أفاد مسؤولون وخبراء عقاريون بأن مهنة الوساطة العقارية أصبحت غير جاذبة للمواطنين في الفترة الأخيرة، مرجعين ذلك إلى تشبع السوق بمكاتب الوساطة العقارية وتراجع أرباحها، بجانب عزوف البنوك عن تمويل المواطنين لتأسيس شركات عقارية جديدة. وكشفت بيانات لدائرة الأراضي والأملاك في دبي، حصلت الإمارات اليوم على نسخة منها، أنه حتى الربع الثالث من العام الجاري لم يدخل السوق العقارية سوى وسيطين عقاريين فقط من المواطنين الإماراتيين، ليصبح إجمالي عدد الوسطاء 623 وسيطاً مواطناً، مقابل 5066 وسيطاً غير مواطن بإجمالي 5689 وسيطاً. الوساطة العقارية وتفصيلاً، قالت مساعد مدير عام دائرة الأراضي والأملاك في دبي، رئيس مركز تشجيع الاستثمار العقاري، ماجدة علي راشد، إن الدائرة لا تدخر جهداً في تطوير قطاع الوساطة العقارية، من خلال الدورات التدريبية، وإطلاق المبادرات والبرامج التي تستهدف دخول مواطني الدولة قطاع الوساطة العقارية، مشيرة إلى أن عدداً من المواطنين يعملون بالمكاتب التي تقدم خدمات الوساطة العقارية. وأكدت أن الدائرة تنظم دورات تدريبية وتثقيفية للوسطاء العقاريين من المواطنين، لتشجيعهم على دخول القطاع، مشيرة إلى مبادرة أطلقتها الدائرة تتضمن برنامجاً يتم تحميله من المتاجر الإلكترونية هو وسطاء دبي، بهدف خدمة قطاع الوساطة. وكشفت بيانات صادرة عن دائرة الأراضي والأملاك في دبي، حول أعداد الوسطاء العقاريين، أن عامي 2008 و2009 شهدا تقارباً في أعداد الوسطاء المواطنين وغير المواطنين خلال تلك الفترة، حيث سجل عام 2008 نحو 375 وسيطاً مواطناً، مقابل 509 وسطاء غير مواطنين. وفي عام 2009 بدأت الفجوة تتسع، حيث تم تسجيل 433 وسيطاً مواطناً، مقابل 786 وسيطاً غير مواطن. وفي عام 2010، تم تسجيل 488 وسيطاً مواطناً، مقابل 1122 وسيطاً غير مواطن. وزادت الفجوة في عامي 2011 و2012، حيث ارتفع عدد الوسطاء المواطنين إلى 569 وسيطاً مواطناً في عام 2011، مقابل 2364 وسيطاً غير مواطن، وفي 2012 تراجع عدد الوسطاء المواطنين إلى 443 وسيطاً مواطناً، مقابل 3001 وسيط غير مواطن. وأشارت البيانات إلى أنه في عام 2013 تقاربت الفجوة بين الطرفين، حيث تم تسجيل 621 وسيطاً مواطناً، مقابل 1617 وسيطاً غير مواطن، مرجعة ذلك إلى تراجع تسجيل وسطاء من غير المواطنين. وأكدت بيانات الدائرة أنه في 2014 زادت الفجوة بشكل ملموس مع تسجيل عدد كبير من الوسطاء غير المواطنين، حيث استقر عدد الوسطاء المواطنين عند 621 وسيطاً، مقابل 4277 وسيطاً غير مواطن. وارتفع عدد الوسطاء المواطنين بشكل طفيف حتى الربع الثالث من العام الجاري، حيث وصل عددهم إلى 623 وسيطاً، مقابل 5066 وسيطاً غير مواطن بإجمالي 5689 وسيطاً. وتشير البيانات إلى أن هناك ثباتاً في أرقام الوسطاء العقاريين من المواطنين المسجلين لدى الدائرة، ولم تسجل أي زيادة منذ عام 2013 وحتى الآن. تراجع الأرباح من