسبوع أو 10 أيام. وأطلق الأميركيون طائرة بلا طيار لمتابعة تحركات الشيخ عبدالرحمن حتى وصوله إلى قرية حبحب، حيث كان الزرقاوي شخصياً في استقباله. وصدرت الأوامر إلى فريق القوات الخاصة بمغادرة بغداد على متن مروحية. بيد أن الرشاش الخاص بالمروحية أصيب بعطل مفاجئ. فسارع الجنرال ماكريستال إلى استدعاء مقاتلة «إف – 16» قائلاً: أظن أنه ليس بوسعنا الانتظار. وحوالى السادسة مساء صدرت الأوامر إلى قائد المقاتلة بإلقاء قنبلة موجهة، زنة 500 رطل. وبعد دقيقة ألقيت قنبلة مماثلة. ولما انقشع الدخان والغبار كان المنزل دمر تماماً. وبعد 20 دقيقة ذهب الأميركيون إلى المكان، حيث وجدوا الجنود العراقيين وضعوا هدفهم الثمين على نقالة. كان الزرقاوي لا يزال على قيد الحياة، لكنه أصيب بجروح خطرة، إذ سحقت أحشاؤه تماماً. كان يريد أن يقول شيئاً. لكنه لم يتمكن. وفي السابعة وأربع دقائق مساء لفظ أنفاسه الأخيرة. ويختم واريك كتابه بأن الزرقاوي مات، لكن جيش الخلافة الذي أنشأه بقي، إذ انسحب قادته وعناصره إلى سورية ليظهروا في المشهد عام 2013، وأطلقوا على أنفسهم مسمى «الدولة الإسلامية» التي كان الزرقاوي يحكم بأنها ستمحو الحدود وتتخطى الجغرافيا وتعيد رسم خريطة الشرق الأوسط.