رام الله: كفاح زبون تضرب الأزمة المالية التي تعيشها حكومة حماس في قطاع غزة، كل مناحي الحياة في القطاع تقريبا، إذ يقضي غالبية الفلسطينيين يومهم هناك بلا كهرباء ولا ماء ولا وقود، ومن دون رواتب كذلك. وقالت مصادر فلسطينية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن «إغلاق الأنفاق بين مصر والقطاع، أضر بقدرة الحكومة الحمساوية كثيرا على معالجة الأزمات التي تعيشها غزة بعدما فقدت الحركة مصدر دخل كبيرا ومهما». ومنذ شهرين تقريبا انقطع الوقود المصري الذي كان يهرب عبر الإنفاق، وأدى ذلك إلى انقطاع متواصل للكهرباء عن بيوت المواطنين يصل إلى نحو 16 ساعة يوميا. ومع استمرار هذا الانقطاع فقدت المؤسسات المختصة قدرتها على ضخ المياه كذلك من الآبار إلى المنازل. ولم يتوقف الأمر عند ذلك، بل توقفت أجهزة غسل الكلى وحاضنات وغرف عمليات في بعض المستشفيات جراء نقص الكهرباء كما انقطعت وزارات وبلديات ومؤسسات عن تقديم خدماتها للجمهور، وهو ما ينذر بكوارث صحية وبيئية. وكانت «شبكة المنظمات الأهلية» ومنظمات حقوق الإنسان في قطاع غزة حذرت من تدهور الأوضاع الإنسانية لسكان القطاع، مبدية قلقها البالغ لتفاقم أزمة انقطاع التيار الكهربائي التي تؤدي إلى الاقتراب من «حالة الكارثة الإنسانية، وتمس بشكل خطير بكافة المصالح الحيوية للسكان، بما في ذلك خدمات الصحة، بما فيها خدمات المياه والصحة البيئية، وخدمات التعليم وكافة الخدمات الحياتية اليومية الضرورية». وتقدر احتياجات القطاع للتيار الكهربائي بأكثر من (350) ميغاواط، وتزود محطة توليد الكهرباء قطاع غزة بنحو (100) ميغاواط، بينما يشترى (120) ميغاواط من الجانب الإسرائيلي، ويستورد (27) ميغاواط من مصر. ومع إعلان شركة الكهرباء وسلطة الطاقة في غزة توقف المحطة بشكل شبه كامل وتوزيع الخطوط المقبلة من مصر وإسرائيل على المناطق الأخرى، دخل القطاع في ظلام دامس. واضطرت حركة حماس لأول مرة منذ سيطرتها على القطاع في 2006 إلى إلغاء المهرجان المركزي لانطلاقتها الـ26، الذي كان مقررا في 14 ديسمبر (كانون الأول) الحالي. وقال أشرف أبو زايد، مسؤول دائرة العمل الجماهيري في حركة حماس، إن الحركة اتخذت قرارا بإلغاء إقامة المهرجان «نظرا للحصار المطبق على قطاع غزة». وأضاف «قررنا استبدال المهرجان المركزي بفعاليات وأنشطة أخرى ستقام في كافة مناطق القطاع». وتابع: «سنستخدم التكاليف في إقامة مشاريع أخرى». ويقدر مراقبون أن تكاليف إقامة المهرجان السنوي لحماس قد تصل إلى مئات آلاف الدولارات. وفي الأعوام القليلة الماضية، حتى في ظل الحصار المحكم، لم تلغ حماس مهرجانها المركزي. والعام الماضي فقط، احتفلت الحركة بانطلاقتها بشكل مهيب، بعد أسابيع من انتهاء الحرب الإسرائيلية على القطاع، بمشاركة خالد مشعل رئيس المكتب السياسي للحركة، وعدد من رفاقه. وأكدت مصادر في حماس لـ«الشرق الأوسط» أن الحركة تظهر بذلك التحاما كاملا مع جماهيرها تحت الحصار وتراعي الظرف العام. لكن مصادر أخرى مطلعة أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن «الحركة لا تعاني من أزمة مالية». وأضافت: «قبل يومين فقط تقاضى عناصر حماس والقسام مستحقاتهم كاملة عن هذا الشهر». ويأتي ذلك فيما تدفع الحكومة التابعة للحركة رواتب موظفيها على دفعات وبشكل متأخر بالعادة. وقالت هذه المصادر: «الحركة لها موازنة مستقلة عن الحكومة»، وأضافت: «توجد أزمة لدى الحكومة لا لدى الحركة». وفصلت حماس، بين التنظيم والحكومة التي تدير شؤون الناس، منذ تسلمت السلطة منتصف 2006 في القطاع، بخلاف ما فعلته حركة فتح عند إقامة السلطة. ولا تفصح حماس عن المعلومات المالية الخاصة بها، بينما تقدم الحكومة كشفا سنويا بالموازنة. وتعهدت الحكومة في غزة بإنهاء الأزمة التي يعيشها القطاع في غضون أسبوعين فقط. وقال مستشار رئيس الحكومة المقالة للشؤون الخارجية، باسم نعيم، إن أزمة انقطاع التيار الكهربائي ستنتهي خلال أسبوعين إذا لم تكن هناك مفاجآت. وأضاف لصحيفة «فلسطين» التابعة للحركة: «الجهات المعنية في غزة تواصلت مع السلطات المصرية والحكومتين القطرية والتركية، والسلطة في رام الله أيضا، وعدة دول ومؤسسات دولية معنية بالشأن الإنساني في القطاع». ووعدت قطر بتقديم دعم مالي للحكومة الفلسطينية في رام الله لشراء الوقود اللازم لتشغيل محطة الكهرباء في غزة أو أن يورد الوقود في سفن إلى ميناء أسدود بحيث ينقل بشكل مباشر إلى محطة توليد الكهرباء عبر معبر كرم أبو سالم. كما تعهدت تركيا بإرسال نحو مليون و200 ألف دولار أميركي لشراء الوقود الصناعي للمحطة في غزة. وقالت حماس إنها تقف وراء هذا الإنجاز، فيما تعتبر السلطة أنها هي التي دفعت نحو حل الأزمة. وتتهم جهات حقوقية السلطتين في الضفة وغزة بالتقصير في حل أزمة الكهرباء نتيجة مناكفات سياسية.