اختلفت مع عدد من المغردين حول قلة ذوق الرجل حين يقول متحدثا عن المرأة: ذهبت الحرمة وقالت الحرمة وفعلت الحرمة، إلى آخره من تعبيرات (الحرملك) التي تتضايق منها المرأة ذاتها وتعتبرها إهانة لها وتحقيرا لشأنها. ولم يكن الخلاف على اللفظ ذاته، بل على معناه الكامن في النفوس والذي يدل على وجود اضطراب في العلاقة بالأنثى. وكان هذا الخلاف نشأ بعد أن كتبت تغريدة ذكرت فيها أنني شاركت في أمسية ثقافية عن التعليم الجامعي في المنطقة الشرقية، وهالني ترديد أحد الدكاترة، عميد كلية علمية، حين ردد أكثر من مرة لفظ (حرمه) وهو يتحدث عن النساء، أستاذات أو طالبات أو مشاركات في نشاطات المسؤولية الاجتماعية في الجامعة. كان بوسعه، وقد تعلم وحصل على شهادته العليا من جامعة خارجية، أن يطور قاموسه اللغوي الأنثوي ويرقي ذائقته لتتناسب مع وضعه الأكاديمي الخاص والاجتماعي العام. وربما أوافق البعض ممن قالوا، أثناء النقاش، لماذا لا تأخذ المسألة على اعتبار أنها مجرد لفظ جرى على لسانه واعتاد عليه، بعيدا عن مقاصد التقليل أو التحقير من شأن المرأة.؟! لكن ألسنا نحن في هذا المجتمع، ومعنا هذا الدكتور، كلنا ذلك الرجل الذي مارس ذات زمن عملية تمييز، لفظي ومعنوي وحسي، ضد المرأة؟ أو ليس الإنسان كائنا متطورا وهذه هي ميزته عن باقي المخلوقات؟ إذا فإنني قد أبرر لمن لا حظ له أو حظه قليل من التعليم حين يتفوه ببعض الأقوال والتوصيفات التي تتنافى مع الذوق، لكنني أبدا لا أقبل ولا أستسيغ من دكتور جامعة، يعلم بناتنا وأبناءنا، أن يظل لفظ (حرمه) معلقا بلسانه إلى درجة تداوله في محفل ثقافي عام. وهذا بالمناسبة، سيدلنا على أمر آخر وهو أن التعليم الأكاديمي لا يكفي إذا لم يكن للشخص حاضنة اجتماعية قابلة للتطور والتجدد والمواكبة. وهو ربما ما يفسر تفاجؤنا أحيانا ببعض أحاديث وتصرفات متعلمين تعليما جامعيا أو عاليا، حيث لا يختلفون، في هذه الأقوال والتصرفات، مع غيرهم الذين لم يبلغوا ما بلغوه من التحصيل العلمي الأكاديمي. ولذلك أعتقد أن القاعدة التربوية الأسرية والذكاء الاجتماعي مهمين للشخص لكي يكون على مستوى التوقعات منه، حين يختلط بالناس ويتحدث معهم أو حين يعبر بلسان صحيح وقاموس محترم عن ما يريد التعبير عنه، وإلا فإنه يضع نفسه في مواقف محرجة له وللمؤسسة التي يمثلها، حين يدل كلامه وتدل بعض ألفاظه على أنه خارج سياق الذوق الاجتماعي العام، سواء قصد ذلك لأنه مقتنع به، أم لم يقصده لأنه تعود عليه وغفل عن تطوير ذائقته وتهذيب ألفاظه وتصرفاته. وهذا يعني ألا عذر لدكتور جامعة، حين يتحدث عن (حرمه) بدلا من أن يتحدث عن امرأة أو سيدة، فأنا لا أتخيله مثلا يقول لزملائه: الشهر القادم سنناقش رسالة (حرمه) بعنوان حقوق المرأة على الرجل.