×
محافظة المنطقة الشرقية

«الفهود» يُعد برنامجاً خاصاً لتجهيز زهران

صورة الخبر

ساهم «بروتوكول مونتريال» (1987) في شأن المواد التي تعمل على تآكل طبقة الأوزون التي تحمي الكرة الأرضيّة من الإشعاعات المضرّة الآتية من الشمس، في تغيير مستقبل الكوكب الذي نعيش عليه. ففي بحوث استُهِلّت في 1973، وجد العلماء علاقة بين انبعاثات مركبات الـ «كلوروفلوروكربون» من جهة، وتآكل طبقة الأوزون من جهة ثانية. وتبلور «بروتوكول مونتريال» الذي وقّعته 197 دولة بهدف التخلص تدريجيّاً من تلك المركّبات، وسرعان ما صار أول معاهدة بيئيّة تطبّق على أرض الواقع. تدل تلك التجربة الناجحة على أهمية أن تتخذ القرارات بناء على معلومات موثوق منها وبيانات متقدّمة نوعيّاً. ولكن، عندما يتعلق الأمر بالتنمية المستدامة، يفتقر صانعو القرار غالباً إلى بيانات اجتماعيّة واقتصاديّة وبيئيّة متكاملة تلبي حاجاتهم في عملية اتّخاذ القرار. ويُعـرف ذلك النقـص بـ «فجـوة البيـانات» Data Gap. ويعتبر ردم تلك الفجوات ومعالجتها، مسألة بالغة الأهمية بالنسبة إلى جدول أعمال التنمية لما بعد العام 2015. يعتمد مستقبل حياة الإنسان، بل الكائنات جميعها، على إيجاد طرق للحفاظ على الموارد الطبيعيّة والنُظُم البيئيّة، وكذلك ضمان صحة المواطنين. ويفترض أن تتجاوز تلك الطُرُق الاختلافات الاجتماعيّة والبيئيّة والاقتصاديّة الهائلة، وتتخطى الحدود الوطنيّة والسياسيّة أيضاً. تواجه التنمية المستدامة تعقيدات شائكة تشمل تغيّر المناخ وشحّ المياه، وزيادة التباينات الاقتصاديّة، وتسارع النمو السكاني، وهي أمور تستنزف موارد الكوكب بمعدلات لا تسمح لها بالاستدامة. وتحمل تلك المخاطر عواقب وخيمة على البيئة، وكل من يعتمد عليها، ما يجعل تهديدها شاملاً. قمة لخيار الاستدامة في ضوء تلك المعطيات، يصبح الحصول على المعلومات البيئيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة، والحفاظ عليها، ومشاركتها مع الآخرين وتطبيقها في دعم عملية اتخاذ قرارات مدروسة، أمراً في غاية الأهميّة. وتضطلع حركة «عين على الأرض» Eye on Earth بتلك الرسالة، مع الإشارة إلى أنها حركة عالميّة متنامية تضم حكومات، وأكاديميين، ووكالات للأمم المتحدة، ومنظمات غير حكوميّة، ومؤسّسات خاصة، ومؤسّسات المجتمع المدني وغيرها. وتعد حركة «عين على الأرض» التي نشأت في العاصمة الإماراتية أبو ظبي، أول حركة تركز كلياً على سد «فجوة البيانات»، ما يضمن تزويد صنّاع القرار بالبيانات والمعلومات المناسبة التي تمكنهم من اتخاذ خيارات تتماشى مع منظومة الاستدامة. وتنعقد الدورة الثانية من قمة «عين على الأرض» في أبو ظبي بين 6 و 8 تشرين الأول (أكتوبر) 2015، تحت شعار «قرارات واعية من أجل تحقيق التنمية المستدامة». وتأتي القمة مباشرة في أعقاب اجتماع الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة لاعتماد أهداف التنمية المستدامة التي تمثّل المبادئ التوجيهية لأجندة التنمية لما بعد عام 2015، وإطار العمل العالمي للتنمية المستدامة. ولبلوغ تلك الأهداف، هناك حاجة ملحّة لتفعيل التعاون على الصعيد العالمي، مع الاعتماد في شكل كبير على المعلومات والبيانات والأدوات النوعيّة، مع الإشارة إلى أن حركة «عين على الأرض» تؤدّي دوراً محوريّاً في ذلك الشأن. يعتبر تحالف «عين على الأرض» بمثابة القوة الدافعة وراء ذلك الحراك. ويضم التحالف «مبادرة أبو ظبي العالمية للبيانات البيئيّة» (Abu Dhabi Global Environmental Data Initiative واختصاراً AGEDI)، و «الفريق المعني برصد الأرض» Group on Earth Observations واختصاراً GEO)، و «الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة» International Union for Conservation of Nature واختصاراً IUCN)، وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة («يونيب» UNEP)، و «معهد الموارد العالمية» (World Resources Institute واختصاراً WRI). ويجري تطبيق رؤية الحركة عبر ثماني مبادرات تشمل وصول الجميع للبيانات، والتعليم البيئي، وربط شبكات المعرفة، والتنوّع البيولوجي، واستدامة المجتمعات ومرونتها، وإدارة الكوارث، والمحيطات والكربون الأزرق، وأمن المياه. وبات التعاون الدولي أمراً حتمياً، كما أن تكلفة التقاعس عن ذلك باهظة للغاية، إذ يجدر تضافر الجهود للتوصّل إلى تخطيط جماعي لمستقبل يراعي العدالة بقدر كبير في مجالات التنمية البشرية والاقتصاديّة، عبر مزيد من الاهتمام بالبيئة، والحفاظ على الموارد المحدودة لكوكب الأرض. وفي حال غياب ذلك التخطيط، تضحي حياة ملايين البشر، وأنواع لا حصر لها من الحيوانات والنباتات، معرضة لشتى أنواع المخاطر. واستطراداً، هناك استحالة في التوصّل إلى اتخاذ قرارات صحيحة، في غياب المعلومات الدقيقة والشاملة والمتكاملة، وكذلك الوصول إليها في الوقت المناسب. والمفارقة أن الكثير من المعلومات المطلوبة موجود فعلاً، لكنه غير متاح. ومثلاً، عندما تُجري مؤسّسة حكوميّة أو شركة خاصة، تقويماً للأثر البيئي لمشروع معين، غالباً ما تؤرشَف البيانات بمجرد اتخاذ القرارات المعنية. ويؤدي ذلك إلى خسارة تلك البيانات القيّمة التي تمكن الاستفادة منها في مشاريع مستقبلية أو بوصفها معلومات تاريخيّة. وغالباً ما يتم تحمّل تكاليف وأعباء كبيرة لإجراء بحوث مشابهة لأغراض مختلفة. ويتسبّب ذلك القصور في إبطاء كثير من القرارات الحيويّة وتعقيدها، إضافة إلى زيادة التكاليف. تذكيراً، فإنّ باب الانضمام إلى حركة «عين على الأرض» مفتوح للجميع. كما يمكن لأي شخص المشاركة في ذلك المنتدى الذي يحفز التفاعل والتعاون عالميّاً في مجالات بيئيّة واجتماعيّة واقتصاديّة متنوّعة. كذلك عزّزت التقنيّات المتقدّمة والأدوات المبتكرة، القدرة على جمع البيانات ومشاركتها مع من يحتاجها من صنّاع القرار، إضافة إلى إتاحتها للمواطنين في كل أرجاء العالم. وتعتبر تلك اللامركزية، وكذلك تنامي مفهوم «علم المواطنة» أداة للتمكين لأنها تستطيع أداء دور محوري في تلك المهمة، عبر الاستفادة من المعارف النوعية التي يمتلكها الأفراد والمجتمعات عن بيئاتهم ومجتمعاتهم وحاجاتهم الخاصة. وتؤثر القرارات في شأن تحقيق التنمية المستدامة على أهل الكرة الأرضيّة كلهم، بل الأجيال القادمة أيضاً. وعبر النقاش والمشاركة في الرؤى والمعارف، يستطيع الجميع أيضاً أن يؤدّوا أدوارهم في رسم قرارات في التنمية المستدامة، من شأنها رسم ملامح المستقبل، استناداً إلى أفضل المعلومات المتاحة، وأكثرها اتّساعاً. ومن أجل دعم تلك العملية الواسعة، يجب أن تتوافر إرادة سياسيّة حاسمة وواعية في شأن التنمية والاستدامة ومستقبل الكرة الأرضيّة.