من قرأ كتاب «إدارة التوحش» الذي أصدره تنظيم القاعدة قبل سنوات سوف يدرك أننا اقتربنا أو وصلنا إلى المرحلة الأخطر في استراتيجية الإرهاب بعد ظهور داعش، مرحلة إشاعة القلق والخوف بضرب المجتمع من الداخل بطرق غير متوقعة والتركيز على كوادر الأمن لتوليد الشعور بأن الجدار الحامي للمجتمع يمكن استهدافه إضافة إلى ابتكار أساليب في غاية البشاعة لتنفيذ العمليات الإرهابية. إنها مرحلة تركز على إحداث الصدمات النفسية العنيفة التي تهدف إلى التأثير على توازن المجتمع وخلط أوراق خطط المواجهة تمهيدا للبدء في المرحلة التالية من الاستراتيجية. نحن الآن إزاء مرحلة في غاية الخطورة أصبحت ملامحها واضحة. استهداف خاص ومستمر لرجال الأمن في مواقعهم وخارجها، تجنيد صغار السن بوسائل وأساليب مدروسة وتوجيههم باستهداف أفراد عائلاتهم وأقاربهم لا سيما إذا كانت لهم علاقة بمجال الأمن، والشواهد كثيرة وآخرها الجريمة التي اقترفها شقيقان يوم العيد بقتل ابن عمهما الذي التحق بدورة عسكرية وشخصين في مركز أمني وآخر يعمل في أحد أجهزة الأمن، ليكون الرابط بين كل المستهدفين علاقتهم بالأمن. هذا الهدف واضح ومكتوب في أدبياتهم وقد بدأ تنفيذه بالفعل، بمعنى أنهم ينتقلون بإصرار من مرحلة لأخرى بينما نحن نواجههم بنفس الطريقة التي تعاملنا بها معهم في البداية وكأنهم ما زالوا في تلك المرحلة، ونعني بها طريقة الاحتواء والتهذيب ومحاولة تصحيح الأفكار أملا في تحويلهم أو إعادتهم إلى الحياة الطبيعية ودمجهم فيها، وهي طريقة لم تنجح كثيرا في كل الأحوال مهما قيل عنها، إضافة إلى ذلك فإن كثيرا من المقبوض عليهم في جرائم إرهابية كبرى ضد الوطن ما زالوا في السجون منذ فترة طويلة دون حسم أمرهم. الوضع مختلف جدا الآن وأخطر مما يمكن تخيله، فالتركيز على استهداف المملكة وأمنها بالأعمال الإرهابية أصبح مقلقا. وإذا كان الأداء الأمني جيدا فهل نستمر في مطاردتهم فقط ليقتل من يقتل ويدخل السجن من ينجو ويستمر فيه. هل نتعقب النتائج ونتغافل عن بعض الأسباب المهمة التي أنتجت هذا الوضع الكارثي لتستمر كما هي بفكرها وكوادرها وأدواتها. سيكلفنا هذا كثيرا لو لم تتغير استراتيجية المواجهة بشكل شامل لتكون أكثر حزما وحسما. الإرهابيون القتلة وكل الذين يساعدونهم بأي طريقة لا بد أن تخصص لهم محاكمات سريعة لا يعطلها الروتين، وتنفذ فيهم الأحكام المناسبة لجرائمهم علنا فور صدورها ليعرف من ينوي الإضرار بالوطن أنه لا تساهل ولا تسامح معه ولا رحمة. لم يعد هناك وقت أيها السادة لإضاعته مع قتلة يصرون على اغتيال الوطن.