×
محافظة المدينة المنورة

كشافة المدينة تواصل تقديم خدماتها لضيوف الرحمن لمرحلة ما بعد الحج

صورة الخبر

واقعة ضرب الرئيس الروسي نيكيتا خروتشوف حذاءه على منصة هيئة الأمم المتحدة في ستينات القرن الماضي لها أكثر من رواية.. هناك رواية تفيد بأنه في غمرة غضب فعل ذلك احتجاجاً على التدخل الأمريكي في الخليج الكوبي بما يسمى أزمة الصواريخ، وهناك من يقول إن الرجل اندفع من على المنصة الأممية يهاجم النظام الرأسمالي العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية، وهناك رواية تفيد بأن خروتشوف عارض العدوان الثلاثي على مصر في عام 1956 فما كان منه أن ضرب المنصة بحذائه، وعاد إلى مقعده بفردة حذاء واحدة، وترك الأخرى على المنصة ثم أخذ يبتسم. أكثر من رواية في أكثر من مصدر ورقي وإلكتروني، غير أن المهم ليست الواقعة في حدّ ذاتها وليس المهم دقة الرواية طالما أن الرجل فعل ما فعل.. المهم شخصية خروتشوف الذي كلما تستعاد سيرته في مناسبة سياسية أو أممية يبدو وكأنه لم يبقَ منه سوى حذائه.. فماذا كان يفعل اليوم هذا الرجل الذي جاء إلى السلطة بعدما كان راعياً لو أنه يرى ويسمع ما يجري في مجلس الأمن، وفي هيئة الأمم. قبل أيام شاهدت برنامجاً وثائقياً عن زيارة خروتشوف إلى أمريكا بالأبيض والأسود ما يضفي على البرنامج مسحة فوتوغرافية شعرية، وقد بدا الرجل مأخوذاً بالبلد المناقض كلياً للاشتراكية الروسية، لا بل إنه غضب لأن زيارة ديزني لاند لم تكن مدرجة على برنامجه، وكان يبتسم وهو يتلفت يميناً ويساراً مأخوذاً بالنموذج الاجتماعي والثقافي الأمريكي، وببساطة فلاح روسي يدخل المدينة للمرة الأولى. أزيح خروتشوف من السلطة بشكل مفاجئ وبشيء من القسوة والظلم، ومن أزاحه من موقعه أقرب السياسيين إليه، لكنه لم يملأ الكرملين بالدم، لا بل ظل يبتسم، وإن كان تحت الابتسامة الكثير من المرارة. أحببت نموذج شخصية خروتشوف الذي لم يكن يدخن، ويرتدي ساعة لا تزيد قيمتها على خمسة عشر دولاراً، والأهم من ذلك، أنه لم يكن قيصراً أو شبه قيصر. اليوم.. يعود القيصر الروسي إلى الحياة وإلى الذاكرة بثياب وأبهة جديدة. قيصر جديد، لكن ليس في جواره تولستوي أو غوغول أو تشيخوف. قيصر جديد ليس فيه عفوية خروتشوف واندفاعه المجنون في هيئة الأمم المتحدة، وفي مجلس الأمن. قبل أيام قال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إن العالم كان سيصبح أكثر دموية لولا وجود هذه الهيئة الدولية. نشك كثيراً في هذا الكلام، فها هو العالم يغلي وينزف من أضلاعه الأربعة، ويضيق على الشعوب، وينفرج على الطغاة، ويكثر فيه المهاجرون والغرقى والأيتام والجياع والأطفال المصابون بالجنون.. وعلم هيئة الأمم المتحدة يرفرف هادئاً، ومنصتها خالية من حذاء نيكيتا خروتشوف. خروتشوف.. ليس خروفاً جاء يبحث عن الكلأ في شرق البحر الأبيض المتوسط. yosflooz@gmail.com