جانبه، قال المدير التنفيذي لشركة الرواد للاستشارات العقارية، إسماعيل الحمادي، إن هناك أسباباً عدة لعزوف المواطنين عن الدخول إلى قطاع الوساطة العقارية، فالقطاع الآن غير ما كان عليه قبل الأزمة المالية، حيث شهدت الفترة قبل الأزمة المالية اهتماماً من المواطنين بدخول هذا المجال، بعكس الفترة التي تلت الأزمة، والتي شهدت عزوفاً عن الدخول إلى القطاع. وعزا ذلك إلى تراجع القطاع العقاري والرسوم المفروضة على العقارات والوسطاء من قبل دائرة الأراضي والأملاك في دبي، فضلاً عن الأزمات الاقتصادية العالمية، التي هدأت حركة السوق العقارية في الفترة الأخيرة، وأدت إلى تراجع أرباح شركات الوساطة العقارية، ما أسهم في العزوف عن تسجيل وسطاء جدد، أو تدشين المواطنين لشركات عقارية جديدة. ولفت الحمادي إلى أن البعض يعتبر مهنة الوساطة العقارية من وجهة نظره مهنة ثانوية، وليس لديهم استعداد للتدريب واكتساب الخبرات. إجراءات معقدة وقال الرئيس التنفيذي لشركة ستاندرد لإدارة العقارات، عبدالكريم الملا، إن هناك أسباباً عدة أسهمت في عزوف المواطنين عن المهنة، أبرزها المنافسة الشديدة مع الأجانب، وعزوف البنوك عن تمويل المواطنين لتأسيس شركات عقارية جديدة، وارتفاع تكاليف استخراج رخصة مزاولة المهنة، إلى جانب الشروط التي وضعتها هيئة التنظيم العقاري، وأبرزها تجميد خمسة ملايين درهم، للسماح بممارسة نشاط إدارة العقارات. ووصف الملا هذه الشروط والإجراءات بأنها معقدة وطاردة، ويجب تعديلها بأسرع وقت، مطالباً بتوطين المهنة على غرار المكاتب الهندسية والمحاماة. ولفت الملا إلى أن هناك أخرى تتعلق بالمهنة نفسها، أبرزها نظرة الشباب المواطنين إليها على أنها مهنة ثانوية، مؤكداً أن المهنة ليست سهلة كما يتوقع البعض، وأنها تتطلب شخصاً ذا مواصفات خاصة، قادراً على الالتحام بالسوق والتعامل مع كل الأطراف، وعلى دراية بالإجراءات والقوانين. وتابع أن هناك أسباباً تتعلق بالقطاع العقاري، منها تشبع السوق بمكاتب الوساطة، وتراجع أرباح شركات الوساطة العقارية، ما تسبب في عزوف المواطنين عن الدخول إلى القطاع في الفترة الأخيرة. بدوره، قال الرئيس التنفيذي لشركة إس إيه إس إنترناشيونال للعقارات، سيف بن يوخه، إن هناك منافسة شديدة في سوق الوساطة العقارية، حيث تسيطر مكاتب الوساطة الأجنبية على السوق، خصوصاً في مناطق التملك الحر، بينما تسيطر مكاتب الوساطة التي يديرها المواطنون على أماكن قليلة، فالسوق العقارية في دبي تسيطر عليها مكاتب الوساطة الأجنبية. وألمح إلى أن هناك فجوة كبيرة بدأت تظهر، من خلال تراجع دخول الوسطاء المواطنين إلى السوق، خلال السنوات الأخيرة، مقابل فترة ما قبل الأزمة المالية العالمية، التي كانت تشهد فيها مهنة السمسرة دخول الكثير من الوسطاء المواطنين، نظراً لانتعاش القطاع العقاري، مؤكداً أن تراجع السوق كان سبباً في عزوف المواطنين عن القطاع.