خذ الكيس معاك.. بقلم/ طارق عبدالله فقيه عبارة خذ كيس الزبالة معاك أصبحت توديعة الزوجات المملة لأزواجهن عند خروجهم من المنزل، وتستمر المعارك بين الأبناء في البيوت بسبب هذه النفايات التي لن تنتهي، وكل واحد يرمي بمهمة التخلص منها خارج المنزل على الآخر. الدراسات التي تناولت النفايات في بلادنا كثيرة ونتائجها مخيفة ولكنها حبيسة الأدراج والأرفف في مراكز الدراسات والبحوث، ولا تزال الحلول لمواجهة هذه المشكلة التي تكلف ميزانية الدولة أعباء جبارة لا تزال حلول خجولة ولم تدخل حيز التنفيذ الحقيقي إلا من شركات محدودة وفي نطاق ضيق ومناطق معينة فقط. وقد نكون حققنا تقدمًا جيدًا في التعامل مع النفايات الطبية والكيماوية والصناعية، لكننا ما زلنا دون المأمول في النفايات البلدية الصلبة منها والسائلة والعضوية، ولم يلمس المواطن أي تغيير أو تطور في التعامل معها سوى صناديق متكدسة في الشوارع وعمال يقدمون خدمات لسكان الحي من تنظيف داخل المنازل وحمل للأمتعة لحسابهم الشخصي وتواجد مدروس عند إشارات المرور أكثر من انشغالهم بنظافة الأحياء نفسها، وسيارات لتفريغ تلك الصناديق مع خدمات خاصة لأصحاب المحلات التجارية وبمقابل متفق عليه لحسابهم الشخصي أيضًا. تولد النفايات لدينا يزداد بشكل يدعو للذعر، ويكفي أن نعلم أن متوسط زيادة نفاياتنا خلال ست سنوات فقط بلغت (.) في حين بلغت خلال خمس وعشرون سنة () فقط في دول كاليابان وأمريكا والنمسا وهولندا. وسلوكنا الاجتماعي الاستهلاكي يساهم في هذه الزيادة ويعمل على تفاقمها باستمرار؛ فنحن نشتري أكثر من احتياجاتنا، ونطهو أكثر مما نأكل، ونقدم في مناسباتنا الاجتماعية من الطعام ما يزيد عن عدد المدعوين بأضعاف مضاعفة من قبيل إكرام الضيوف، وكل تلك الزيادات طريقها في النهاية لصناديق ومكبات النفايات. من هذا المنطلق فنحن بحاجة ماسة لمواجهة زيادة النفايات في مجتمعنا عمومًا وفي موسم الحج خصوصًا بحلول عملية وبرامج توعية تبدأ من المدارس ويشارك فيها الإعلام تساهم في تقليل كمياتها والعمل على فرزها من المصدر لتسهيل عمليات تدويرها والاستفادة منها، وتطبيق المشاريع التي تناولت تدوير النفايات ودعمها والتشجيع على استمرارها، وتبني مشاريع في نفس المجال أكثر شمولية وإمكانية في التطبيق. وكم نحن في حاجة لمخيمات الحج الخضراء صديقة البيئة والفنادق والمطاعم والمدارس والأحياء الخضراء التي تطبق مشاريع تحجم من تولد النفايات بكميات هائلة وتعمل على فرزها من مصادرها، وحاجتنا أيضًا لمصانع تدوير وأسواق لبيع منتجات النفايات المعاد تدويرها. شكوانا المستمرة من زيادة كميات النفايات في الأحياء السكنية والأسواق وفي منطقة المشاعر في الحج ورمي المسؤولية دائمًا على البلديات دون حلول عملية لنظافة مستدامة هو من قبيل الصراخ غير المجدي، فالنفايات مشكلة قائمة وتواجدها نتيجة طبيعية، ومهما تم زيادة الصناديق والضواغط وعمال النظافة تبقى أقل من الاحتياج الفعلي طالما كانت نفاياتنا في تزايد غير طبيعي وطالما بقيت حلولنا تقليدية، فالعمل على تقليل النفايات هدف يجب السعي لتحقيقه، وإعادة تدويرها مكاسب اقتصادية لا يجب أن تغيب عن أذهاننا. البحوث والدراسات متوفرة ويمكن عمل المزيد منها بما يلائم كل منطقة وبما يتناسب مع نوعية نفاياتها، والخبرات متوفرة لدينا وفي العالم، وتجارب الآخرين تساعدنا للانطلاق من حيث وصلوا، ما نحتاجه فعلاً هو تبني الدولة لهذا المشروع ودعمه من أعلى المستويات ومتابعة تنفيذه بدقة وتذليل الصعوبات للشركات العاملة في هذا المجال وتحفيزها، ودعمها وإبراز الجدوى الاقتصادية لتلك المشاريع للوصول لنتائج مرضية . في ديننا إماطة الأذى عن الطريق صدقة وبلادنا تستحق الأفضل..