وجه مواطنون، انتقادات للجهات الرسمية المعنية بمراقبة محلات بيع الأدوية المستخلصة من الأعشاب، والمعروفة شعبياً بـ «الحواج». ويدور فلك النقد، حول ممارسة عدد كبير من هذه المحلات، لأدوار خارج إطار عملها، وتتداخل مع ما هو مناط بالصيدليات، وحتى العيادات. «الوسط»، عاينت الواقع في عدد من هذه المحلات المنتشرة في مناطق عدة في البحرين، حيث بدا الموظف (آسيوي الجنسية)، منطلقاً في استعراضه لمحتويات المحل، والتي تنوعت ما بين الزيوت والكريمات التجميلية، والأدوية المعالجة لمشاكل الضعف الجنسي والعديد من الأمراض بما فيها مرض «السكلر»، إلى جانب المواد الخاصة بالتنحيف وخسارة الوزن. وفي كل محل، كان السيناريو متطابقاً، حيث يبدأ الموظف في الترويج لبضائع المحل، عبر الجزم بالنتائج الإيجابية للدواء أو الزيت أو الكريم، والتأكيد بموازاة ذلك، على مكونات المنتج الطبيعية والخالية من أية مواد مصنعة أو كيميائية. يرد الموظف، على سؤال عن توفر زيت لتنعيم شعر طفلة، وهو يشير لعلبة خضراء اللون «هذا الزيت سعره 7 دنانير وهو قادر على تنعيم الشعر»، نافياً في الوقت ذاته أية أضرار أو أعراض محتملة حتى بعد علمه بالمشاكل الجلدية (أكزيما) التي تعاني منها الطفلة. وزاد الموظف على ذلك بالقول «في حال أردت دواء خاص بالأكزيما، فهو موجود أيضاً». موظف ثانٍ في محلٍ آخر، كرر ما فعله الموظف السابق، تحديداً حين فتح درج طاولته ليخرج ما قال عنها إنها «أدوية لعلاج الضعف الجنسي»، شملت تلك المستخلصة بشكل كامل من الطبيعة، وما يتم تصنيعه كيميائياً على هيئة كبسولات، والتي تعرف باسم «الفياغرا». وأضاف «هذا الدواء طبيعي ومجرب، سعره 25 دينار وهو مصنوع في كندا، ويحوي 60 حبة»، لافتاً إلى أن «الإقبال على هذا الدواء كبير، ونحن في المحل نبيع معدل يومي يصل إلى 3 علب». وعن طريقة تصنيع الأعشاب الخاصة بالمشاكل الجنسية، قال «نقوم بذلك خلال 5 دقائق، نخلط فيها بودرة الحبة السوداء، الجنسنج، وطلع النخيل، بالإضافة لكيلو من العسل الطبيعي». إزاء ذلك، قال مواطن استعان ب»حواج»، قبل عامين تقريباً للحصول على حلول تختص بمشكلة عدم الإنجاب «بعد فشل كل محاولات الإنجاب عن طريق عمليات أطفال الأنابيب، والتي استنزفت مني آلاف الدنانير، اضطررت لتجريب محلات بيع الأعشاب، فكانت المحصلة سلبية، في ظل التأكيدات الشفهية بالنتائج الإيجابية، والتي لم تتطابق مع الواقع». ويتساءل الشاكون عن مدى توفر الضمانات الخاصة بجدوى استعمال هذه المنتجات، وعن تطابق محتوياتها مع القوانين والقواعد الصحية. تعليقاً على ذلك، يقول الاستشاري فيصل الناصر: «يعتمد الطب منذ قديم الزمان وحتى الآن، وإن بصورة جزئية، على استخدامات الأعشاب الطبية، حيث مثل ذلك سبيلاً لعلاج الأمراض ولا تزال الكثير من أدوية اليوم، تعتمد على الأعشاب لعلاج بعضها». وأضاف «بالرغم من ذلك، علينا أن ننبه إلى وجود أعشاب ذات أضرار قد تصل بتأثيراتها لمستوى تأثير السموم على جسم الإنسان، لكننا نوضح هنا أننا لسنا ضد استخدام الأعشاب، والتي يعلم الجميع أن آثارها الجانبية أقل من آثار العقاقير الطبية». واستدرك «نقول ذلك لنؤكد على ضرورة ممارسة هذا العمل بعد دراسة، فجميع الأطباء العرب القدامى ومنهم الرازي وابن الهيثم كانوا يستخدمون الأعشاب ولكن بعد دراسة، لا على أساس العادات التي قد تشكل ثغرةً لدخول الأهواء الشخصية، الأمر الذي قد يفتح الباب على مصراعيه للإضرار بصحة الإنسان أو المريض». وطالب الناصر بأن يمتد التقنين ليشمل ثلاثية المراقبة من الجهة الرسمية، العمل من جهة المحلات، والشراء من جانب المستهلك، وعقب على ذلك بالقول «الحاجة ماسة لإنشاء معاهد مختصة في الدراسات الخاصة بالعلاج بالأعشاب، بما يضمن توعية الأطراف الثلاثة ذات العلاقة، ويحول دون التعاطي مع الأمر من باب الاجتهادات التي قد يظللها الجهل وعدم المعرفة. ونوه الناصر إلى الخطورة المترتبة على التعاطي مع الأعشاب الطبية دون معرفة، وقال «في البحرين مثلاً، هنالك وردة لا تزال موجودة، تنتج أوراقها مادة تؤثر على القلب بل قد تؤدي لتوقفه، وهذا الأمر يدلل على الحاجة الماسة لتقنين هذا القطاع ورفده بالمعاهد التي تمثل ضمانة للعمل بصورة علمية ومدروسة». وأضاف «تحقق ذلك، من شأنه أن يسهم في تصحيح الكثير من السلوكيات الخاطئة، بما في ذلك عملية خلط الأعشاب في بيئة وأجواء قد تكون فاقدة للاحتياطات الوقائية اللازمة».