.. نقل الأستاذ عبدالعزيز الرفاعي في كتيب من تأليفه عنوانه «الحج في الأدب العربي» أن الثعالبي المتوفى عام 429هـ قال عن قريش في مكة المكرمة: «ترد عليهم الأخلاق والعقول والآداب والألسنة واللغات، والعادات، والصور، والشمائل، عفوا بلا كلفة ولا غرم، ولا عزم، ولا حيلة، فيشاهدون ما لم تشاهده قبيلة، وليس من شاهد الجميع كمن شاهد البعض، فكثرت الخواطر، واتسع السماع، وانفسحت الصدور بالغرائب التي تتخذ، والأعاجيب التي تحفظ، فثبتت تلك الأمور في صدورهم، وأضمرت وتزاوجت فتناسلت.. وتوالدت، وصادفت قريحة جيدة وطينة كريمة، والقوم في الأصل مرشحون للأمر الجسيم، فلذلك صاروا أدهى العرب وأعقل البرية، وأحسن الناس بيانا». ولعل الثعالبي رحمه الله يشير إلى دعاء سيدنا إبراهيم عليه وعلى نبينا السلام.. كما جاء في القرآن وهو قوله: {ربنا واجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات}. وما يقاس على مكة المكرمة يقاس أيضا على المدينة المنورة، وقد قيل أن الإبل التي كانت وسيلة الانتقال في العصور السابقة إذا اقتربت من المدينة تسرع بسيرها رغم ما عانته من جهد السفر الطويل: خليــــلي ما للعيس في سيرها تعـــدو ومن قبل أعيت من يسوق ومن يحدو وقد سد الصديق الأستاذ أحمد محمد محمود ثغرة في الأدب العربي بإصدار سلسلة كتاب «رحلات الحج».. وفي أحد الأجزاء سجل لنا ما قاله خالد بن عيسى البلوي الذي رحل للحج من الأندلس عام 736هـ وقال: «وحين وصلنا ثنية المدينة المنورة الكريمة علمنا أن لمشاركة اسمها استحقت الثنايا القبل فشاهدنا نورا خلف العادة اشراقه وعز على ضوء النسرين لحاقه فنظمت ارتجالا هذه القصيدة منها: لاحت معالم يثــــــــــرب وربوعهــــا مثوى الرسول وداره وقـــــراره هذا النخيــــــــــل وطيبـــة ومحمــــد خير الورى طرا وها أنا جـــــاره هذا المصلى والبقيــــــــــع وهـا هنا ربع الحبيب وهـــــــذه آثـــــــاره هذي منــــــــــازله المقدسة الــــــتي جبريل ردد بينهـــــــا تكــــــراره هذي مواضــــــع مهبط الوحي الذي تشفي الصدور من العمى أسفاره هذي مواطىء خير من وطىء الثرى وعلا على السبع العلا استقراره ملأ الوجـــود حقيقــــة إشـــراقـــــه فأضـاء منه ليـــــــله ونهــــــاره والروضة الفيحــــــــاء هب نسيمها والبان بـان ونمَّ منه عــــــــراره وتعطـــــــرت سلع فســل عن طيبها لم لا تطـيب وحولها مختــــــاره بشــــــراك يا قـــلبي فقد نلت المنى وبلغــت ما تهـوى وتختــــــــاره السطر الأخير: أظــــن لها علماً يقينـــــــــــــــاً بأنها مثوى رسول الله قد أصبحـــــــت تغدو